رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كتيبة المدافعين عن الثقافة والتنوير


إذا كنا حقيقة فى حالة حرب على الإرهاب والأفكار الظلامية المتطرفة التكفيرية، حرب على الفقر والبطالة، حرب على المتاجرة بالأديان واستغلال الدين الإسلامى وارتكاب جرائم القتل والذبح والتفجير والتدمير باسمه، حرب على الأفكار الرجعية برجوع الشيخ إلى صباه ورجوع المرأة إلى الجلوس بين جدران المنزل، لا ترى الشارع ولا الشمس لإنها قنبلة من الفتنة لا ينبغى أن يراها أحد.

إذا كنا فى حالة حرب على الإرهاب بكل أشكاله (ترويع المواطنين، تدمير مؤسسات الدولة والمرافق الحيوية، إضعاف وإنهاك الجيش وقتل جنوده)، إذا كنا فى حالة حرب على مخطط إرهابى استعمارى صهيو-أمريكى أوروبى يتم تنفيذه بأياد تركية وقطرية، ويتم تدريب الإرهابيين بأيدى منظمات متطرفة كحماس وداعش والقاعدة وجبهة النصرة وأنصار بيت المقدس وغيرها من المسميات المختلفة التى خرجت من عباءة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، مخطط تقسيم وتفتيت المنطقة العربية إلى دويلات تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد والخلافة الإسلامية. وإذا كنا فى حرب على الأمية والجهل والمرض المصاحب للفقر، هنا يبرز السؤال: ما العمل؟

لابد من وجهة نظرى من القضاء على الإرهاب على كل المحاور التالية: المواجهة الأمنية، مواجهة الخطاب الدينى المتطرف، مواجهة المناهج التعليمية المتخلفة التى لا تصل بنا إلى طريق المعرفة والانتماء، مواجهة الأفكار الرجعية الظلامية المضادة لأنواع الإبداع والفنون، مواجهة الإعلام المرتبك الملىء بالشائعات، مواجهة الفقر فى محافظات الصعيد والدلتا بخطة تنمية مترابطة، وتنمية وتعمير المحافظات الحدودية وفى مقدمتها سيناء، مواجهة البطالة بالعمل على تشغيل الشباب والشابات الذين يشكلون 60% من الشعب المصرى، والعمل على رفع مهاراتهم وكفاءاتهم. لماذا ياسادة يامسئولين لا يكون القضاء على الإرهاب بوضع خطط والعمل على تنفيذها لكل ما تقدم؟ لماذا لا نضع خطة زمنية محددة تلتزم بها الدولة جيشاً وشعباً وحكومة ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدنى من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات، تعمل فى كل المجالات، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً وتثقيفياً ودينياً.وسأحاول فى السطور التالية النقاش بصوت عال مع من يهتم بالأمر. لماذا لا نضع خطة زمنية للقضاء على الأمية، وليكن كما فعلت كوبا التى أعطت شباب الجامعات أجازة لمدة عام وقاموا بمساعدة الدولة بتنفيذ خطة القضاء على الأمية خلال هذه السنة! الشعب المصرى صانع المعجزات وفى القلب منه شبابه قادر على هذا. لماذا لا تقوم كتيبة المبدعين فى وزارة الثقافة من المجلس الأعلى للثقافة، الهيئة العامة للكتاب، هيئة قصور الثقافة، هيئة الاستعلامات، البيت الفنى للمسرح، البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، دار الأوبرا، معهد الموسيقى العربية، فرق التراث الشعبى، كل ذلك بالاشتراك مع وزارة الشباب والرياضة. ويتم فتح مراكز الإعلام لهيئة الاستعلامات بالمحافظات (أكثر من 70 مركزاً)، وقصور الثقافة ومراكز الشباب والمكتبات العامة والساحات الشعبية فى كل ربوع مصر من مدن ومراكز وأحياء وكفور ونجوع لنشر التثقيف والتنوير لدخول أشعة شمس الفنون إلى كل بيت وعقل لتهزم موجات الظلام المعششة فى البيوت والعقول.

