رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عودة الضمير «2»


فى الجزء الأول من المقال، أشرت إلى ما أكد الرئيس السيسى عليه فى اجتماعه بنخبة من علماء مصر، حول أن منظومة القيم والأخلاق فى المجتمع تعد الحاكم الأول لسلوك المواطنين فى المجتمع، وأنها تقوم بدورٍ جوهرى فى تقدم الشعوب والأوطان، وتمثل حافزاً ووازعاً لمزيد من العمل والإنتاج، فضلاً عن نشر الرُقى والتحضر فى جميع مناحى الحياة سواء فى الشارع المصرىأو على المستويين الثقافى والأدبى. وكان الدكتور محمد غنيم، عضو مجلس علماء مصر قد صرح بأن أعضاء المجلس عرضوا على الرئيس عبد الفتاح السيسى إنشاء لجنة لتنمية الأخلاق والضمير، وتعزيز قيم العمل والانتماء، لتباشر عملها تحت رعاية مؤسسة الرئاسة، موضحاً أن منظومة الأخلاق تحتاج إلى روابط حتى تتحقق، منها الأزهر، والتعليم، والإعلام، موضحاً أنه يجب تحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية حتى تحسن المحتوى الأخلاقى للأفراد.

وأرى أن صناع المادة الإعلامية، وأهل إبداع الفنون بجميع أشكالها ووسائطها ومدارسها قد بات مطلوباً منهم أن يتقدموا الصفوف فى تلك الفترة لإعادة إصلاح ما أفسدته أزمنة القهر والفساد والانفتاح الاقتصادى الإجرامى عبر خطط مدروسة للوصول إلى عقول وقلوب البسطاء بعد أن تم تحذريهم بالأشكال والإطر الإعلامية والفنية المسمومة والرخيصة والمتخلفة، مرة عبر وسائط التديين المغشوش ومرة عبر وسائط التغييب السلطوية الديكتاتورية الماكرة.. لم يعد مستساغاً فى إعلام عصر المعلومات الاعتماد على الرؤية الحالمة المؤسسة على مجموعة انطباعات ساذجة وآراء شخصية ضحلة قد تسيطر عليها بعض الأهواء الذاتية، ولم يعد مقبولاً من تليفزيون الريادة أن يفتقر للعنصر البشرى الناقل والوسيط الجيد المبدع حتى إنه يمكن الجزم أنه وعبر كل القنوات الأرضية والفضائية لم يعد لدينا من يستحق حمل ميكروفون الإذاعة والتليفزيون ليقدم برامج مقبولة فنياً وإعلامياً وثقافياً سوى عدد محدود جداً من مقدمى البرامج، وعليه فقد تم إنقاذ الموقف بالاستعانة بفريق من الصحفيين «وهو أمر قد يرحب به المشاهد فى إطار دعم وإثراء المادة الإعلامية المقدمة» إلا أن ذلك يكشف حالة غياب إدارة واعية تحرص على تقديم المزيد من الوجوه الجديدة الجديرة بتحقيق إضافة إبداعية وبشكل دورى منظم.

وعليه فقد غاب عن الشاشة الصغيرة خصوصيتها وجمالياتها فطالعتنا وجوه غير تليفزيونية «من حيث اللياقة المظهرية والقبول الصوتى والمرئى من إتقان لفنون التواصل الإعلامى المهنى» ..

لعل المشاهد يلحظ أنه وبمجرد كبسة زر على مؤشر التجول بين القنوات الفضائية العربية مدى التقدم الحادث فى التقنيات الفنية والحضور الإعلامى وحداثة الشاشة فى عدد من برامج الفضائيات العربية من حيث المحتوى الثرى ذات الأهداف المدركة والمحددة بعناية، والحرص على تحقيق الجاذبية، والعمل بإيقاع متسارع يحقق التواجد فى كل مواقع الأحداث بمندوبين يمتلكون ناصية الثقافة والتفهم المتميز لقراءة ما يحدث على المستوى المحلى والإقليمى والعالمى وبقدرة على تحقيق السبق الإعلامى.

هل لنا أن نسأل- على سبيل المثال- كيف لشاشتنا الرائدة أن تخلو برامجها من برامج منوعات وأطفال- على سبيل المثال-على مستوى من الإجادة والإبهار والتواصل الجماهيرى يليق بمكانة الإعلام المصرى.. ؟ هل لنا أن نسأل عن حالة عدم التوازن فى المادة الإعلامية لتقديم توليفة متكاملة العناصر حتى صارت هناك نسبة عالية من البرامج فى حالة لهاث خلف نجوم الرياضة والفن والأغانى التافهة هابطة المستوى على حساب البرامج التى قد تقدم بعضاً من الإفادة للمشاهد بتقديم الجديد والمثير والذى يحقق إضافة على أى مستوى.

وفى عدم وعى من القيادات يتم تسطيح المادة الإعلامية حتى إن رئيسة سابقة لإحدى القنوات الإقليمية تصدر قراراً بترحيل موعد إذاعة البرنامج الثقافى والسياسى الجاد الوحيد لديها ليذاع فى الثالثة بعد منتصف الليل حتى لا يراه الناس باعتباره برنامجاً ثقيل الظل .. كما صدر قرار بالاستغناء عن مذيع البرنامج وهو المذيع الوحيد فى تلك القناة الأكثر وعياً وثقافة لترحب به قناة فضائية عربية ناجحة !! .. وللحديث بقية.