رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منهج الرعاية فى الكنيسة القبطية


الراعى فى الكنيسة مكانه لخدمة الإنسان الصالح والطالح طواعية وليس إجباراً، حباً وليس إكراهاً. فعند إقامة الراعى فى الكنيسة سواء كاهناً أو أسقفاً أو بطريركاً «الذى هو أسقف الإسكندرية» يعرف مسبقاً أنه مدعو إلى التعب. فعندما لا يجد وقتاً للنوم فإن هذا ليس تفضلاً منه ولكن هذا من صميم خدمته. والصلوات الكنسية التى سوف أقدمها الآن تؤكد المنهج الصحيح الذى تقوم عليه الرعاية فى الكنيسة القبطية.

«1» الكنيسة القبطية بها كتاب يحمل اسم «الأجبية» وهذه الكلمة مأخوذة من كلمة «أجب - AGEB» القبطية التى تعنى “الساعة”. فالكنيسة القبطية بها عدد سبع صلوات «أو سواعى» يومية. فى ختام كل صلاة توجد صلاة يرددها البطريرك والأسقف والكاهن والشماس وكل فرد من الشعب تقول فى أحد مقاطعها: «.. لأنك – أى الله – تحب الصديقين وترحم الخُطاة الذين أولهم أنا ..». من هنا فإنه لا يوجد أحد مُبرر أمام الله، ليس هذا فحسب، بل إن كل فرد فى الكنيسة يعتبر نفسه أول الخُطاه ليفوز برحمة الله وتحننه.

«2» فى صلوات القداس التى يرأسها البطريرك أو الأسقف أو الكاهن، وردت الصلاة الآتية: «أذكر يارب ضعفى أنا أيضاً وأغفر لى خطاياى الكثيرة .. ومن أجل خطاياى خاصة ونجاسات قلبى لا تمنع شعبك نعمة روحك القدوس»، وهنا البطريرك والأسقف والكاهن ينسب لنفسه الخطايا والأخطاء ويطلب من الله الغفران ولا يمنع نعمته عن شعبه.

«3» الكنيسة – على مدار السنة – لها ترتيب مُعين فى القراءات منذ عشية اليوم ثم باكر اليوم التالى وبعد ذلك أثناء القداس، وهذه القراءات ملتزمة بها جميع الكنائس من الإسكندرية إلى أسوان وكل الكنائس القبطية ببلاد المهجر. يحدث فقط فى يوم رسامة أسقف الإسكندرية الذى يحمل لقب «بابا و بطريرك»، أن يتم تغيير تلك القراءات فقط فى الكاتدرائية التى تتم بها طقوس الرسامة، أما بقية الكنائس فملتزمة بالقراءات المخصصة لذلك اليوم. الكنيسة أختارت فى قراءات قداس رسامة البطريرك الأصحاح العاشر من أنجيل القديس يوحنا الذى يتحدث عن الراعى الصالح، وجاء فيه: «..أَنَا هُوَ الرَّاعِى الصَّالِحُ، وَالرَّاعِى الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ. وَأَمَّا الَّذِى هُوَ أَجِيرٌ، وَلَيْسَ رَاعِيًا، الَّذِى لَيْسَتِ الْخِرَافُ لَهُ، فَيَرَى الذِّئْبَ مُقْبِلاً وَيَتْرُكُ الْخِرَافَ وَيَهْرُبُ، فَيَخْطَفُ الذِّئْبُ الْخِرَافَ وَيُبَدِّدُهَا. وَالأَجِيرُ يَهْرُبُ لأَنَّهُ أَجِيرٌ، وَلاَ يُبَالِى بِالْخِرَافِ. أَمَّا أَنَا فَإِنِّى الرَّاعِى الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِى وَخَاصَّتِى تَعْرِفُنِى ..». ومن هنا يدرك البطريرك الرسالة التى هو مُقبل عليها والمُلتحفة بالتعب.

«4» فى بداية الصلاة يقف البطريرك أو الأسقف أو الكاهن أمام باب الهيكل ووجهه نحو الشعب طالباً بركة قديسى الكنيسة على مر العصور وآباء المجامع المسكونية ثم فى الختام يضيف عبارة «وعن حقارتى وضعفى». فمن هنا لا يجب أن تخالف الكنيسة قرارات المجامع المسكونية، ثم قبل بداية صلوات القداس يقف أمام باب الهيكل مرة أخرى ويقول للشعب: «أخطأت سامحونى». لذلك فمنهج الرعاية فى الكنيسة يقوم أساساً على تعب الراعى مع رعيته – بالحب والبذل – حتى يجد فى قلب كل إنسان موضعاً للرب ومسكناً للإله الصالح محب البشر.

أستاذ بكلية الهندسة ــ جامعة الإسكندرية