رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسيون فلسطينيون: لن نتوقف عن المقاومة ومواجهة الاحتلال وحلفائه

الاحتلال
الاحتلال

يُحيى العالم عامة والفلسطينيون والعرب خاصة، الأربعاء، الذكرى الـ٧٦ لـ«النكبة» الفلسطينية، التى توافق إعلان قيام دولة الاحتلال الإسرائيلى بتواطؤ دولى غربى، يوم ١٥ مايو ١٩٤٨، الذى تلاه على مدار سنوات طويلة منع إقامة الدولة الفلسطينية، وتهجير شعبها والتنكيل به.

ومع الذكرى الـ٧٦ لـ«النكبة» يعيش الفلسطينيون وقائع نكبة جديدة، فى ظل الحرب الإسرائيلية الغاشمة على قطاع غزة منذ أكثر من ٧ أشهر، وسط صمت مخزٍ من المجتمع الدولى.

«الدستور» تحدثت إلى عدد من السياسيين وخبراء السياسة الفلسطينيين لرصد مدى الظلم والمعاناة الواقع على الشعب الفلسطينى منذ ١٩٤٨ حتى العدوان الإسرائيلى الحالى، المستمر بدعم من المجتمع الدولى، على الرغم من قرارات الأمم المتحدة التى لا تعد ولا تحصى.

بركات الفرا:  الغرب زرع إسرائيل لتجزئة الوطن العربى والاستمرار فى نهب موارده

قال بركات الفرا، سياسى ودبلوماسى فلسطينى سابق فى القاهرة، إن الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأوروبية تآمرت لزرع كيان يجزئ الوطن العربى، ويجعله غير متواصل جغرافيًا، حتى يستمر نهبهم للموارد العربية، ويظل العرب فى حاجتهم، لذا أصدرت بريطانيا وعدها اللعين لليهود بإنشاء وطن لهم فى فلسطين، الوعد الذى عُرف بـ«وعد بلفور»، فى الثانى من نوفمبر عام ١٩١٧.

وأضاف «الفرا»: «التآمر استمر حتى وافق مجلس الأمن الدولى على قيام دولة إسرائيل، فى عام ١٩٤٨، مع إمداد الجماعات الإرهابية الصهيونية بالمال والسلاح والتدريب، وفتح حكومة الانتداب البريطانية أبواب الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، وتمكين اليهود من امتلاك الأرض والوظائف، وغيرهما».

وواصل: «للأسف منذ صدور وعد بلفور حتى يومنا هذا، يعيش الشعب الفلسطينى ظروفًا كلها صعبة، بلغت ذروتها باحتلال أرضه، وصولًا إلى الحرب الحالية على قطاع غزة، التى تمثل أيامًا معقدة وصعبة يعيشها أهلنا، بعدما بلغ الشهداء بسببها ٣٥ ألفًا، والجرحى ٨٠ ألفًا، مع نزوح أكثر من مليون ونصف المليون مواطن، وهدم المنازل والبنية التحتية، ووجود أكثر من مليون وربع المليون بلا مأوى، كما يعيش القطاع مأساة المجاعة وعدم وجود مستشفيات، حتى الماء الصالح للشرب غير متوافر».

وأكمل: «الولايات المتحدة الأمريكية تمد إسرائيل بالمال والسلاح، وتحميها فى مجلس الأمن من صدور قرار ضدها، باستخدام الفيتو، علاوة على حمايتها إعلاميًا، وإجبار أوروبا على دعمها أيضًا».

وانتقد الدبلوماسى الفلسطينى إصرار الولايات المتحدة على منع إصدار قرار فى مجلس الأمن بإقامة دولة فلسطينية، مع أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترفت بدولة فلسطين، وأصبحت عضوًا كامل العضوية فيها، اعتبارًا من الجمعة الماضى ١٠ مايو ٢٠٢٤. 

وتابع: «للأسف، مع أن الولايات المتحدة تتبجح وتكرر حل الدولتين، دولة فلسطين بجوار دولة إسرائيل، تستخدم الفيتو لمنع قيام الدولة الفلسطينية، وتسير الدول الغربية فى فلكها، ويقدمون جميعًا لإسرائيل كل الدعم المالى والعسكرى والإعلامى والسياسى والاقتصادى».

