رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قرار "السيسي" بإنشاء وزارة للتعليم الفني أعاد لـ"الصنايعي" مكانته.. والحرفي المصري قادر على النهوض بالمجتمع..

هاني الناظر لـ"الدستور": ثلاث مهن أربكت العقلية المصرية.. ومصر مقبلة على ثورة علمية

جريدة الدستور

أكد الدكتور "هاني الناظر" رئيس المركز القومي للبحوث السابق، علي أن أكثر من 130 ألف عالم بالمراكز البحثية والجامعية يستعدون بأفكارهم لثورة مصر العلمية.

وأوضح في حواره "للدستور"، أن التعليم والصحة والبحث العلمي ثلاثي الدول العظمي للتقدم، وأن الثورة الثالثة ثورة فكر لتصحيح المفاهيم، لافتًا إلى أن البعثات العلمية أصبحت وسيلة لهروب شباب الباحثين.

** بداية.. هل تعتقد أننا في حاجة إلى ثورة ثالثة؟ أم إلى ثورة علمية فكرية تغير عقول المصريين فيشعرون التغيير؟

فكرة الثورة الثالثة فكرة مستبعدة لأن الثورات لا تحدث كل عام، وهناك شواهد تؤكد علي أننا نتجه إلى الاستقرار، من انحصار للازمات، وشعور بالأمان رغم استمرار العمليات الارهابية ولكن بمعدلات أقل، وتحسن الحالة الاقتصادية، وتعافي السياحة، وأتمنى أن يكون منهج الدولة في الفترة القادمة العلم والاستعانة بالعلماء والبحث العلمي.

** ما هي الأولويات التي يجب العمل عليها لتحقيق طموحات المواطن المصري؟

أتوقع أننا خلال الأربع سنوات القادمة سوف نتمكن من تحقيق قفزات كبيرة، سواء في المجال الاقتصادي أو العلمي، يكفي أن هناك نية لامتلاك استراتيجية بحثية، فإذا كان هناك بحث علمي صحيح ستنتهي جميع المشاكل في الزراعة والصناعة والصحة، كما أن مقاومة "فيروس سي" لأول مرة خطوة ايجابية، إلى جانب العديد من المشروعات القومية مثل قناة السويس.

** في رايك ما هي السلبيات التي يجب تلافيها حتى يتوافق مستوى طموحات الرئيس والشعب، ومتى نرى صف ثاني من القيادات الشابة موجود في الحكم؟

من الطبيعي أن نجد سلبيات في هذه الفترة، فمنذ أربع سنوات ونحن نعيش فوضى عارمة، وحكومة المهندس إبراهيم محلب جاءت في ظل ظروف صعبة، أي حكومة أخرى كانت ستواجه نفس الصعوبات، وقد أدت دورها، ولكن الفترة القادمة تحتاج إلى قوة دفع أكبر، تحتاج الى أفكار خارج الصندوق، وعلينا أن نركز على ثلاثة قضايا لتحقيق طموحات المواطن، وهي التعليم والبحث العلمي والصحة.

**كيف نوجه الشباب حتى يشارك الحكومة ويصبح عضوًا فاعلًا؟

الأحزاب السياسية فشلت في تدريب الشباب سياسيًا، والجميع يعلم أن الاحزاب هي مطبخ إعداد الكوادر السياسية الشابة التي تتولى القيادات، ولكن الأحزاب بعيدة عن هذا الأم؛ ولذلك يوجد عزوف من الغالبية العظمى للشباب للانضمام إليها.

**هل ظلت هذه الأحزاب كرتونية لسنوات طويلة؟

مصر بها أكثر من 100 حزب يجب أن تنشغل بقضية الشباب، فليس من المعقول أن يكون معظم قيادات الأحزاب تخطوا السبعين عامًا، فلابد أن يكون بالاحزاب برامج لجذب الشباب لكي تعدهم سياسيًا.

** ما هي أسباب تأخر تحقيق الاستحقاق الثالث والأخير؟

الأحزاب السياسية تتحمل المسئولية في هذا التأخير، فوضع الأحزاب والصراعات وعدم الإتفاق والاختلاف الموجود بينهم، هو سبب تأجيل الانتخابات حتى الآن.