لتنزل كتيبة المبدعين والمثقفين بقوافل لكل هذه الأماكن تحمل الأفكار والقيم والمعرفة ومفاهيم الدين الصحيحة، دين السلام والعدل والمحبة والتسامح والمساواة. قوافل تعمل على تشجيع الشباب على ممارسة هواياتهم المختلفة من موسيقى وتمثيل وغناء وفنون تشكيلية وأنواع الرياضة المختلفة. لماذا لا تخرج كتيبة أدباء وشعراء الأقاليم بمؤتمراتهم السنوية المحاطة بجدران المكاتب إلى التجول فى كل ربوع مصر. سأذكر لكم مثلا. فى عام 1986 شاركت بالتمثيل مع الفرقة المركزية للثقافة الجماهيرية فى مسرحية الدخان للكاتب المسرحى ميخائيل رومان، وكانت من إخراج المخرج القدير عباس أحمد. واستطعنا بمشاركة مجموعة من أساتذة جمعيات مكافحة الإدمان أن نطوف كل أنحاء مصر على كل مسارح قصور الثقافة بكل المحافظات لنقدم العرض المسرحى وبعده ناقشت هذه الظاهرة مع الجمهور للتحذير من مخاطر الإدمان.

أين دور النقابات الفنية المختلفة؟ أين دور السينما بالتعاون بين الدولة والشركات المنتجة فى نشر الوعى والارتفاع بالتذوق الفنى للمصريين؟ أين دور الهيئة العامة للكتاب فى عمل معارض طوال السنة فى كل محافظات مصر تعتمد على سلاسل الكتب ذات الأسعار المنخفضة وتعتمد على مكتبات مصر العامة الكبرى المنتشرة؟ وإذا انتقلنا إلى التعليم أين كتيبة المدافعين عن تغيير مناهج التعليم فى وزارات التعليم قبل الجامعى والجامعى. نحن نحتاج إلى خطة قومية كبرى للوصول إلى نشر تعليم الثقافة والمعرفة والانتماء للوطن وتنمية المهارات والكفاءات. أين كتيبة البحث العلمى الذى يضعنا فى مقدمة الدول، فالتعليم والبحث العلمى من أولويات الشعوب والدول.نحن نحتاج إلى انتفاضة فى التعليم: الأبنية التعليمية، المناهج التعليمية، المدرس الذى يقوم بالعملية التعليمية، فتدريب وتنمية مهارات المدرس وإعطاؤه مرتباً يكفى لحياة كريمة سيكون دفعاً للعملية التعليمية كلها. كما نحتاج العودة إلى المدارس التى تهتم بتدريس الكتب الدراسية مع الاهتمام بتنمية قدرات ومهارات وهوايات التلاميذ والتلميذات. مدارس بها مكتبة وقاعة للموسيقى والمسرح، وفناء واسع، وقاعة لممارسة الأنشطة الرياضية. إذا كنا فى هذا المقال حاولنا أن نتكلم عن كتائب التثقيف والتنوير المتنوعة فلابد أن نتكلم فى الختام عن الإعلام ودوره المهم خلال هذه الفترة فى وضع الضوء على كل ما تقدم وإبراز كل هذه الجهود فى الإعلام المرئى والمسموع والمكتوب. إعلام يعمل على توسيع الأفق لدى المشاهد وإطلاق الخيال واستخدام المنهج العلمى فى التفكير. إعلام لا يقوم على تزييف الوعى بتقديم معلومات مغلوطة. آن الأوان لمجلس وطنى للإعلام يضع ميثاق شرف مهنياً وخطة للنهوض بالمجتمع. آن الأوان لثورة تثقيفية تنويرية تعليمية لعلاج منظومة المعرفة والقيم والأخلاق