وشدد على أنه «رغم ذلك لن يستكين الشعب الفلسطينى، وسيظل يقاوم الاحتلال بكل الطرق والوسائل والأدوات الممكنة، حتى ينال حقه فى تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، مع عودة اللاجئين إلى قراهم وديارهم بموجب مبادرة السلام العربية فى قمة بيروت عام ٢٠٠٢».

وختم «الفرا» تصريحاته قائلًا: «نعلم أن قرار الأمم المتحدة بإقامة دولة إسرائيل نص على إقامة الدولة الفلسطينية، لذا على المجتمع الدولى أن يتحمل مسئولياته، وينفذ الشق غير المنفذ من القرار».

محمود الهباش: الأرض أرضنا.. ومتشبثون بها دون كلل

أكد محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطينى محمود عباس، أن الدول الغربية الاستعمارية هى التى صنعت إسرائيل، مضيفًا: «هذه الدول هى التى اخترعت فكرة دولة إسرائيل فى أرض فلسطين، لكى تكون مخفرًا متقدمًا للغرب الاستعمارى، كما وصفوها».

وواصل «الهباش»: «لم تنبت فكرة الوطن القومى لليهود بالمنطقة العربية لدى العقلية اليهودية الأوروبية، وإنما نبتت فى العقلية الاستعمارية الغربية، التى وظفت اليهود لأداء هذا الدور الاستعمارى».

وأكمل: «بالتالى هذا الذى يفسر حرص الولايات المتحدة والغرب، ومن قبلها بريطانيا التى انتدبت على فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى، على حماية فكرة وجود إسرائيل فى المنطقة العربية، وهذا الذى يفسر الدعم غير المحدود الذى يتلقاه هذا الكيان من الولايات المتحدة».

وشدد على أن الولايات المتحدة تتحمل المسئولية الأولى والمباشرة والأكبر عن كل العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، وتتحمل المسئولية عن معاناة هذا الشعب فى مواجهة إسرائيل، لأنها هى التى أعطت الضوء الأخضر للعدوان، وهى التى تحمى هذا العدوان.

ونبه إلى ضرورة تذكر أن الولايات المتحدة استخدمت «الفيتو» ٣ مرات فى مجلس الأمن، خلال الـ٦ أشهر الأخيرة، لمنع المجلس من اتخاذ قرار بوقف العدوان على قطاع غزة والشعب الفلسطينى، كما استخدمت «الفيتو» مرة رابعة لمنع مجلس الأمن من منح فلسطين العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة، لذا فهى تتحمل الوزر الأكبر من العدوان الإسرائيلى.

وقال «الهباش»: «رغم كل ذلك، نحن مؤمنون بأنه عاجلًا أم آجلًا سيحصل الشعب الفلسطينى على حقوقه، وسينال حريته واستقلاله، وسيقيم دولته على كامل أرضه، وعاصمتها القدس، مهما طال الزمان أو قصر، فما ضاع حق وراءه مطالب».

وأضاف: «نحن نعرف أن موازين القوى تميل لصالح إسرائيل بسبب الدعم الأمريكى، لكن الأرض أرضنا والحقوق حقوقنا، ونحن متشبثون بهذه الحقوق ومتمسكون بها دون أى كلل، ويومًا ما نتمنى أن يكون قريبًا، بالصمود والثبات الفلسطينى، وبدعم واحتضان الأمة العربية والإسلامية لنضالنا، سنتمكن من تحقيق الآمال الفلسطينية، وننهى الاحتلال الذى طال أمده».

عبدالمهدى مطاوع: القوى الاستعمارية تعتبر الاحتلال قاعدة عسكرية فى المنطقة تحمى مصالحه 

أشار الباحث السياسى الفلسطينى، عبدالمهدى مطاوع، إلى أن وجود إسرائيل كدولة هو أحد المشروعات التى أسسها الغرب الاستعمارى فى المنطقة، وأهميتها ترتبط ارتباطًا كليًا باستمرار سيطرة النفوذ الغربى، خاصة الأمريكى على المنطقة كلها.

وأضاف: «لا يمكن النظر إلى إسرائيل على أنها مجرد دولة احتلال، ولكنها كيان زرعه الغرب فى المنطقة ليكون قاعدة عسكرية متقدمة للغرب تحمى مصالحه».

