رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ماعت» لن تموت على أرض مصر


كلمة «ماعت» Maet كما كان يفهمها المصرى القديم، تحمل الكثير من المعانى والقيم الرفيعة – كما يقول الأستاذ الدكتور على رضوان – التى ترتبط بالحق والحقيقة، الصدق والمصداقية، العدل والعدالة، النظام والانتظام. فكانت بالنسبة لهم ناموس الحياة ومناهجها من أجل أن يكون خير البشر والكون، فهى تحمل معنى اتباع السلوك السليم والنهج القويم والخلق الكريم لكل من أراد أن يسير فى طريق الحق والفضيلة.

فكيف يتخيل – قوم بيننا – أنه يمكنهم أن يقضوا على «ماعت» فى مصر، أو حتى يهددوها؟ لقد رأينا أفراد العصابات الإرهابية يتعقبون رجال القضاء الشرفاء الذين حكموا بالعدل ونطقوا بالحق بعد فحص دقيق لملفات أعمال تلك الجماعات الإرهابية، وظن هؤلاء الإرهابيون – خطأً – أنه يمكنهم إرهاب «ماعت» أى العدل، ويثنوا رجال القضاء عن أداء واجبهم المقدس!! إن رجال القضاء المصرى هم أبناء «ماعت»، حتى إن الحكيم المصرى «بتاح حوتب» – فى الدولة القديمة – أحد الذين مجّدوا ظهور «الماعت» على الأرض، يقول: «عظيمة هى «الماعت»، ذلك أنها ذات قوة فعالة خالدة، وأنها لا تتغير ولا تتبدل منذ زمن الذى أوجدها – أى «رع» رب الشمس». فبفضل «ماعت» السماء تكون فى سلام والأرض فى سرور. وهنا نقرر أنه بفضل «ماعت» سوف يعُم الخير والأستقرار والأمان والسلام كل ربوع أرض مصر. لترفع القوى الخارجية أيديها عن الأحكام العادلة للقضاء المصرى النزيه. انظروا إلى أعين رجال القضاء وهم على منصة الحكم، أسود لا تخشى ترديد كلمة الحق بكل مجاهرة. من هنا فإن ساحة القضاء الأعلى – فى مصر القديمة – كان يُطلق عليها «مجلس الماعت»، لذلك كان اختيار «ماعت» لكى توضع «أو الريشة التى تدل عليها» فى كفة الميزان، وقلب المتوفى فى كفة أخرى، يوم تقوم محاكمة الناس أمام رب الآخرة «أوزيريس». وبناءً عليه، فلم يكن غريباً أن تُعرف دار القضاء فى مصر القديمة على أساس أنها «قاعة الماعت». وكان يشغل وظيفة الوزير – الذى يحمل لقب Tjaty – والذى كان رئيس الحكومة ورأس هيئة القضاء فى مصر القديمة، كان يحمل لقب «كاهن ماعت»، وكان يحق له وضع قلادة ذهبية على هيئة هذه الربة على صدره، فى إشارة صريحة على أنه هو الذى يُطبق العدل فى الأرض.

وكما تذكر النصوص المصرية القديمة أن «ماعت» هى الحياة. لذلك فعدم وجود «ماعت» – أى بغياب العدالة – معناه الظلام وعدم الانسجام، وفقدان الحيوية والبؤس والشقاء والمرض والخراب والموت. وكان نقيض «ماعت» – فى مصر القديمة - كلمة «إسفت» Isfet والتى تعنى كلمة فوضى، أو كما يقول عالم المصريات «إريك هورنونج» إن كلمة «إسفت» تعنى شيئاً ما يوحى بعدم العدالة والفوضى والغباوة والجهل فى الكلام أو التصرف.من هنا علينا أن نحيط رجال «ماعت» – أى رجال القضاء – بكل الاحترام والتقدير والتوقير، ونهاب مجالسهم التى تنطق بالحق وترسخ مبادئ العدل، ونساعدهم – بقدر استطاعتنا حتى يتمكنوا من ترسيخ مبادئ العدل على أرض مصر. فمصر هى مهد العدل وأرض الحق والخير. إنها بالحقيقة أرض النِعم