رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى افتتاح الكاتدرائية


 24 يونيو يوافق ذكرى افتتاح الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية فى عام 1968 فى حضور الرئيس جمال عبدالناصر والإمبراطور هيلاسلاسى الأول ورؤساء ومندوبى كنائس العالم، وفى حبرية البطريرك الزاهد الناسك البابا كيرلس السادس «1902 – 1971» البطريرك 116. وكان الرئيس جمال عبدالناصر قد طلب من البابا كيرلس السادس – فى إحدى زياراته للرئيس عبدالناصر بمنزله بمنشية البكرى بحى مصر الجديدة فى عام 1965 - أن يقوم ببناء كاتدرائية كبرى تليق بمكانة الكنيسة القبطية فى أفريقيا. فما كان من البابا إلا أن قال له: «يا سيادة الرئيس من أين نأتى بالمال اللازم لذلك؟ فالعين بصيرة واليد قصيرة!!». وهنا – كما يذكر السيد سامى شرف- سكرتير الرئيس للمعلومات- فى حديث له بجريدة «الأهرام» الصادر فى 15 يونيو 2015 – أن الرئيس عبدالناصر قرر على الفور أن تسهم الدولة بمبلغ 167 ألف جنيه، وأن تقوم شركات المقاولات العامة التابعة للقطاع العام بعملية البناء للكاتدرائية الجديدة، ويضيف السيد سامى شرف أنه توجه مع المهندس عدلى أيوب إلى البطريركية وقام بتسليم البابا كيرلس الشيك وبدأت عمليات البناء على الفور، وكان الافتتاح فى تذكار مرور 19 قرناً على استشهاد القديس مرقس كاروز الديار المصرية وأيضاً استعادة بعض من رفاته الموجود بكاتدرائية القديس مرقس بمدينة فينيسيا بإيطاليا، وكان البابا كيرلس فى عام 1965 قد شكل لجنة مالية لمتابعة بناء الكاتدرائية وتدبير المال اللازم، فأصدرت اللجنة دفاتر تبرعات من فئات: 25 قرشاً، 50 قرشاً، واحد جنيه، خمسة جنيهات، ومن هنا فقد اشترك المصريون بمختلف أعمارهم ودياناتهم فى المساهمة فى بناء هذا الصرح المقدس، ومازلت أحتفظ بأحد هذه الإيصالات التى اعدت إعداداً جيداً.

بهذه المناسبة أتذكر القصة التالية: فى عام 1968 قام البابا كيرلس السادس بتشكيل الوفد الرسمى الذى يسافر إلى روما لمقابلة البابا بولس السادس – بابا الفاتيكان – لتسلم رُفات القديس مرقس. كان يرأس الوفد الأنبا مرقس مطران أبى تيج «1906 – 1977»، وكان المتحدث الرسمى سيادة المستشار فريد الفرعونى «1905 – 1990»- وكيل المجلس الملى السكندرى- ذكر لى سيادة المستشار تلك القصة: بعد أن تشكل الوفد البابوى، ذهب سيادة المستشار إلى البابا كيرلس السادس وقال له: «من بروتوكول الزيارات، على الوفد البابوى أن يقدم لقداسة بابا روما هدية من كنيسة الإسكندرية». فقال له البابا: «يا ابنى حنجيب منين هدية واحنا كنيسة فقيرة!!». فقال سيادة المستشار: «أطلب من قداستكم الموافقة على أن أتصرف فى هذا الأمر». فأجاب البابا بالموافقة مع الدعاء بالبركة. توجه سيادة المستشار إلى صديقه الحميم المهندس رمسيس ويصا واصف «1911 – 1974» بالحرانية وعرض عليه الأمر. فما كان من المهندس رمسيس إلا أن اختار سجادة كبيرة المساحة «تغطى حائطا ارتفاعه أربعة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار» تمثل قصة يوسف الصديق، قام سيادة المستشار باصطحاب السجادة إلى البابا كيرلس السادس الذى شكره على تعبه والمهندس رمسيس على عطائه.

توجه الوفد البابوى إلى الفاتيكان وفى مقابلة البابا بولس السادس تم تقديم الهدية باسم البابا كيرلس السادس، الذى توجه بدوره بكلمات شكر للبابا كيرلس، ومازال متحف الفاتيكان يحتفظ بهدية الكنيسة القبطية.عندما كانت الكنيسة فقيرة فى المال، كانت غنية فى الروحيات، متمتعة بحياة النعمة والسلام الداخلى.

أستاذ بكلية الهندسة - جامعة الإسكندرية