رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العقل المصرى.. وبناء الشخصية


الحياة المصرية المعاصرة تعانى من مخاطر جسام وعلى أكثر من صعيد لغياب الشخصية السوية.. أو القدوة.. ولذلك نجد رؤى التفكير تتحرك بانسداد الآذان.. وانغلاق العقول.. وإنكفاءات السلوك.. والأحكام المسبقة على الأمور.. والتقليل من شأن الآخرين.. والوقوع فى أسر الفكر الكاذب إذن الحاجة ملحة من أجل الدعوة لتشغيل العقل وبعملية تقييم ومراجعة للأفكار والسلوك وقياسهما بمنطق العقل والحكمة.. وفى ظل المستجدات المعيشية والحياتية المعاصرة والتى طرأت أيضا على حركة المجتمع المصرى عقب ثورة يناير 2011.. وما ترتب عنها من بروز أفكار أصبحت تستلزم الوعى والتجديد فى وسائل الحركة المجتمعية، وبناء الشخصية يلزمها الابتعاد عن التشرذم.. .والاختلاف.. والضعف.. لأنها محاور تدمر ولا تبنى.. خاصة أن العقل الإنسانى دائما له قناعات فكرية.. بل وآمال.. وطموحات.. ومهارات.. ومعارف.. وإن أحسن صياغتها فى أرض الواقع لأمكن للإنسان التحرك بلغة التوازن.. برغم أن العقل الإنسانى دائما مطالب بالتحرك بالرؤية الإيجابية.. لأن الفكر له طموح ووضوح وبصيرة وتدبر بعكس غياب الرؤية الإيجابية فإنه يفتقد عين البصيرة.. وفقدان القدرة على الرؤية الإيجابية.. ومن هنا تفلت من يديه الأفكار الصحيحة للمعرفة.

والعقل المصرى مع بناء الشخصية ضرورة حياتية كى لا يقع الإنسان فى مسالك الخلل.. ومنها تصديق الشائعات السيئة عن الآخرين.. والوسيلة لا تتحول إلى غاية.. بعلاقات من التناحر والتجاذب.. أو التحرك بالانفعال السريع.. .وما أحوج حاضر المجتمع المصرى إلى التربية الروحية.. والعلم والثقافة وتطهير النفس وصفاء الذات.. والتربية تقود الإنسان إلى معرفة ذاته الداخلية وتقدير حركته فى كل مجالات الحياة، لأن الله عز وجل خلق الإنسان من أجل تحقيق الاستخلاف الإلهى فى الأرض.. كما أن هناك تربية اجتماعية وهى التى تحقق معنى الازدهار التام لشخصية الإنسان.. ودعم لحسن احترام الغير.. ولتعزيز روح التفاهم والتعاون بين أبناء المجتمع.. ولذلك حركة المجتمع بحاجة للعلم والثقافة من أجل مواجهة التحديات المعاصرة.. لأننا لو نظرنا إلى إشكالية الغلو والتطرف لدى البعض نجدها نمت من علة التدين المغشوش.. ويحضرنى قول للجاحظ: «لست أطلب العلم طمعا فى بلوغ غاية.. والوقوف على نهاية.. ولكن التماس مالا يسمح جهله ولا يحسن للعاقل إغفاله»..

والمجتمع المصرى لا يحقق ذاته إلا بالتعليم الجاد.. والتعليم ضرورة من ضرورات الحياة.. وعنصر مهم نحو تقدم المجتمع ورقيه.. قال الإمام على بن أبى طالب (رضى الله عنه): (أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم.. والعمل به ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال.. إن المال مقسوم مضمون لكم قد قسمه عادل بينكم وضمنه وسيفى لكم.. والعلم مخزون عند أهله قد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه).

والمجتمع بحاجة لأسلوب الكلمة الطيبة.. ولغة الفكر البناء.. وقبول الرأى والرأى الآخر.. ولغة الحوار والحجة والإقناع والاقتناع.. وينبغى على الإنسان أن يفكر جيدا من أجل بناء الذات للتحرك بالواقعية.. وهى تمثل المنهج العلمى الذى يعتمد على العناصر والوسائل العلمية من أجل تقدم المجتمع.. ودائما ترتبط النتائج بالمقدمات.. وتتحرك بالغايات بالوسائل المتاحة.. والأمر الواقع يمثل الأرض والحدود والأشخاص.. والحواجز.. واللحظات الزمنية.. مما يفتح الآفاق المستقبلية.

■ كاتب وباحث ــ دمياط