رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأغنية..بدون ذكر أسماء


إذا توقفنا أمام أعمالنا الإبداعية فى الغناء والطرب كأحد مقومات الحياة وضرورة أن يكون فى عالمنا تراثًا غنائيًا نعتز به ونفخر، ويحفظ ذاكرة الشعوب مشفوعاً بأسماء مبدعيها وصانعيها ذلك لأنه ضرورة فى حياتنا وجزء لا يتجزأ من إعطائنا القدرة على مواصلة مسيرة الحياة أو كما يقولون: ساعة لقلبك وساعة لربَّك!! ولعلنا نذكر أن أدولف هتلر فى خضم أحداث الحرب العالمية الثانية حين رأى بعض الانكسارات فى معنويات جنوده.

طلب الإغاثة العاجلة من قيادة الرايخ الألمانى بأن ترسل القيادة فرقة موسيقية إلى ميادين القتال للعمل على رفع الروح المعنوية للجنود، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على المكانة الرفيعة لصناع هذا الفن وأهميته، فالموسيقى والغناء بمثابة الفرقة أو الكتيبة العسكرية فى خوض الحروب ولتحقيق النصر.

لكن الملاحظ أن الاهتمام بأعمال مبدعينا الغنائية فى مصر الآن تجد الكثير من الإهمال والتقصيرفى حق «مثلث الإبداع: المؤلف، الملحن، المطرب» وبغير هذا المثلث لن يكون للعمل الفنى أى وجود على الساحة الغنائية، ولكن للأسف فإننا فى مصر نقوم بالتركيز على اسم المطرب، لأنه يظهر أمامنا بشحمه ولحمه وهذا حقه لا ننكر، لكن ليس على حساب تناسى الجندى المجهول الذى يتوارى وراءعمله الذى يتباهى به المطرب ويكتسب شهرته وذيوعه بل و«ملايينه» منه، فلولا اللحن الذى يؤديه والكلمات التى يتمايل بها على اللحن ما سمعنا عنه ولما وجد مايطل به علينا لنعرف إذا كان يملك صوتاًَ جميلاً من عدمه! دون أن نشغل أنفسنا بمعرفة من قام بصياغة كلمات الأغنية، ولا من قام بوضعها فى القالب الموسيقى المناسب إلا فيما نُدر، وبهذا التجاهل نقوم باستلاب حق المؤلف والملحن فى نيل حقهما من الشهرة ومعرفة جمهورالمستمعين بهما! فالمفترض أن يكون التركيز على «منشىء العمل» ومبدعه فى المقام الأول، ففى البدء تكون الكلمة ثم لاتكتمل الأغنية إلا بانفعال «الملحن» حين تهتز أو تارة ليجعل الكلمات ترتدى ثوبًا من الموسيقى المعبرة عنها وهى معاناة ما بعدها معاناة، فالأمر لا يتوقف على وضع اللحن فقط بل إيجاد الصوت الملائم لهذا النوع من الغناء أوذاك وهل سيختار الملحن صوتاً نسائياً أم رجالياً؟ ومن أى طبقة من طبقات الصوت ينبغى أن يكون عليه من يقع عليه الاختيار من المطربين؟ وما طبيعة الآلات المستخدمة وما إذا كان اللحن يحتاج إلى «كورال» وهذا بحسب الجو العام لما يعبر عنه اللحن متضافراً مع الكلمة المغناة وغير ذلك مما يأخذه واضع الألحان على عاتقه لإضفاء الحالة المراد بلورتها من خلال صوت المطرب فى نهاية المطاف ليقدم العمل لجمهور المستمعين ليلقى الاستحسان المرجو من النجاح والذيوع و يصل به إلى إحساسهم ويمس قلوبهم وبقدر نجاح اللحن يكون نجاح المطرب وصاحب الكلمات، لأن الناس ستردد الأغنية التى تلقى هوى فى نفسها وتتمايل معها طرباً وتطلب سماعها فى البرامج المتخصصة لما يطلبه المستمعون وغير ذلك! وقد دفعنى اهتمامى بالاستماع المنتظم للأغانى إلى تسجيل ملاحظة هى أقرب ما تكون إلى إلقاء اللوم وتوجيه العتاب إلى إذاعتنا المصرية التى أصبحت تتجاهل تماماً ذكر أسماء صناع اﻷغنية، ولا أدرى ماالسبب وراء هذا الإهدار لحقوقهم؟! ولم لا تطالب نقاباتنا الفنية بهذا الحق الطبيعى جداً لكل ملحن ومؤلف عمل وملكيته الفكرية وحفظ حقوقه فى تعريف الناس بفنه وجهده الذى يستغرق

دقائق فى سماعه لكنه يأخذ من أعصاب ووقت ووجدان مبدعيه الكثير والكثير!

لذا نهيب بالسادة القائمين على خريطة التنسيق بالإذاعة والتليفزيون المصرى بضرورة الاهتمام بمثلث إبداع الأغانى على قدم المساواة لحفظ حقهم فى تعريف جمهورالمستمعين بهم وبإبداعاتهم بإذاعة أعمالهم مسبوقة ومتبوعة بذكر أسمائهم.لتظهرالأغنية حاملة لسماتهم وجيناتهم كمبدعين، تمامًا كما يظهراسمك ضمن بيانات بطاقتك الشخصية متبوعًا باسم الوالد والجد والجد الأكبر!.. فلا نريد أن تولد أغانينا يتيمة الأبوين فتضيع الأنساب، فلن نرضى عن ذكر أسمائهم بديلاً بعد الآن! خصوصاً أن الناس اعتادت جراء ذلك أن تنسب إلى المطرب الأغنية كما لوكان هو واضع لحنها فيقولون مثلا أغانى أم كلثوم أو حليم، فى حين أنها ينبغى أن تنسب لملحنيها لا لمؤدييها.. متى سنعطى لكل ذى حق حقه فى مصرنا الحبيبة؟