رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تعززوا الفشل فى العراق!


لا يمكن أن نترك الوضع دون أن نذكر إخوتنا فى من يسمون بالمقاومة العراقية بأن المقاومة هى للتدخل الأجنبى، وألا مقاومة بين أبناء الشعب الواحد، وأن أعمال التفجير والتخريب فى العراق يجب أن تتوقف، وألا يوفروا غطاء لمجرمين.

قرر الرئيس الأمريكى أوباما تعزيز الحكومة العراقية بإرسال 300 من المستشارين العسكريين إلى العراق لمساعدة النظام العراقى بقيادة نورى المالكى فى مواجهة الموقف الناجم عن تخلى الجيش والشرطة العراقية عن محافظة نينوى وعاصمتها الموصل واستيلاء مسلحين عليها. وتشير الأنباء إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام والمعروف اختصاراً بتنظيم «داعش» يتصدر الشاشة، وأنه يرتكب جرائم ضد أفراد الجيش والشرطة والمدنيين. من جهة أخرى هناك المعارضة العراقية تقول إن من استولوا على السلطة فى محافظة نينوى فى الموصل وتلعفر، والذين يتحركون فى اتجاه بغداد هى المقاومة العراقية التى تشتمل على عناصر كثيرة منها ضباط الجيش العراقى الذى قام بريمر بحله، وأفراد من حزب البعث العراقى الذين صدر بحقهم قانون يدعى قانون اجتثاث البعث ويرأسهم نائب رئيس مجلس الثورة العراقى عزت الدورى، وأفراد من العشائر العراقية المختلفة وهكذا كثيرون. ويبقى السؤال حائرا حول من الذى يسيطر على الأمور فى شمال العراق؟ ومن المسئول عن الجرائم التى ترتكب فى حق العراقيين من عسكريين ومدنيين؟ وأخيراً ماذا يجب على الجميع فعله؟ ويشتمل الجميع على العناصر العربية بما فيها مصر، وباقى اللاعبين الإقليميين والدوليين.

الأصل أن نحدد لأنفسنا هدفاً، ثم نبحث كيفية تحقيقه، وإذا حاولت أن أجيب عن السؤال فإنى أرى أن الهدف المباشر هو حماية الشعب العراقى بما يتهدده من أخطار وإيقاف ارتكاب الجرائم ضده، وأن الهدف التالى هو حماية الأمة العربية ومن ورائها العالم من شرور الوضع القائم فى العراق والتى يبدو أن مصدرها هو ذلك التنظيم الشرير المسمى بتنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام». ومن الطبيعى أن فى محاولة الإجابة عن السؤالين يثور السؤال عن دور مصر فى الحالتين، خاصة أن هناك من يثير السؤال من الآن.

على هامش الإجابة عن الأسئلة فلابد مبدئياً من تقرير حقيقة لب المشكلة، فكثيرون يعالجون الوضع على أن لبها هو خطورة تنظيم «داعش» المذكور، وبالتالى يوجهون الأمور إلى توجيه ضربات إلى التنظيم على نحو ما طالب نورى المالكى رئيس الوزراء، وهو خطأ فى التشخيص يؤدى إلى خطأ فى العلاج، فالواقع يقول إن لب المشكلة هو أن الجيش والشرطة العراقية الذين كان يجب عليهم أن يحموا محافظة نينوى قد خلعوا زيهم الرسمى وتركوا أسلحتهم وتركوا مواقعهم، وهو وضع يقول إن أى عمل يتم بدون عودة الجيش والشرطة إلى أداء واجبهم يصبح عديم القيمة، فلا تساعد من لا يريد المساعدة، وسيتركون أى مساعدة تأتيهم ليأخذها غيرهم، فالجيش والشرطة فى الموصل لم يعانوا من نقص فى الأفراد ولا الأسلحة، ولكنهم فقدوا الروح القتالية، وداعش ليسوا أقوياء ولكنهم لم يجدوا من يوقفهم، وهم يعانون كثيرا فى سوريا لأنهم يجدون مقاومة جادة هناك.

هنا لا بد من التقرير صراحة بأن السيد نورى المالكى رئيس الوزراء والذى يحتفظ لنفسه بالمناصب الرئيسية فى الدولة قد فشل فى قيادة البلاد وأن تعزيزه يعنى تعزيز الفشل، وأن ما حدث يدعو إلى توفر قيادة تستطيع أن توحد العراق وتنهى الطائفية المقيتة وأن هذا هو الأساس لأى حل يأتى بعد ذلك، وعندما تتوفر هذه القيادة فإن أى مساعدة للشعب العراقى يمكن أن تؤتى أكلها، وتبدأ بمساعدة الجيش العراقى نفسه ثم ربما يحتاج الأمر إلى مساعدات من جهات أخرى عربية أو إقليمية أو دولية. وجود هذه القيادة ضرورى، ولكنه أيضا عاجل لأنه مفتاح الحل، وكلما تأخر ضاعت فرصه لتحقيق الاستقرار فى العراق وتأثر باقى المنطقة به، خاصة وأن هذا التنظيم قد أصابته لوثة وتصور أنه قادر على نشر أخطاره فى سوريا والخليج ومصر، وذلك وفقا لتصريحات بعض من يتكلمون باسمه.

لا يمكن أن نترك الوضع دون أن نذكر إخوتنا فى من يسمون بالمقاومة العراقية بأن المقاومة هى للتدخل الأجنبى، وألا مقاومة بين أبناء الشعب الواحد، وأن أعمال التفجير والتخريب فى العراق يجب أن تتوقف، وألا يوفروا غطاء لمجرمين.

أما على الصعيدين القومى والمحلى فلابد من القول إنه لن ينقذ العراق سوى العراقيين، وأن على كل الدول أن تستنفد قدراتها الدفاعية قبل أن تطالب الغير بالمساعدة، وأن الأمور تدعو إلى العمل سريعاً على تنظيم التعاون بين الدول العربية فى الشئون الدفاعية، حيث توقفت كل أجهزة التنسيق عملياً منذ ثلاثين عاماً وتحتاج إلى إحياء وتطوير، وإذا كان دور مصر سيظل محورياً، فإن عليها أن تدعو من الآن إلى ذلك!

خبير سياسى واستراتيجى