رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

76 عامًا على النكبة.. متى تقوم الدولة الفلسطينية؟

النكبة
النكبة

تحل ذكرى النكبة الفلسطينية غدًا الأربعاء، في وقت يتعرض سكان قطاع غزة لجريمة الإبادة الجماعية على يد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما يعجز العالم متمثلًا في الأمم المتحدة، عن تنفيذ قرار التقسيم الذي قامت بموجبه دولة الاحتلال عام 1948 فيما تشبه عملية قيام الدولة الفلسطينية الولادة المتعثرة منذ ما يزيد على 7 عقود.

أمريكا وحماية إسرائيل

وقال الأستاذ بكلية الدفاع الوطني في الإمارات الدكتور البدر الشاطري، إن القضية الفلسطينية بعكس ما يظن الكثيرون لا تراوح مكانها، بل تزداد تعقيدًا، وعصية على الحل بشكل مطرد، والسبب يعود الى أن المشروع الصهيوني قائم على نفي الآخر الفلسطيني. فقد نشأت الحركة الصهيونية على أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.

وأضاف الشاطري لـ"الدستور"، أنه قبل وبعد قيام دولة إسرائيل سعت الحركة الصهيونية لطمس كل ما له علاقة بفلسطين من حيث الأرض والشعب والتراث والقرى والبلدات. واحتلت المناطق الفلسطينية مثل الجليل، ووضعتها تحت الاحتلال العسكري.

وتابع بقوله: نجحت الصهيونية وإسرائيل في ربط مصالحها مع الدول الاستعمارية مثل بريطانيا، وكان ذلك جليًا من خلال العدوان الثلاثي على مصر في 1956، ومع وريثة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية "الولايات المتحدة" والتي رمت بثقلها وراء إسرائيل والمشروع الصهيوني.

وأشار الشاطري، إلى أنه بعد حرب 1967، توسعت إسرائيل عدة أضعاف حجم أراضيها، وأخضعت مزيدًا من الفلسطينيين العرب تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي. وشرعت في بناء مستوطنات في الأراضي العربية المحتلة من سيناء إلى الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح أنه بسبب إغداق الولايات المتحدة على إسرائيل بالمساعدات العسكرية والاقتصادية وأحدث تكنولوجيا القتال، والمبالغة في حماية إسرائيل دبلوماسيًا ومعلوماتيًا، أصبحت دولة الاحتلال قوة ضاربة في المنطقة وتمددت وتضخمت بحيث إنها لا تحتاج لتقديم تنازلات للطرف الآخر.

وأكد الشاطري، أن عملية طوفان الأقصى أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية، وفرضتها على الأجندة السياسية. وأصبح إيجاد حل للقضية الفلسطينية أمرًا ملحًا على الأصعدة كافة. وباشرت المنظمات الدولية والحكومات الحديث عن حل الدولتين للشعبين.

طوفان الأقصى

وقال البرلماني الكويتي السابق طلال السعيد، إنه من المهم جدًا أن نعرف أن الفلسطينيين أنفسهم لم ينجحوا بتوحيد مرجعيتهم بسبب تعدد الفصائل، ولكل فصيل توجه، ولكل مجموعة مرجعية تختلف عن الأخرى، فما يوافق عليه هؤلاء يرفضه أولئك.

وأضاف السعيد لـ"الدستور"، أنه حتى فلسطينيي الداخل سواء الذين في غزة أو رام الله لكل منهم أجندته الخاصة، فكيف للفصائل المتناحرة أن تقيم دولة أو تحرر أرضًا؟.

وتابع بقوله: أما المجموعة العربية فقد عجزت عن وقف حرب الإبادة التي يشنها العدو على غزة، مع العلم بأن العالم كله يسمع ويرى ما يجري على الأرض، ويتعاطف مع أهلها، وما يتعرضون له، إلا أن كل الجهود لم تنجح في وقف القتال، أو بالأصح إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بينما عدوهم موحد الصفوف مدعوم من الدول العظمى.

وأشار إلى أن ما يجري حاليًا على أرض غزة أو ما يسمى بـ"طوفان الأقصى" أوصل الصوت الفلسطيني إلى العالم كله، وأثر تأثيرًا مباشرًا على العدو الإسرائيلي في أعداد القتلى والأسرى، وأضر ضررًا مباشرا بالاقتصاد الإسرائيلي، بالرغم من أن الفلسطينيين دفعوا ثمن ذلك غاليا، فهم يبادون ولكن صمودهم أذهل العالم.

ومضى قائلًا، إن الفلسطينيين يحاولون إعادة كتابة تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، على أمل قيام دولتهم أو تحقيق خيار الدولتين، هذا الخيار الذي أصبح شعارًا يستخدم بالخطب والمحافل، إلا أنه لا يراد له أن يطبق على أرض الواقع.

