رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبل وفاته عدد أفلامة تجاوز عمر السينما المصرية..

اليوم.. الذكرى الـ101 لميلاد "شيخ المخرجين" هنري بركات

هنري بركات
هنري بركات

تمر اليوم الذكرى الـ101 لميلاد أحد رواد الإخراج في السينما المصرية، وتُدرج معظم أفلامه ضمن قائمة أفضل مائة فيلم مصري، سبعون عامًا كان عمر السينما المصرية، بينما قام هو بإخراج أكثر من 100 فيلم خلال مشواره الطويل، حيث لم يترك شغفه بالإخراج حتى بعد تجاوزه الثمانين عامًا، أنه المخرج الكبير الراحل "هنري بركات"، الذي لقب بـ "شيخ المخرجين".

ولد هنري بركات في 11يونيه عام 1914 بحي شبرا بالقاهرة، لعائلة من أصل لبناني، حصل على ليسانس الحقوق وبعدها سافر إلى باريس ليدرس الإخراج السينمائي على أصوله، ليعود إلى مصر ويبدأ رحلة الفن الطويلة، بعد أن تخرج من كلية الفنون الفرنسية بالمنيرة عام 1935.

اكتشفته وقدمته الفنانة والمنتجة آسيا داغر، حيث كانت تبحث عن مخرج لفيلم جديد بعد أن تركها المخرج أحمد جلال، كان أكثر المخرجين إنتاجًا للأعمال السينمائية، فهو ثالث ثلاثة مخرجين اقتربوا من المائة فيلم، والاثنان الآخران هما نيازي مصطفى وحسن الصيفي، فنصف أفلامه أو يزيد هي كلاسيكيات في السينما المصرية.

بدأ "بركات" حياته الفنية كمساعد مخرج، حيث لقب بـ"شيخ المخرجين"، ولم يقتصر اهتمامه بالإخراج فقط، بل استطاع أن ينمي وعيه وإدراكه الخاص بالمونتاج كي ينعكس ذلك على عمله كمخرج، وتنبه في وقت مبكر إلى ضرورة البحث عن كتب تتحدث عن المونتاج، وكان أول من نبهه لذك هو المصور "كياريني" وذلك في أول فيلم قام به، ومن هنا بدأ العمل كمساعد مونتير مع الفنانة ماري كويني، ومن خلال مشاهدته لها أثناء العمل، حرص على الاستفادة القصوى من كل ما يراه، فكان يقوم بتوجيه الأسئلة عن التقنيات التي كانت تستخدم آنذاك، وكيف يتم تنفيذها، ومتى يتم استخدام إحدى هذه التقنيات؟.

أثرى "شيخ المخرجين" الساحة السينمائية بأكثر من 100 فيلم بدأها بفيلم "الشريدة" عام 1942 بطولة حسين رياض وزكي رستم، حيث قدم تراثًا كبيرًا من الأعمال الروائية، لم يكن بركات نصيرًا لرأي معين أو بيئة بعينها، وهو ما تلاحظه بأفلامه المتنوعة جدًا، استطاع إخراج أفلام تعبر عن الريف المصري مثل ما ظهر بفيلم ''حسن ونعيمة''، و''الحرام''، أخرج أفلام تُعني بالمقاومة الشعبية مثل فيلم ''في بيتنا رجل" و''الباب المفتوح''، كما أخرج عدة أفلام شبابية بالتعاون مع محمد عبد الوهاب، وهو ما تم ذكره بلوحة كبيرة معروضة، مثل فيلم ''أيام وليالي''.

قدَّم مجموعة من الأفلام الغنائية لأبرز المطربين المشهورين، فكان رائدًا من رواد الرومانسية في السينما المصرية، حيث قدم عشرة أفلام مع فريد الأطرش وثلاثة أفلام لعبد الحليم حافظ، وثلاثة أفلام لليلي مراد، وفيلمين لصباح، وفيلمين لمحمد فوزي، وفيلمين لفيروز، وفيلمين لهدي سلطان.

شكل "بركات" ثنائى رائع مع الفنانة القديرة الراحلة فاتن حمامة، حيث قدم معها 18 فيلمًا من أبرزها " دايما معاك"، و"ارحم دموعي"، و"الخيط الرفيع"، و"ليلة القبض على فاطمة"، و"أفواه وأرانب"، و"دعاء الكروان"، وتم تكريمه في مهرجان "مونبييه" الفرنسي عام 1992مع سيدة الشاشة العربية وخصص لهما أسبوعًا كاملًا.

كان يدين لبديع خيري بالكثير، حيث كان يحثه على ألا يتوقف عن العمل، وألا يختار، عليه أن يفعل كل شيء؛ ولذلك فإن أعماله كانت خليطًا مدهشًا من كل الألوان، ربما لهذا لا تستطيع أن تسرد قائمة سريعة له.
ظل يعمل حتى تجاوز الثمانين، واستمر عطاؤه الفني لأكثر من نصف قرن حتى كانت آخر أعماله "تحقيق مع مواطنة" بطولة فاروق الفيشاوي، وسهير رمزي عام1993، وهو لم يعتزل بعدها، بل كان مستعدًا للعمل طالما استطاع ذلك، غير أن هذا لم يكن ممكنًا، خاصةً بعد الخلافات التي حدثت بينه وبين منتج فيلمه الأخير، الذي قام بتقفيل الفيلم وطرحه بالأسواق دون أن يعرف "بركات" بهذا، وأخيرًا كرمته الدولة عام 1996 بمنحه جائزة الدولة التقديرية؛ تقديرًا لعطائه وإبداعه المتميز في مجال السينما، حتى توفي في 23 فبراير عام 1997.

حصل بركات على عدد من الترشيحات والتكريمات الرفيعة خلال مشواره الغزير فترشح عام 1959 لدب مهرجان برلين الذهبي بفيلمين دفعة واحدة هما "حسن ونعيمة، ودعاء الكروان"، وترشح للسعفة الذهبية من مهرجان كان الرفيع عام 1965 عن فيلمه "الحرام"، وفاز بجائزة أفضل فيلم عام 1964 عن فيلم "الباب المفتوح" من مهرجان جاكارتا، و أيضًا جائزة الذكر الخاص لمهرجان فالنسيا السينمائي الدولي عام 1984 بفيلمه "ليلة القبض على فاطمة"، وفي مصر توج قبيل نهاية حياته الفنية بعدد من أرفع الجوائز الثقافية فحصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 1995، كما حصل على وسام من مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 1991، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1994.

بعد مشوار طويل وحافل بالأعمال النادرة الآن، توفي بركات في 23 فبراير عام 1997، عن عمر ناهز 82 عامًا تاركًا تراثًا فنيًا لايقدر بثمن.