لم يعرفوا الله
يشعر هؤلاء تجاه «الله» بتمام الرضا، فقد أضفى عليهم تعظيم الناس وتقديسهم علوا فى أنفسهم حتى ظنوا وكأنهم شاركوا الله فى خلقه لهم، يأمرون فيجدون جماهير غفيرة تُسَبِّح بحمدهم، يزول ملوك وتدحر ممالك وهم باقون، هم تارة واسطة بين الله والغوغاء، يرفعون لهم صحفًا بعدد المرات التى يجب عليهم فيها أن يقوموا بطقوسهم وأن يتحدثوا عنه فى خلواتهم، بآلية يتلون ويقرأون، وبإصرار يعيدون ويزيدون، وتارة أخرى يمثلون دور المتحدث الرسمى منه إلى الناس، يؤكدون أن القواعد الأساسية منه إليهم سليمة، ثم يفسرونها كما أرادوا وكما ظنوا أن فيه الحفظ لهم، وفى آخرة هم عشاق له مدوا المجالس وأشعلوا المصابيح ورفعوا التراتيل والأشعار، لا أحد ولا سلطة تملك أن تنتقدهم أو تقلل من شأنهم، وإن تجرأ أحدهم فهو دائمًا المخطىء الرجيم، ويظل ملكوتهم ترفرف عليه أجنحة الرضا.أما السدنة «طلاب الحقن» أو «المتحيقنون» فهم الطوافون بمنازل الحقانيين، الناشرون لمناقبهم، المكافئون بجزء لا بأس به من قداستهم، رفع أهل الحقن عنهم شبهات الخطأ فأصبحوا دائمًا على صواب، وإن زلت ألسنتهم أو أقلامهم بما يخالف مرتبتهم العليا يُغفر لهم، خطأهم هو الاجتهاد وصوابهم هو الفتح المبين، وكلٌ من عند الله.لا يطلب منك إذن فى عالم المسخ، حتى تكون واحدًا من أهل الحقن إلا أن تظهر-وأهل بيتك- بالمظهر المثالى تأسيًا بأكبر حقانى وصل إلى مسامع قريتك وتقتنى بعض الكتيبات ثم تلتحق بدورات أو حلقات حق لتقتنى أو تستعير كتبًا أكبر، حتى إذا ما حملت تلك الكتب وذهبت وقفلت إلى منزلك فهنيئاً لك، قد حصلت على القداسة وأصبحت أهلاً لتُعامل كحقانى صغير. وفى الطبقة الدنيا يأتى «العوام»، و«العامى» مصطلح يطلقه حراس الكتب والنظريات الحقانية على جميع البشرية دونهم وطلابهم.. وكل ما يصل ذلك الشخص الذى يمثل الأغلبية، عن الله، أنه الغيب الذى لا يمكنك السؤال عنه أو تخيل أى علاقة به.. مصدر العقاب والعذاب.. كما هو من ترفع يديك له وتقول «يارب» فيجيبك صوت: لن يجيب فاسدًا مثلك.. حقاً لم يعرف أحد منهم الله.