**العالم المتقدم لا يوجد فيه سوى حزبين أو ثلاثة أحزاب أقوياء يتنافسون وعدد من الأحزاب المساعدة ما تعليقك؟

إذا كانت هذه الأحزاب تعمل لمصلحة الوطن وتتناسى الأهواء الشخصية وانضمت معًا وكونت كيانات عملاقة سيكون لها مردود إيجابي.

**هل تعتقد أن أي انتخابات الأن ستعيد كوادر الحزب الوطني أو الإخوان؟

الحزب الوطني لم يعد له وجود، وكوادره انضمت لكل الأحزاب، لكن في الانتخابات سينجحون من خلال مقاعد المستقلين نتيجة ضعف الأحزاب، التي تهرول خلف القائمة.

**البعض يتحدث عن المصالحة هل تعتقد أنها ستحدث بالفعل؟

يجب أن نحترم القضاء، وجميل أن نكون كيان واحد، ولكن يجب أن يكون على أسس، فيجب بأن تتوقف كل العمليات الإرهابية، فيجب أن يظهروا كل الدلائل التي تؤكد رغبتهم في التوبة.

** في رأيك لماذا فشلنا بعد 25 يناير؟

العيب كان فينا، لأننا ظللنا في حالة فوضى، فطيلة أربعة سنوات توقفنا عن العمل، وتفرغ البعض مننا للهدم، كل ما يهم البعض أن يتظاهر والبعض الأخر أن يظهر في الاعلام.

** آلا ترى أن الإعلام شارك بشكل رئيسي في ذلك؟

بالتأكيد.. فمشكلة الإعلام أن الكثير من العاملين فيه لم يستطيعوا التفرقة بين النشاط السياسي والعمل الصحفي وهذا خطأ، فالإعلام كالقضاء جهة حياد، ولكن للإسف البعض خلط بين العمل السياسي والعمل الإعلامي، فاصبحوا يعبرون عن آراءهم الشخصية.

**"الناشط والخبير والمحلل" ثلاث مصطلحات بدأت تظهر في الساحة الاعلامية، ألا ترى أنها ساهمت في إرباك العقلية المصرية؟

الكثير مما تابعتهم وظهروا في الاعلام بهذه المسميات، ليس لهم أي علاقة بالتخصص تمامًا، وهذا أربك غالبية المصريين الذين لا يعرفون سوى أنهم يسمعون من القنوات المختلفة آراء متضاربة من الخبراء والمحليين.

**هذه هي الثورة الثالثة؟

بالتأكيد.. فالثورة الثالثة ثورة فكرية، على الاخطاء أو تصحيح المفهوم الخطأ.

**كيف تنهض مصر من واقع التجربة الماليزية؟

نحن في حاجة إلى التعليم والبحث العلمي والصحة، وعلينا أن نضع استراتيجية "عشرية"، لنصل بعد عشر سنوات إلى مستوى الصين والهند وماليزيا.

**ألا ترى أننا في حاجة لربط العملية التعليمية بالاحتياج وبالانتاج؟

هذا صحيح.. لكن في نفس الوقت لا يمكن فرض نوعية التعليم، علي الشباب أن يتعلموا كما يرغبون ثم نوجههم للأفضل، وأعتقد أن السوق المصري في المرحلة المقبلة في حاجة الي التعليم الفني.

**ألا ترى أن ومصر لم تضعف إلا بعد تسريب الحرفيين خارجها وقت الاحتلال العثماني؟

ظلت مصر حتى ثورة 23 يوليو لا يوجد بها حرفة، فالحرفيين والنجاريين والسباكين كانوا يسافرون إلى الخارج.

**ماذا حدث للحرفة المصرية؟

تركناها للعشوائيات، فلا يوجد تعليم حرفي بمعنى الكلمة، لذلك أرى أن فكرة وزارة التعليم الفني فكرة ذكية، لأن مستقبلنا في الصناعات المصرية المتوسطة.

**لماذا لم تفعل خريطة الثروات المعدنية حتى الأن؟

الباحثون المصريون يقومون بعمل المئات من الأبحاث والدراسات وينشرونها، وليسوا معنيين بالذهاب إلي المسئول لاقناعة بالاستفادة منها، فدور الدولة أن تبحث عن خريطة الثروات المعدنية من قسم الجيولوجيا بالمركز وتقدمها لوزارة البترول.

