رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عام على الحرب| سودانيون يتحدثون لـ«الدستور»: «مقبلون على كوارث صحية وبيئية وغذائية».. واستمرار حالات النزوح إلى الدول المجاورة

حرب السودان
حرب السودان

تستمر معاناة المدنيين السودانيين من عواقب الحرب الجارية فى البلاد منذ عام، بين الجيش والميليشيا المتمردة «الدعم السريع»، دون أى نهاية تلوح فى الأفق، رغم مقتل وإصابة الآلاف، ونزوح الملايين من المواطنين، بالتزامن مع كوارث صحية وبيئية وغذائية. 

ووفقًا للأمم المتحدة، يحتاج حوالى ٢٥ مليون سودانى، أى أكثر من نصف عدد السكان، إلى المساعدة، بما فى ذلك ١٨ مليونًا يواجهون انعدامًا حادًا فى الأمن الغذائى. «الدستور» تواصلت مع عدد من الخبراء السودانيين؛ لرصد حجم المعاناة المستمرة التى يعيش فيها السودانيون، وأبرز السيناريوهات المتوقعة، مع إكمال الحرب عامها الأول فى ١٥ أبريل الجارى.

طاهر المعتصم: توقعات بتقدم الجيش فى عدة مناطق مع ترقب «مفاوضات جدة»

توقع الكاتب الصحفى السودانى طاهر المعتصم تقدم القوات المسلحة السودانية فى باقى المناطق، خلال الفترة القليلة المقبلة، وأن تصبح ولاية «الجزيرة»، التى تدور فيها معارك حامية منذ أيام، نقطة تحول فى الحرب.

وقال «المعتصم»: «بعد انسحاب الجيش السودانى من ولاية الجزيرة، فى ١٨ ديسمبر الماضى، وطيلة هذه الفترة لم تكن هناك أى تحركات، وهو ما أتوقع أن يتغير فى ظل المفاوضات المرتقبة، خلال أيام».

وأضاف: «التحرك المرتقب للجيش سيأتى استباقًا للمفاوضات، المزمع عقدها فى جدة أو أى مدينة أخرى، يوم ١٨ أبريل الجارى، حسب تصريحات المبعوث الأمريكى للسودان، باعتبار أن أى انتصار يساعد فى رفع سقف التفاوض، لصاحب اليد العليا فى هذه المعركة»، معتبرًا أن «المعارك فى العادة تحسن من الوضع على طاولات التفاوض، هذا ما علمتنا إياه الحروب الأهلية فى السودان». ونبّه الكاتب الصحفى السودانى إلى اتساع رقعة الحرب، واضطرار نحو مليون مدنى إلى النزوح لمدن أخرى، بل واجتياح هذه المدن من قبل «الدعم السريع»، مثل «ود مدنى» فى ولاية «الجزيرة»، ما دفع النازحين للاضطرار إلى النزوح لمدن أخرى غيرها.

كما أشار إلى الأوضاع الصعبة التى يعيشها السودانيون الذين لجأوا إلى دول الجوار الإفريقى، ومعاناتهم المستمرة هناك، متابعًا: «تتحدث الأنباء عن معسكرات داخل تشاد، فيها معاناة كبيرة».

محمد إلياس: اتساع دائرة المعارك.. وانضمام عدة حركات إلى القوات المسلحة

قال محمد إلياس، المحلل السياسى السودانى، إن الاشتباكات العنيفة بين الجيش وميليشيا «الدعم السريع»، فى ولايتى «الجزيرة» و«سنار»، أدت إلى اتساع دائرة المعارك فى عدد من المناطق الأخرى.

وأضاف «إلياس»: «هذه الاشتباكات أدت إلى انضمام عدد من الحركات المسلحة، الموقّعة على اتفاق سلام، للقتال جنبًا إلى جنب مع الجيش، بالإضافة إلى عدد من المستنفرين والكتائب». 

وواصل: «(الدعم السريع) فى حاجة لعدد كبير من القوات، وهناك أنباء تفيد بأن الجيش سيطر على مدينة الشباب، التى تبعد حوالى ٢٠ كم شرقى مدينة (ود مدنى) فى ولاية الجزيرة». 

وأكمل المحلل السياسى: «المعارك مشتدة، وكلا الطرفين يتمسك بالحل والحسم العسكرى، لكن هناك بوادر للتفاوض. وحسب ما ذكرته مصادر متعددة، أرسل الجيش وفدًا إلى مدينة جدة لاستمرار التفاوض، وفى المقابل لم ترد (الدعم السريع) على هذه الخطوة حتى الآن». وتطرق إلى الأوضاع الصعبة التى يعيشها السودانيون جراء الحرب الدائرة، قائلًا: «هناك حالات نزوح ولجوء إلى دول الجوار كثيرة، بالتزامن مع استمرار عمليات الإجلاء من عدة مدن شهدت قتالًا، بالإضافة إلى حالات مجاعة فى عدد من المناطق، وإن كانت غير مؤكدة حتى الآن، وذلك فى ظل استمرار الحصار المطبق على المواطنين، ونقص خدمات الكهرباء والمياه والمواد الغذائية».

وأضاف «إلياس»: «يمكن القول إن السودانيين مقبلون على كوارث صحية وبيئية وغذائية، خاصة مع نقص الغذاء فى عدد من المناطق، والأوضاع فى البلاد لا تبشر بخير».