وتابع: «ما يحدث حاليًا هو أخطر المراحل فى تاريخ الصراع الفلسطينى بسبب وجود تواطؤ غربى- أمريكى- إسرائيلى فى إطار مخطط أكبر يخص مستقبل المنطقة، مع وجود تضليل متعمد أخفى الكثير من الحقائق، ووجه الكاميرات إلى زوايا معينة وهذا لم يأت من فراغ، ولكن بهدف تصفية القضية الفلسطينية». 

ولفت «مطاوع» إلى أن هزيمة أو نكسة عام ١٩٦٧ تغلب عليها الفلسطينيون فى معركة الكرامة سنة ١٩٦٨ حتى حرب لبنان ١٩٨٢، وراكم الفلسطينيون عليها وحشدوا للانتفاضة الأولى ١٩٨٧، وأدت لأهم النتائج السياسية للشعب الفلسطينى.

وقال: «أعتقد أن أخطر ما مر به الفلسطينيون السنوات التى سبقت نكبة ٤٨، وما يحدث حاليًا بدأ الإعداد له منذ الانقلاب فى غزة ٢٠٠٧، وصولًا إلى هذه النقطة وهى الأخطر فى القضية الفلسطينية». 

وتابع: «الولايات المتحدة منذ البداية وهى تدير الصراع ولا تسعى لحله فى كل المراحل، وربما أبرز دليل على هذا هو إيهود أولمرت، رئيس وزراء إسرائيل فى الفترة من ٢٠٠٦ إلى ٢٠٠٩، لأنه الوحيد الذى وصل إلى تفاهمات جدية مع الفلسطينيين، دون علم الولايات المتحدة، وعندما علمت الإدارة الأمريكية فى ذلك الوقت حاكت مؤامرة سياسية أدت لسجنه لأسباب تافهة مقارنة بما يواجهه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الحالى، من تهم».

مختار غباشى:  نعانى فشلًا فى آليات التعامل مع القضية الفلسطينية

رأى مختار غباشى، نائب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية العربية، أن أصل نكبة ٤٨ ليس فى تخاذل العالم العربى أو انهزامه، بقدر الفشل فى آليات التعامل مع هذه القضية، قبل إعلان دولة إسرائيل وفى أثنائها، موضحًا أن قرار إعلان دولة إسرائيل جاء وفق القرار الأممى ١٨١ لسنة ٤٧ الذى حدد دولة إسرائيلية ودولة فلسطينية، وهو الأساس القانونى لانضمامها إلى المنظمة الدولية عام ١٩٤٩. 

واضاف أن القرار ١٨١ هو الأساس القانونى أيضًا للسلطة الفلسطينية حين تقدمت بأوراقها لنيل العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة. 

وأوضح أنه خلال نكبة ١٩٤٨ بدأت سلسلة من المجازر التى طالت الكثير من القرى والمدن الفلسطينية، بلغت نحو ٤٣ إلى ٤٨ قرية تمت إبادتها بالكامل من على وجه الأرض من خلال العصابات الصهيونية التى باتت تنتشر فى أرض فلسطين. 

وتابع «غباشى» أنه لولا الدول الغربية لما استطاعت إسرائيل أن تمارس العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة لأكثر من سبعة أشهر منذ ٧ أكتوبر الماضى، وفى العقود الأخيرة تم توقيع العديد من الاتفاقيات لم تسفر إلا عن وجود قيادات فلسطينية فى الضفة الغربية، لا تستطيع أن تخرج منها أو تعود إليها إلا بإذن إسرائيل. 

وأوضح أن هناك أكثر من ٥٥٠ حاجزًا عسكريًا فى الضفة الغربية وأكثر من ٥٥ مستوطنة تحاصر الكثير من الأحياء العربية ويتم تهويدها بنسق ممنهج فى ظل خذلان فى التعاطى مع هذا الملف، وفى التسعينيات، فى أثناء المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ارتفعت وتيرة الاستيطان ٤٤٪، وفى فترة الألفينيات ارتفعت بنسبة ٣٣٪، فقد كان يتم التفاوض حول إقامة الدولة الفلسطينية، وفى الوقت نفسه يسمح لإسرائيل بأن تقوم بعمليات استيطان فى كامل الأرض الفلسطينية.