رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالناصر.. والإخوان


كان الضابط جمال عبدالناصر قد تخرج فى الكلية الحربية عام 1937 وكان قبلها قد سعى إلى معظم الأحزاب السياسية فدخل مصر الفتاة ثم دخل الوفد ثم تعرف على التجمعات الشيوعية وحزب حدتو،

وفى منتصف الأربعينيات ومن خلال اليوزباشى عبدالمنعم عبدالرؤوف والملازم أول حسين حمودة تعرف عبدالناصر على حسن البنا وقامت بينهما علاقة وثيقة ذكرها عبدالناصر بعد ذلك فى إحدى خطبه فى نوفمبر من عام 1965 إذ قال: «أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة فى البلد، يعنى كنت أعرف الشيخ حسن البنا،ولكن ماكنتش عضو فى الإخوان المسلمين.. كنت أعرف ناس فى الوفد وكنت أعرف ناس من الشيوعيين، وأنا أشتغل فى السياسة أيام ما كنت فى ثالثة ثانوى، وفى الثانوى اتحبست مرتين أول ما اشتركت فى مصر الفتاة وده يمكن اللى دخلنى فى السياسة، وبعدين حصلت خلافات وسبت مصر الفتاة، ورحت انضميت للوفد، وطبعاً أنا الأفكار اللى كانت فى رأسى بدأت تتطور، وحصل نوع من خيبة الأمل بالنسبة لمصر الفتاة، ورحت الوفد وبعدين حصل نفس الشىء بالنسبة للوفد، وبعدين دخلت الجيش.. وبعدين ابتدينا نتصل فى الجيش بكل الحركات السياسية ولكن ماكناّش أبدا فى يوم من الإخوان المسلمين كأعضاء أبداً، ولكن الإخوان المسلمين حاولوا يستغلونا فكانت اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار موجودة فى هذا الوقت، وكان معانا عبدالمنعم عبدالرؤوف وكان فى اللجنةالتأسيسية، وجه فى يوم وضع اقتراح قال إننا يجب أن نضم حركة الضباط الأحرار إلىالإخوان المسلمين..

أنا سألته ليه؟ قال: إن دى حركة قومية إذا اتقبض على حد منا تستطيع هذه الحركة أنها تصرف على ولاده وتؤمن مستقبله. وحصل اختلاف كبير.. صمم عبدالمنعم عبدالرؤوف على ضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين وإحنا رفضنا كان طبعاً فى هذا الوقت الشيخ حسن البنا الله يرحمه مات، وأنا كان لى به علاقة قوية ولكن علاقة صداقة ومعرفة.. زى ما قلت لكم ما كنتش أبداً عضو فى الإخوان المسلمين، وأنا لوحدى يمكن اللى كان ليه علاقة بحسن البنا وإخواننا كلهم مالهومش، ولكن كنت بأقول لهم على الكلام اللى يحصل معاه.. نتج عن هذا إن عبدالمنعم عبدالرؤوف استقال وده قبل الثورة بستة شهور، استقال عبدالمنعم عبدالرؤوف وأنا كانت لى علاقة ببعض الناس من الإخوان المسلمين كعلاقة صداقة... وكان لهم تنظيم داخل الجيش، وكان يرأس هذا التنظيم ضابط اسمه أبوالمكارم عبدالحى.. وقامت الثورة.. فى أول يوم من قيام الثورة جالى بالليل عبدالرؤوف ومعاه أبوالمكارم عبدالحى، وطلبوا إننا نديهم أسلحة علشان الإخوان يقفوا جنباً إلى جنب مع الثورة.. أنا رفضت إن إحنا نديهم سلاح، وقلت لهم إن إحنا مستعدين نتعاون.. وبدأ التعاون بيننا وبين الإخوان المسلمين وقلت لهم يشتركوا فى الوزارة بعد كده، ورشحوا عدداً من الناس للاشتراك فى الوزارة، ولكن جه بعد كده تصادم.. اتحلت الأحزاب كلها، وما حليناش الإخوان المسلمين».

كانت هذه هى شهادة عبدالناصر حول علاقته بالإخوان وحسن البنا، هى علاقة صداقة مع المرشد الأول وتعاون أثناء قيام الثورة من خلال عبدالمنعم عبدالرؤوف اليوزباشى الإخوانى إلا أن وجود المستشار حسن الهضيبى كمرشد بعد ذلك كان بمثابة علامة فارقة وافتراق إلى غير رجعة، فقد نظر الهضيبى إلى تنظيم الضباط الأحرار كتنظيم تابع للإخوان ينبغى أن يأتمر بأمره ويحقق رغباته، ورغم أن عبدالناصر بعد الثورة فتح التحقيق فى مقتل حسن البنا، وقام بزيارة قبره فى وجود قيادات الجماعة، كما أن الجماعة نجت من قرار حل الأحزاب، إلا أن حسن الهضيبى لم يركن إلى هذه المواقف وأراد أن يستأثر بالثورة كلها وبالحكم وصمم على أن يقوم الإخوان بتشكيل الوزارة وهو الأمر الذى رفضه عبدالناصر، وترتب على ذلك أن خرج الشيخ أحمد حسن الباقورى من الجماعة فى خلاف شهير، وقد أورد الباقورى بعد ذلك شهادته عن هذا الخلاف وتفصيلات رغبة الإخوان فى الاستئثار بالحكم وحدهم دون غيرهم.

وذات يوم أضمر هنداوى دوير المحامى الإخوانى الذى كان ينتمى إلى منطقة إمبابة فى نفسه أمراً واستعان بالقناص الإخوانى محمود عبداللطيف وجهزه بالسلاح خطط معه على اغتيال عبدالناصر وحينما علم الهضيبى من يوسف طلعت بخبر هذا الأمر الذى يزمع أفراد النظام الخاص تنفيذه ركن إلى السلبية وقال وفقاً لشهادة ومذكرات القرضاوى لا شأن لى بهذا الأمر. وفى مساء يوم 26 أكتوبر من عام 1954 وفى ميدان المنشية بالإسكندرية انطلقت رصاصة الإخوانى محمود عبداللطيف فى اتجاه عبدالناصر وكانت رصاصة طائشة ضلت سبيلها ولكنها كانت هى رصاصة الرحمة التى قضت على علاقة عبدالناصر بالإخوان قضاءً مبرماً