سامية الهاشمى: المجاعة تواجه البلاد إن لم يتم إنقاذ الموسم الزراعى

أكدت المحامية والناشطة الحقوقية السودانية سامية الهاشمى أن جميع السودانيين يطالبون بأن تضع الحرب أوزارها، ليعود الأمن والأمان لهم ولديارهم، رغم الأطراف الإقليمية والدولية التى تبحث عن مزيد من الصعيد وتوسع الحرب حتى خارج حدود السودان. 

وأكدت أن موقف الشعب السودانى يأتى بعد معاناته الكبيرة التى أثرت فيه بدرجات متعددة، مع الخسائر فى الأرواح وفقدان الأمان وتدمير البنية التحتية للبلاد، من مدارس ومستشفيات ومحطات مياه وكهرباء، وفقد الممتلكات الخاصة، وتعرض أعداد كبيرة من النساء، بصفة خاصة، لكل أنواع العنف والعنف الجنسى، بالإضافة إلى بروز شبح المجاعة الذى يهدد السودانيين إن لم يتم تدارك الأمر عبر استجابة دولية عاجلة لإنقاذ الموسم الزراعى الصيفى المقبل.

وقالت: «أدعو العالم كله إلى سرعة الاستجابة للسودان، ومكافحة الجوع الذى يهدد السودانيين، فلا يليق أن يصيب الجوع بلدًا يشقه النيل طولًا، والعالم يقف متفرجًا دون أن يفعل أى شىء».

مجدى عبدالعزيز: أطراف عدة تغذى الاقتتال بالذخائر والإعانات العسكرية

أكد الباحث السياسى السودانى، مجدى عبدالعزيز، أن طول الحرب فى السودان ووصولها إلى مدة عام كامل هو أمر لم يكن ممكنًا إلا لو كان لها من يغذيها، قائلًا إن هذه الحرب لم تكن لتصل لكل هذه المدة لولا أن لها راعيًا خارجيًا، يدعم الحرب بكل عناصرها، بالذخائر والإعانات العسكرية وفتح المنافذ لدخول المرتزقة من غرب إفريقيا، وأيضًا يوفر لها عناصر الدعم الإعلامى والسياسى. وأضاف: «هذه حرب كبيرة وشاملة ضد السودان، وتهدف منذ بدايتها لاختطاف القرار الاقتصادى والسياسى لهذا البلد الزاخر بمواده الطبيعية ومعادنه النفيسة ونفطه وثروته الحيوانية والزراعية». وأشار إلى أن الحرب استمرت لمراحل عديدة، بعد أن فشلت الميليشيا المتمردة والمتحالفة مع بعض المجموعات السياسية فى اختطاف السلطة فى ١٥ أبريل من العام الماضى، ولجأت إلى احتلال المؤسسات الحكومية وجرت الجيش السودانى إلى حرب مدن، ما زاد تعقيداتها.

وتابع: «القوات المسلحة السودانية استخدمت تكتيكات، أعتقد أنها حققت نجاحًا كبيرًا فى تدمير العدو، وتحرير غالب مدن ولاية الخرطوم، على رأسها مدينة أم درمان، وهى الآن تتقدم فى ولاية الجزيرة، التى تعتبر قلب السودان، وتضم أهم مشاريعه الزراعية والغذائية، والأنباء تشير إلى تقدم الجيش هناك، رغم الحراك الدولى من بعض الدول التى تحاول إدخال قوات خارجية إلى السودان وتطالب بإخلاء المدن من القوات المسلحة». ونوه «عبدالعزيز» إلى أن الفترة الماضية شهدت مبادرات حميدة لحل الأزمة فى السودان، من بينها مبادرة دول جوار السودان، التى قادتها الدبلوماسية المصرية القوية، وحددت خطوطًا واضحة تدعو لعدم التدخل فى الشأن السودانى، والحفاظ على سيادة السودان، ومؤسساته، فى وجه محاولات الداعمين للحرب للعبث بملفات السلام فى مناطق كثيرة، وعبر منظمات ودول إفريقية، لتحقق الحرب أهدافها بطريقة أو بأخرى، بعد فشل محاولة الميليشيات العسكرية. واستطرد: «المبادرات والمحاولات الفاشلة لم تستطع إخضاع الدولة السودانية ولا القوات المسلحة، وما زالت القيادة السياسية والعسكرية فى السودان منفتحة جدًا على تحقيق السلام، لكن، كما أكد دومًا رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق الركن عبدالفتاح البرهان، فلن يتحقق سلام إلا بحفظ كرامة السودان وسيادته وعزته».

وأردف: «بانتصارات الجيش المتتالية وتغير الموقف فى الميدان، فإن القوات المسلحة السودانية تستطيع فرض ما تريد، بدعم من الشعب السودانى الذى يقف خلف قواته المسلحة لتحقيق الاستقرار، بعد أن شهدت هذه الحرب انتهاكات فظيعة للقانون الدولى والإنسانى، وارتكبت على جنباتها جريمة إبادة جماعية فى دارفور، مع استخدام السلب والنهب والتكتيات القذرة لنشر الفوضى، وفرض شبح المجاعة على الأطفال، بعد توسع الصراع إلى مناطق الزراعة وتهديد الأمن الغذائى». وأكد أن القوات المسلحة السودانية مصرة على تحقيق الاستقرار أولًا، وطرد الميليشيا من منازل المدنيين، مع مقاتلة فلولهم من المرتزقة. والفترة ما بعد عيد الفطر المبارك ستشهد تطورات إيجابية لصالح الشعب السودانى وقواته المسلحة، ولصالح الاستقرار فى السودان، خاصة أن الحياة بدأت تدب من جديد فى المدن والولايات، عقب الأنباء عن تشكيل حكومة جديدة فى الفترة المقبلة.