رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القمة العربية اللاتينية.. لم تأت بجديد


انتهت القمة العربية اللاتينية الرابعة والتى استغرقت يومين فى مدينة الرياض، وقطعاً تكلفت ما تكلفت وحجبت قيادات العالم العربى عن عملها فى بلادها وهى تعانى من فترة صعبة سواء كانت صعبة سياسياً أو اقتصادياً، أو بيئياً، ولقد تناقشت مع بعض الأصدقاء حول كثرة زيارات الرئيس الخارجية وهى تستغرق قطعاً جهداً من الرئيس ومن مساعديه الذين يكلفون بإعدادالملفات الخاصة بالزيارة، حيث يرى البعض أن رحلات الرئيس مكلفة بطبيعتها، كما أن الرحلات الخارجية تتعلق نتائجها بالأوضاع الداخلية. وهكذا فإن الرئيس يجب أن يهتم أكثر بالأوضاع الداخلية حتى يحقق نتائج ناجحة ومناسبة فى زياراته الخارجية. فى محاولة تفسير زيارات الرئيس الأخيرة وجدت نفسى أشير إلى أن الرئيس فى زياراته الأخيرة كان مكلفاً بتقديم كلمات فى اجتماعات دولية وأنه بقيامه بهذا الدور اضطر إلى السفر فى رحلات خارجية، هذا بالطبع بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى نواجهها والتى يكمن حلها بشكل رئيسى فى التوصل إلى استثمارات خارجية.

واكبت هذه المناقشات زيارة رئيس الجمهورية الأخيرة للرياض لحضور القمة العربية الرابعة والتى مثل فيها الرئيس بلده مصر فى هذا المنتدى والذى عددت ما يمكن أن يصدر عنه وما يمكن أن يحققه كثيراً ما حدثنا عنه الأستاذ الدكتور بطرس بطرس غالى بعنوان «تعاون جنوب جنوب» باعتبار أن العالم النامى أو المتخلف، وفقاً لما قد يراه القارئ، يحيى فى جنوب الكرة الأرضية بينما يعيش العالم المتقدم فى شمالها. لذلك فقد انتظرت ما يمكن أن يصدر عن القمة المذكورة، ولقد كنت أتوقع منه أن يعلن مثلاً عن تنسيق التعاون بين الدول التى شاركت فى القمة التزامها بالتعاون فى مكافحة الإرهاب خاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات عن العناصر الإرهابية وتسليم المجرمين، كما توقعت أن يعمل على التنسيق فى محاولة إيقاف انتشار أسلحة التدمير الشامل، كما توقعت أن تمنح الدول العربية البترولية دول أمريكا اللاتينية ميزات تفضيلية فى مجال البترول مقابل أن تمنح الدول اللاتينية الدول العربية ميزات تفضيلية فى مجال تجارة السلع والبحث العلمى.

هكذا كانت آمالى أن تكون القمة العربية اللاتينية تخدم مصالح الدول المشاركة وتغنيها عن بعض حاجتها إلى الدول الأخرى وتفك أسرها للاستعمار الجديد وكنت قد تذكرت ما سبق أن ذكره الأستاذ محمد حسنين هيكل عن أن حاجاتنا أكثر من مواردنا، عليه فإن حاجتنا إلى العالم أكبر من حاجة العالم إلينا، وهو وضع غير مريح بلا شك، وبناء على ما سبق قررت أن أتابع ما يصدر عن القمة الرابعة المذكورة على أمل ان يكون قد صدر عنها ما يشفى الغليل وما يحقق بعض الآمال.

وجدت أن إعلان الرياض» دعا إلى ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل فى منطقة الشرق الأوسط، واعتماد الحل السياسى فى قضايا المنطقة الساخنة، خاصة فيما يتعلق بفلسطين وسوريا واليمن وليبيا وهو «ولتعذرون»» بما أسميه الإعلان المجانى الذى لا يكلف صاحبه شيئاً، وقد جرى حديث كثير عن تحقيق السلام واعتماد الحل السياسى لكنه لم يغير شيئاً على الواقع وقد زادت القضية الفلسطينية عن ستين عاماً دون تحقيق تقدم مقبول فى حين أن سوريا واليمن وليبيا انضمت مؤخراً إلى القضية الفلسطينية ولا يغير بيان الرياض شيئا عنها. بل إن إعلان الرياض ذهب إلى أنه طالب الإعلان الصادر فى ختام القمة التى استمرت يومين، إسرائيل بالانسحاب الفورى من جميع الأراضى الفلسطينية والعربية التى تم احتلالها عام 1967، بما فى ذلك الجولان السورى المحتل وما تبقى من الأراضى اللبنانية، وتفكيك جميع المستوطنات. وأكد أن «الاحتلال المستمر للأراضى الفلسطينية والنشاط الاستيطانى المتزايد الذى تقوم به إسرائيل يعيق عملية السلام ويقوض حل الدولتين ويقلل فرص تحقيق السلام الدائم»، ومن الواضح أن إسرائيل لن تستجيب لدعوة القمة وإعلان الرياض الصادر عنها.

وعن الأوضاع فى سوريا أكد الإعلان عن الالتزام بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها والالتزام بضرورة التوصل إلى حل سلمى ورفض أعمال العنف ضد المدنيين وأدان انتهاكات حقوق الإنسان وانحى الإعلان بالمسئولية الأولية للحكومة السورية.وطالب الإعلان بضرورة تشجيع التجارة والاستثمار بين الدول العربية وأمريكا الجنوبية، وشدد على أهمية تعزيز التواصل الثقافى والاجتماعى بين الطرفين، وكشف أن القمة المقبلة ستعقد بالعاصمة الفنزويلية كراكاس. وهنا نتساءل عن الجهة التى طالبها الإعلان بتشجيع التجارة والاستثمار وتعزيز التواصل بين الطرفين وقد كان الواجب أن يقرر القادة الخطوات التى سيقومون بها خلال فترة زمنية محددة. أما إعلان الرياض فلم يأت بجديد وأدعو إلى الإصرار على تحديد حلول عملية قبل كل اجتماع أو زيارة.