**ما طرحت يؤكد وجود اشكالية غياب حلقة الوصل بين الباحثين والدولة ومؤسسات الانتاج؟

وزارة البحث العلمي مسئولة عن ذلك، وكان لا بد أ يكون هناك قطاع للتسويق، مسئوليته إيجاد حلقة الوصل بين المعمل ومواقع الانتاج.

** البعض طالب بإنشاء الباحثين لشركات ما تعليقك؟
هذا خطأ كبير، لأنها ليست مهمته وستجعلة تاجرًا وليس باحثًا.

**متى يصل إلينا مفهوم الاستثمار العلمي؟

علينا أن نصل إلي تلك المرحلة، مرحلة الاستفادة المادية من الأبحاث العلمية التي تقبع في مخازن المراكز، فالمؤسسات الانتاجية في الخارج لديها مكتب للتواصل مع الوزارات للتواصل مع المراكز البحثية والاستفادة من أبحاثها.

** آلا تري اننا في حاجة الي اعادة صياغة جديدة لمفاهيم الأمن القومي؟

هذا دور الحكومة ودور الوزارات المختصة، فوزارة الصحة مسئولة عن صحة المواطن، نفس الشيء في التعليم والزراعة، وعلينا أن نضع آليات واستراتيجيات لكل جهة ووزارة لتقديم خدماتها للمواطن بشكل يحافظ علي الأمن القومي.

**ما هو تقيمك لحركة البعثات الخارجية والتي أصبحت تذهب ولا تعود؟

البعثات أصبحت وسيلة لهروب شباب الباحثين، واغلبهم يدخلون المراكز البحثية للحصول على درجة الدكتوراه ليخرج في بعثة خارجية إلى أي دولة ولا يعود، لذلك طالبنا باستراتيجية وبرامح للاستفادة من العقول المصرية في الداخل والخارج.

** ولماذا لا يعودون مرة أخرى؟

شباب الباحثين معذور ويجب أن نساعدهم للعودة، عن طريق خلق مناخ ووظيفة مناسبة، فهو في الخارج يجد نظام، ومشروع نوبل بالمركز كان تجربة ناجحة ولكنها لم تستكمل.

** تخصصات مثل "الكيمستري، السيبرينتكس" لا وجود لها في مصر، فلماذا يعودون؟

سيعودون.. إذا وجدوا وظيفة لتلك المجالات في مصر، لأن كل مصري يريد أن يعود إلى بلده.

** في رأيك لماذا فشل البحث العلمي في تقديم مردود حقيقي، وهل تري أن ضعف الميزانية لها مسئولية مباشرة؟

لم يكن العنصر المالي عائقًا أمام تقدم البحث العلمي، مشكلتنا الدائمة في الأرادة والادارة، واليوم اصبحت الارادة موجودة، ولكن الادارة غائبة عن منظومة البحث العلمي.

**تقصد من خلال ربط البحث العلمي بمشاكل المجتمع؟

ما فائدة العلماء إذا ما تم توجيه البحث العلمي ليعمل بمعزل عن مشاكل المجتمع، فالباحث يبحث عن حلول لمشاكل المجتمع، والدول التي لديها بحث علمي متقدم يكون بها مستوى معيشة مرتفع.

**معنى ذلك أنه يمكن تجاهل بعض الأبحاث التي يراها البعض رفاهية مثل بحوث الفضاء وبحوث الطاقة النووية؟

الأولويات تحتم علينا ذلك، فنحن في حاجة إلى أبحاث تكنولوجيا صغيرة، وعندما نكبر نصنع تكنولوجيا السيارات والدبابات والغواصات ونغزو الفضاء، ولكن لا يمكن أن نفعل كل شيء في وقت واحد.

**وما هي الأولوية التي تراها للمرحلة القادمة؟

يجب أن نبدأ في بحوث صناعة الدواء لأننا لدينا الإمكانيات، ولدينا بتروكيماويات وعلماء وباحثين ونستطيع أن نصبح دولة مصدرة.