رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دروس من الكنيسة الروسية الشقيقة


من يطالع التاريخ بنظرة ثاقبة وفكر مستنير وروح سمحة يجد العديد من الدروس النافعة للمستقبل. ومن بين هذه الدروس ما تقدمه لنا الكنيسة الروسية الأرثوذكسية. الكنيسة الروسية الأرثوذكسية تأسست فى القرن العاشر الميلادى – أى بعد تأسيس الكنيسة القبطية على يد القديس مرقس الرسول بعشرة قرون! – على يد فلاديمير الأول أمير كييف «المعروف لاحقاً بالقديس فلاديمير» الذى أعتنق المسيحية فى عام 988م، ودعا جميع رعاياه لاعتناق المسيحية. ومع قدوم القرن 14 أستقر مقر رئيس أساقفة كييف وسائر أنحاء روسيا فى موسكو. وفى عام 1589م نال رئيس الكنيسة الروسية لقب بطريرك، واضعاً نفسه بمرتبة بطاركة الإسكندرية وأورشليم وأنطاكية والقسطنطينية.

حدث فى القرن 17 أن تسببت الإصلاحات غير الواعية وغير المدروسة وغير القائمة على تعاليم آباء الكنيسة والتى أستنها البطريرك «نيكيتا مينون» Nikita Minin «1605 – 1681م» بانقسام فى جسم الكنيسة الروسية، مما حدا بالإمبراطور بطرس الأول فى عام 1721م بإلغاء البطريركية جاعلاً الكنيسة من مؤسسات الدولة يدير شئونها مجلس للإساقفة، وذلك إنقاذاً للأرثوذكسية من الانهيار فى روسيا. ثم أعيد تأسيس البطريركية عام 1917 قبل شهرين من بدء الثورة البلشفية وذلك بتنصيب «تيخون» كبطريرك للكنيسة والذى تم سجنه فى عام 1925 ثم قُتل بأمر السلطات. وفى عام 1991 – عقب إنهيار الشيوعية فى روسيا – عاد إلى الكنيسة الملايين من الروس، ثم خلف البطريرك «تيخون» خمسة من الآباء البطاركة، آخرهم البطريرك «كيريل» – أى كيرلس – منذ عام 2009. لكن حدث أيضاً – بسبب السياسات غير الواعية والبُعد عن تقاليد الكنيسة – أن أنفصلت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية فى الولايات المتحدة الأمريكية عن الكنيسة الأم فى موسكو!! فى عام 1970 «فى حبرية البطريرك اليكسيوس الأول». ألعل فى هذه الدروس ما هو نافع لكنيستنا. حدث أخيراً أثر الأقتراح الذى تقدم به البابا فرنسيس الأول – بابا الفاتيكان – فى توحيد عيد القيامة بين مختلف الكنائس المسيحية، أن أعلن الأب «نيكولاى بالاشوف» نائب رئيس قسم العلاقات الخارجية فى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية: «إن كانت الكنيسة فى روما تريد التخلى عن موعد عيدالفصح وفقاً للتقويم الغريغورى الذى بُدءَ العمل به منذ القرن 16 والعودة إلى التقويم اليوليانى القديم الذى اُستخدم عند أتحاد الكنيسة فى الغرب والشرق، فهذا الأقتراح موضع ترحيب. لكن إن كان الهدف هو تحديد موعد ثابت غير مرتبط بإكتمال القمر لأول مرة فى الاعتدال الربيعى، الذى وضعه مجمع نيقية عام 325م لتتبعه الكنائس الغربية والشرقية، فهذا الأقتراح مرفوض تماماً من الكنيسة الأرثوذكسية، وسننتظر إعلاناً من المصادر الرسمية للفاتيكان». تحية لكنيسة الأرثوذكسية الروسية الشجاعة – التى تُعد حديثة الإيمان بالنسبة للكنيسة القبطية بعشرة قرون – فى موقفها المُحدد والصريح بشأن تصريحات بابا الفاتيكان، فى الوقت الذى تبنى فيه بعض من أساقفة الكنيسة القبطية نفس الفكر المخالف لتعاليم الرسل وقرارات المجامع المسكونية!

أستاذ بكلية الهندسة ــ جامعة الإسكندرية