رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفساد وإدارة النفاق


أشار د. هشام قنديل -رئيس الوزراء- إلى ضرورة محاربة الفساد وهناك إساءة فى موارد البلاد، مستشهدا بحديث الدكتور محمد مرسى -رئيس الجمهورية- حول وجود عدد من حالات الفساد يجب التصدى لها. وقال: إن الفساد انتشر بصورة كبيرة فى المجتمع المصرى ،

وأعتقد أن أول خطوات مواجهة الفساد العمل فى النور وتحت ضوء الشمس الساطع، ولعل جماعة الإخوان المسلمين « والتى ينتمى إليها الرئيس والحكومة والحزب الحاكم وبرلمان الأغلبية» خير مثال يمكن أن يمثل ضربة البداية بنقاء سريرة وشفافية مطلقة ليجيبوا عن أسئلة واستفسارات الناس فى الشارع المصرى.

من بين أهم الأسئلة .. الجماعة تنظيم دولى، فكيف لنا أن نؤكد الانتماء الكلى للوطن أولاً عبر تشابك وتصارع المصالح؟!.. الجماعة كيان عمره أكثر من 80 سنة بدأت دعوية والآن رموزها يحكمون ليبقى السؤال: هل من أهداف العمل الدعوى حكم البلاد والعباد؟! .. لماذا الإصرار أن يظل كيان الجماعة غير معلوم التركيبة والهوية والتبعية، وعليه نسأل: كيف لا لحساب ومراجعة ومراقبة أعمال وتوجهات مؤسسة ضخمة كالجماعة تجرى عبر فروعها المنتشرة بطول البلاد وعرضها ودولياً رءوس أموال ضخمة تظهر فى شكل منشآت ضخمة والصرف ببذخ على العمليات الانتخابية البرلمانية والرئاسية؟! .. والأهم كيف تتجاهل الجماعة ما يتم إعلانه بوثائق أن هناك قرارات فى عصر الملك فاروق وإبان حكم عبد الناصر بحل الجماعة، بل والأغرب تجاهل الإعلان عن نية الجماعة فى توفيق أوضاعها حتى لا نصبح أمام وضع غريب : جماعة غير شرعية يخرج لها ذراع سياسية تمنحه الحكومة الشرعية كحزب سياسى بمرجعية دينية «ولا تسألنى يعنى إيه مرجعية دينية؟» فيحكم الحزب!!

يُجمع الخبراء وحتى بسطاء الناس فى بلادى على فداحة تبعات تسرب الفساد بأى من ألوانه أو كلها إلى بنية أى مجتمع، ومشكلة أن يتولى رموزه بعضاً من مواقع القيادة والإدارة ، وهو الأمر الذى من شأنه نسف كل الجهود الإيجابية المبذولة لتحقيق أى تقدم فى مسيرة الناس وتلبية طموحاتهم، فضلاً عن التأثير السلبى فى حالة الاستقرار والسلام الاجتماعى ودرجة الانتماء للوطن.

فى الزمن المباركى، تم إجراء استطلاع حول مدى انتشار الفساد وقبل قيام الثورة بأيام، تقول نتائج استطلاع الرأى أن أهم أسباب انتشار الفساد تكمن فى ضعف الرواتب، وارتفاع الأسعار، وانتشار البطالة، وغياب الضمير، وضعف آليات الرقابة والمتابعة، وتراجع كفاءة الإدارة .. وأكد 75% من حجم العينة أن تقديم الرشوة والهدايا والإكراميات تمثل المظهر الأكثر انتشارا لصور الفساد تليها مجاملة الأقارب والمعارف وتقديم التسهيلات الحكومية، والتعامل بتسيب وإهمال مع المال العام والاختلاس والتبديد .. لقد أعلن 40% أنهم تعرضوا للتعامل مع مظاهر الفساد والفاسدين ، إلا أن استطلاع الرأى والدراسات التى أعقبته لم تتم الإشارة فيها لداء النفاق وممارساته الرذيلة والممجوجة فى دواويننا الحكومية ،وفى كل مواقع الإدارة المصرية رغم خطورة هذا المرض اللعين الذى أراه أحد أسباب فساد الإدارة الذى يصل برموزه إلى رفع شعار «كله تمام يا افندم» الذى أضاع بدوره الكثير من فرص الإصلاح بعد تفشى حالات تزييف الواقع أو تجميله كذبا ورياء.

يبدو أننا أصحاب الرصيد الوفير فى النفاق الحكومى .. جاء تحت عنوان « فنجان قهوة مع سعادة حسين فهمى رفعت بك وكيل وزارة الداخلية»، كان لرئيس تحرير مجلة «مجلتى» حوار مع وكيل وزارة الداخلية فى مجلته بعددها الصادر فى 15 يوليو 1939.. فى هذا الحوار مثال يُعد نموذجاً لتراثنا فى مجال آداب النفاق وفنون صياغة وزخرفة الكلمات عند إنشاء الجمل والعبارات والانسحاق والتلاشى أمام صاحب السلطان.

فى تقديمه للحوار وفى معرض وصفه لملامح سعادته يقول «رقيق البناء دقيق التقويم، فريد الطابع جذاب الطل يمتاز وجهه القسيم بذقن مستديرة يستشف منها الفنان الموفق لوناً أصيلاً من ألوان الجمال، ويقرأ فيها الناقد المتخصص معنى بيناً من معانى العبقرية .. إنه لوجه يظهر غير ما يبطن، فإنه يبدو لغير المنعم فيه الأريب، إنه وجه ساذج يصور نفساً لا تختلف كثيراً عن أنفس الساذجين، على حين أنه يبدو للبصير المحقق أنه وجه نابغة متعمق يصور نفساً لا تختلف فى شىء عن أنفس النابغين المتعمقين»!!.

■ كاتب

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.