رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على هامش اجتماع رؤساء أركان حرب!


أن الاجتماع لا يعنى العودة أو محاولة العودة للعمل بالمعاهدة المذكورة، بما يعنى تجاهل الخبرات المستفادة من تجربة المعاهدة وما تفتق عنها. الأكثر من ذلك أن هناك شعورًا متولدًا عن البيانات والتصريحات بأننا كما لو كنا نتبرأ من المعاهدة على نحو ما تبرأت دول الخليج من حظر البترول عام 1973.

اجتمع رؤساء أركان حرب القوات المسلحة العربية فى القاهرة بناءً على دعوة الأمين العام لجامعة الدول العربية تنفيذًا لقرارات مؤتمر القمة العربى فى شرم الشيخ فى نهاية شهر مارس 2015 للبحث فى تشكيل القوة العربية المشتركة وبقدر ما نرجو أن يكون الاجتماع فاتحة خير للعمل العسكرى المشترك بعد توقف طويل لعمل مؤسساته منذ عام1984، بقدر ما يثور فى نفوسنا قلقًا حول التأكد من الجدية هذه المرة، فقد كانت هناك مرات سابقة تفاءلنا فيها وأملنا أن تسير فيها الأمور بجدية وخاب أملنا، أو أنه خبا بعد أول خطوة تقدم. وإذا كان هناك مجال للتفاؤل، يمكن الإشارة إليه، فإن المخاوف والقلق هما أيضا مبرران من واقع ووقائع الاجتماع، وهنا فإنى أعتمد على ما نشر حول الاجتماع فى وسائل الإعلام.

ربما كان الحضور إلى الاجتماع فى حد ذاته علامة إيجابية تشجع على التفاؤل خاصة أن الدول التى لم تنضم إلى معاهدة الدفاع المشترك قد حضرت إما برئيس الأركان أو بمن يمثله فقد حضرت الاجتماع سلطنة عمان ودولة جيبوتى وجزر القمر الإسلامية رغم أنهم لم ينضموا إلى المعاهدة، بينما غابت كل من الجزائر والعراق وسوريا، وليبيا والصومال، وبعضها واضح أنه لديه عقبات قانونية تتطلب حلاً، وبعضها مجبر على عدم الحضور نتيجة لأوضاع الجامعة، لكن من الصعب الاتفاق على أن هناك من يستطيع أن يمثل رئيس أركان حرب قوات مسلحة لدولة، وبالتالى فإن الحضور قد لا يكون كافيًا للتفاؤل بأن الدول العربية ستستطيع أن تحقق عملاً عربيًا مشتركًا، لكن هذا وارد منذ البداية ومتوقع بعد طول هذه القطيعة، وربما يكون من المناسب البدء بمن يوافق مهما قل العدد، فهو سيكون أفضل من التفرق وتسهيل الأمر على مصادر التهديد بالانفراد بالعرب دولة دولة. هناك ما يجعل الفأر يلعب فى عبنا وفقًا للمصطلح المصرى العربي، وهو أن الاجتماع عقد تحت اسم اجتماع رؤساء أركان حرب الجيوش أو القوات المسلحة العربية أو رؤساء أركان جيوش الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، ولم يعقد تحت عنوان اجتماع الهيئة الاستشارية العسكرية العربية وفقًا للبروتوكول الإضافى لمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى للدول العربية، وهو مايعنى أن الاجتماع لا يعنى العودة أو محاولة العودة للعمل بالمعاهدة المذكورة، بما يعنى تجاهل الخبرات المستفادة من تجربة المعاهدة وما تفتق عنها. الأكثر من ذلك أن هناك شعورًا متولدًا عن البيانات والتصريحات بأننا كما لو كنا نتبرأ من المعاهدة على نحو ما تبرأت دول الخليج من حظر البترول عام 1973. ربما كان الجزء الوحيد الذى ربما يشير إلى أننا قد نكون ما زلنا متمسكين بمعاهدة الدفاع المشترك هو ما ورد عن أن نتائج عمل فريق العمل سيعرض على مجلس الدفاع المشترك، وهو المؤتمر الوحيد الذى تفتق عن المعاهدة، حيث يجب إن تعتمد المقترحات من جهة مختصة إذ ليست هناك جهة أخرى يمكن الركون إليها للدراسة والاعتماد.

رأس الاجتماع الفريق محمود حجازى - رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية - وهناك من يفسر ذلك بأن ذلك تم باعتبار أن مصر هى رئيسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية وبالتالى فإن رئيس الأركان رأس الاجتماع، بينما يفسره آخرون بأنه وفقًا للائحة مجلس الدفاع المشترك فإن رئيس أركان حرب القوات المسلحة يعمل بصفته أمينًا عامًا مساعدًا عسكريًا لجامعة الدول العربية، وهو يدعو الهيئة الاستشارية العسكرية للاجتماع، ويتولى إدارة أعمال الأمانة العامة العسكرية للجامعة، ويشرف على عمل اللجنة العسكرية الدائمة. وليس هناك من يوضح لنا أى التفسيرين أدق. أما ما توصل إليه الاجتماع بأنهم أكدوا على ضرورة العمل الجماعى للقضاء على الإرهاب واجتثاث جذوره بما يضمن الحفاظ على الاستقرار والأمن فى المنطقة العربية وبما يتوافق مع ميثاق الجامعة العربية والأمم المتحدة. وضرورة العمل الجماعى المشترك لإيجاد حلول عربية لقضايا المنطقة وعلى أهمية تشكيل هذه القوة لتمكين الدول العربية من التعامل بفاعلية مع التحديات الراهنة والاستجابة الفورية لمعالجة الأزمات التى تنشب فى المنطقة. وكأنهم لم يجدوا تهديدات خارجية وانحصروا فى معالجة القضايا الداخلية. من المنتظر أن يقوم الفريق بعقد اجتماعه خلال الأسابيع القليلة المقبلة، على أن تعرض نتائج أعماله على اجتماع مقبل لرؤساء أركان الجيوش للدول العربية الأعضاء بالجامعة العربية، ولم يحدد الاجتماع توقيتًا محددًا للاجتماع بما يثير شكوكًا حول جدية القرار.

خبير سياسى وعسكرى