واستطرد: القضية بالدرجة الأولى قضية الفلسطينيين أنفسهم، سواء فلسطينيي الشتات أو الداخل، حكومتي غزة ورام الله، لذلك لا بد لكل هؤلاء من إعادة النظر في اختلافاتهم.

واختتم السعيد بالقول: إن قضية القدس تخص المسلمين كلهم، ولا أتصور أن هناك خلافًا حولها، والعدو الإسرائيلي يعرف تمام المعرفة خطورة العبث بالمقدسات الإسلامية، فتراهم يتقدمون خطوة ويتراجعون سبع خطى في تهويد القدس.

عجز العالم

وحول عدم تنفيذ قرار التقسيم بقيام الدولة الفلسطينية كما قامت دولة إسرائيل عام 1948، قال المحلل السياسي الأردني الدكتور منذر الحوارات، إن عجز العالم عن إنصاف الفلسطينيين سببه واضح، هو أن ميزان القوة العالمي مختل، ليس لمصلحة الفلسطينيين، بل للجانب الإسرائيلي، وبالتالي عناصر القوة داعمة للمشروع الصهيوني، وكانت كبيرة ومؤثرة وجوهرية في تأثيرها على العلاقات الدولية، بينما كانت فلسطين وأغلب الدول العربية ترزح تحت الاحتلال الأوروبي، وكان القرار العسكري والاقتصادي مرهونًا بمصالح دولية خارج المنطقة العربية.

وأضاف الحوارات لـ"الدستور": كان القرار السياسي للدول العربية يتم اتخاذه  تحت تأثير القوى الاستعمارية الدولية، وهذا الأمر لم يكن لمصلحة الفلسطينيين، وبالتالي ميزان القوة كان شديد الاختلال لمصلحة الصهيونية العالمية في ذلك الحين، واستمر، ويستمر حتى الآن، بحيث لم تستطع التدخلات العربية الدفع بالقضية الفلسطينية باتجاه الحل، وكذلك لا توجد  قوة دولية منصفة تتدخل لوضع القضية الفلسطينية في إطار الحل، والسبب الرئيسي أن التضامنات الدولية أغلبها مع دولة الاحتلال، والقوى الرئيسية في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة، داعمة بلا حدود لإسرائيل، وتحبط أي قرار دولي ضد دولة الاحتلال.

وتابع بقوله: القوة فرضت نفسها في الوقت الذي كانت  القوى العربية ضعيفة وتفتقر إلى السلاح  ومقومات الصمود في وجه القوات الإسرائيلية المدربة في الحرب العالمية الثانية، ولديها أحدث تقنيات السلاح في حينه، ولديها الطيران المجهز، ولديها الدعم اللوجستي من القوى  الدولية التي كانت في الحرب العالمية الثانية، وفي مقدمتها بريطانيا، ولاحقًا الولايات المتحدة، بينما العرب افتقروا إلى  القوة والسلاح الحديث والجهود الموحدة.

وأشار إلى أن إسرائيل فرضت شروطها بحكم الانتصار في حرب 1948، وجرى وقف تنفيذ قرار التقسيم فيما يتعلق بإنشاء دولة فلسطينية، حيث كانت النخبة الفلسطينية في ذلك الوقت منقسمة على نفسها، ولم تستطع إيجاد صيغة موحدة للفلسطينيين في مواجهة المشروع الصهيوني الموحد الذي يدرك أهدافه بوضوح، ويدرك الوسائل التي سيحقق فيها أهدافه، بينما كان المشروع الفلسطيني غير مطروح ربما بشكل موحد، وهذا الأمر أضعف إمكانية أن يحصل على مكاسب في هذا الصراع المحتدم، وكان واحدًا من عناصر الضعف الرئيسية بالإضافة إلى ضعف المجموع العربي حينها.

ما هي النكبة؟

والنكبة مصطلح يطلقه الفلسطينيون على اليوم الذي أعلن فيه عن قيام إسرائيل على معظم أراضيهم بتاريخ 15 مايو 1948، ومنذ ذلك اليوم بلغت أعداد الشهداء الفلسطينيين في الصراع المستمر مع إسرائيل منذ 76 عامًا، ما يزيد على 134 ألفًا استشهدوا دفاعًا عن الحق، حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وتحل ذكرى النكبة هذا العام في وقت تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف الأحياء المدنية والمستشفيات ودور العبادة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية، وتحولت هجمات جيش الاحتلال إلى جريمة الإبادة الجماعية، وهو ما تنظره محكمة العدل الدولية منذ أشهر.