رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حول خطورة وأهمية البرلمان القادم


السياسة الثورية الناجحة بالربط بين نضال أقلية محترمة ثورية داخل البرلمان مع الضغط الشعبى المنظم فى أشكاله المختلفة من أحزاب ونقابات وروابط وجمعيات هو الكفيل بتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه فى ميزان القوى الراهن والسير بطريق تحقيق أهداف الثورة إلى الأمام

وسط جلسات هنا وجلسات هناك، وأصوات هنا وهناك وحمى عقد التحالفات يسعى الجميع للتحضير لانتخابات البرلمان القادم استكمالاً لبقية استحقاقات خارطة المستقبل. وجهة نظرى أن البرلمان القادم هو الأخطر والأهم لأنه جاء بعد ملحمة الثورة المصرية «2011-2013»، ولأنه جاء بعد دستور جديد حاز على إجماع الشعب يحمل فى ملامحه ومبادئه حقوقاً اقتصادية واجتماعية للشعب المصرى. دستور يتكلم عن المواطنة والمساواة، ويحمل حقوقاً للمرأة فى تمثيل عادل ومناسب داخل المجالس النيابية المنتخبة .دستور يؤسس ولأول مرة لتجريم التمييز وعمل مفوضية ضد التمييز ومفوضية ضد الفساد، دستور يعتبر أن المواثيق الدولية جزء لا يتجزأ منه، مما يؤسس لتشريعات تتفق مع تلك المعاهدات التى وقعتها مصر بخصوص حقوق العمال والمرأة والطفل.يحتاج هذا الدستور إلى اختيار نواب للشعب ينحازون لفقرائه بوضع تشريعات جديدة خاصة بتحويل الحق فى السكن والغذاء والصحة والتعليم والوظيفة إلى واقع فعلى. وحتى لا تتحول هذه التشريعات إلى قوانين مع وقف التنفيذ، لابد من اختيار حكومة ذات إرادة سياسية لتفعيل وتنفيذ هذه القوانين. وهذه الحكومة لابد من موافقة البرلمان عليها وفقاً للدستور.إن نواب البرلمان القادم عليهم أيضاً مراقبة ومحاسبة الحكومة لتفعيل التشريعات الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية شاملة الحدين الأدنى والأقصى للأجور، والضريبة التصاعدية على دخول الأفراد والشركات.كما أن نواب البرلمان القادم عليهم مراقبة ومحاسبة الحكومة لتفعيل مكافحة الفساد ووضع تشريعات تتفق مع حرية التعبير السلمى وحرية الفكر والإبداع. وعليهم أيضاً مناقشة الموازنة العامة وفى القلب منها الإنفاق الحكومى على الخدمات والمرافق ووضع قوانين ضد الاحتكار ومنع تزاوج السلطة ورأس المال الذى كان أساساً لخراب مصر فى السنوات الماضية. إن نواب البرلمان القادم عليهم إلغاء وتعديل عدد كبير من القوانين والتشريعات التى لا تتفق مع دستور 2014.لكل ما تقدم لابد من التقاء القوى الوطنية الثورية الديمقراطية والتى تريد تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإنهاء التبعية واستقلال الإرادة الوطنية. والتى تقف معاً ضد القوى المضادة للثورة والمتمثلة فى الجماعات الإرهابية المتأسلمة ومن يدعمونها، والوجه الآخر لتلك العملة جماعة المصالح والسلطة والمحسوبية والفساد المحسوبة على نظام مبارك المخلوع. ومن الغريب أنه فى الوقت الذى تتجمع فيه قوى النظام القديم وتطل برؤوسها وتعقد التحالفات من أجل الاستيلاء على البرلمان لاستعادة مصالحهم ونفوذهم كما كان فى عهد المخلوع بمبارك.وفى نفس الوقت تتجمع قوى الشر الرجعية المتاجرة بالدين لتوحيد صفوفها وبث مزيد من الفوضى والتدمير للبلاد وبث الرعب والترويع للمواطنين وإفشال خارطة المستقبل لحساب رجوعهم مرة أخرى وتمكينهم من تنفيذ مخطط تفتيت مصر وبقية الدول العربية. وها هو المخطط أمام أعيننا فى العراق وسوريا وليبيا والسودان وعلى حدودنا الشرقية فى سيناء. وطبعا مازالت هذه القوى المتأسلمة تتناقش حول المشاركة فى البرلمان القادم أم مقاطعته، أم إعلان المقاطعة وفى نفس الوقت الالتفاف من الخلف لدخول وجوه غير معروفة إلى البرلمان من خلال المنافسة على المقاعد الفردية أو محاولة التواجد من خلال بعض القوائم الحزبية.إن خريطة التحالفات المتداخلة والمتشابكة والمرتبكة الآن ستتضح صورتها خلال الفترة القادمة. ولكن ما يهمنى هو التركيز على تحالف قوى اليسار فى المجتمع المصرى التى آن الأوان أن تتجمع فى تحالف كبير قوى يجمع الوجوه والكوادر الصادقة وفى القلب من هذا التحالف المرأة والشباب.هل يمكن كما نرى الآن التخبط وسط قوى اليسار لينضم البعض إلى تحالفات يمينية تضر بمسيرة الثورة من أجل حفنة مقاعد؟ هل يصح انقسام هذه القوى بين تحالفين أو أكثر فيساعد هذا الانقسام على مزيد من ضعف الأحزاب وعدم تجمعها مما يؤدى إلى قلة المقاعد التى تحصل عليها؟ قد يقول قائل: من الممكن أن تتحالف القوى اليسارية «اشتراكية ويسارية وقومية» مع قوى ليبرالية تطرح بعض الإصلاحات الاجتماعية؟ وأقول إننى لست ضد توسيع التحالف اليسارى، ولكن علينا أولاً توحيد صفوف هذا التحالف اليسارى، فهو المناضل الحقيقى من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإنهاء التبعية. هل من مجيب حتى لا نترك البرلمان القادم لكبار أصحاب المصالح والمحتكرين على حساب تحقيق أهداف الثورة؟وننوه هنا أن قوة تمثيل القوى الوطنية والثورية داخل البرلمان لا تتوقف بالضرورة على تمثيله العددى أو حيازته للأغلبية، فهذا صعب فى كل الأحوال بحكم اعتماد الانتخابات البرلمانية على المال والعصبيات والنفوذ وهو ما تتفوق فيه بالطبع القوى الرجعية. ولكن ممارسة السياسة الثورية الناجحة بالربط بين نضال أقلية محترمة ثورية داخل البرلمان مع الضغط الشعبى المنظم فى أشكاله المختلفة من أحزاب ونقابات وروابط وجمعيات هو الكفيل بتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه فى ميزان القوى الراهن والسير بطريق تحقيق أهداف الثورة إلى الأمام