رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هناء متولي تبوح بأسرار "ظريفة" بطلة روايتها "يوم آخر للقتل"

هناء متولي
هناء متولي

على النساء دائمًا أن يدفعن ثمن خلقهن برحم ومبيضين؟! بهذه الكلمات استهلت الكاتبة هناء متولي بوحها بأسرار شخصيتها الروائية “ظريفة”، بطلة رواية “يوم آخر للقتل”، والصادرة قبل يومين في طبعتها الثانية عن الدار المصرية اللبنانية، وكانت الطبعة الأولي صدرت مطلع العام الجاري.

ظريفة ليست شخصية رئيسية لكنها محركًا أساسيًا للحدث 

واستهلت “متولي” حديثها مشيرة إلى أن يبدو الحديث عن شخصية "ظريفة" وهي إحدى شخصيات روايتي "يوم آخر للقتل"، مهمة شديدة التعقيد، ظريفة ليست شخصية رئيسية لكنها كانت محركًا أساسيًا للحدث واللعنة والتشابك بين كل الأطراف.

لقد بدأت حكاية ظريفة أولًا، ثم بدأت اللعنة، ثم صُنعت الحكاية، تدفع النساء دائمًا ثمن خلقهن إناث خاصة في المجتمعات المنغلقة على ذواتها وتقاليدها الشعبية، لنقل أن الثمن يدفع منذ الصغر، يصاحب أول دورة شهرية في أعمارهن الصغيرة، تلك التجربة الصعبة المصاحبة للألم والدماء والشعور بالعار. 

شعور بالعار ناتجًا عن الجهل وكراهية الجسد، تنشأ الفتيات الصغيرات على كراهية أجسادهن مجبرات، حولهن دائمًا خطوط وصور من التحذيرات: إياك واللعب مع الأطفال الذكور، إياك أن يلمس جسدك أحدهم، إن لمسك صبي.. تحملين ويقتلك أباك، الفتاة التي يظهر جسدها تدخل النار، الفتاة التي تحادث الشباب يحتقرها الناس وتجلب العار لوالديها وإلى مالانهاية من التحذيرات والتعنيف الذي يصنع حواجز عتيقة بين الفتاة وجسدها، بين طبيعة خلقها وبين ما يرضى به المجتمع. 

الطبعة الثانية من الرواية

عندما يصير الجسد سجنا

وأوضحت “متولي”: يتفاقم الأمر مع البلوغ والحيض، ليتحول التحذير إلى سجن وهوة سحيقة من النفور والقهر والكراهية لأنفسهن، والخوف المهين من الآخر. في الحديث عن ظريفة، المخاوف تتضاعف، لقد خلقت ظريفة بجسد مثير وعقل خفيف وميراث من العار يتعقب سلسالها من الصعيد حتى الدقهلية، تدفع ظريفة ثمن الجهل والمرض، وتدفع روحها قربانًا لفهم خاطئ لمفاهيم ودلالات تتعلق بمفردة واحدة "الشرف"، ذلك التلقين اللغوي الجماعي الذي ربط الشرف والعار بأعضاء النساء التناسلية فقط.

البرمجة اللغوية الخطيرة جدًا، لم تميز بين كون ظريفة ضحية أو خاطئة. لقد تحول ورم ليفي يصيب أكثر من 80٪ من النساء إلى قرار إعدام لفتاة بسيطة نزحت عائلتها من الصعيد هربًا من عار العمة القديم، نعم كما قلنا العار في بلادنا ملتصق فقط بالفتيات والنساء.

دفعت ظريفة ثمن خوف وجهل أبويها، طيش شقيقها وتجبره، أخطاء الأطباء وجهلهم بأمراض النساء، دفعت ثمنًا خلقها جسدًا جميلًا مثيرًا فقيرًا، لا تملك مالًا أو عائلة تحميها، ولا هي حتى تملك رفاهية العيش الحر، رفاهية الخطيئة، ولا رفاهية التطهر.

لم تكن ظريفة بطلة في روايتي ولا في الواقع، لم أكتبها ولم تكتب نفسها، لقد ولدت لتقتل، قربانًا لمفردات شؤم وميراثًا تقيلا للعنف والكراهية، لقد خُلقت لعنة ودرسًا مهينًا في وجه الإنسانية، عندما سحبها شقيقها حتى الترعة في ليلة مظلمة، ولما قذف بها إلى الماء وهي لن تعوم، عندما شاهدها وهي تغرق، لم يقتلها وحده، قتلها الجميع بالتواطؤ والخوف والخذلان والجهل.

واختتمت “متولي” مشددة على: “تنزح النساء تحت ميراث الكراهية الثقيل الذي يُدمي أجسادهن وعمرهن، ومع ذلك وفي أول فرصة يكن القاضي والسجان ضد غيرهن من النساء أيضًا إذا لزم الأمر، هناك في كل مكان على كوكب الأرض ظريفة جديدة، في مختلف المجتمعات، تعاني من العنف والمرض دون الحصول على شفقة أو مساعدة”.

تموت النساء بالتخلي والإحباط قبل أن تتوقف خلاياهن عن الحياة، ظريفة ظلت شبحًا يطارد النساء في القرية قبل الرجال، وكل الفتيات والنساء اللائي تخلينا عن تصديقهن، دعمهن والدفاع عنهن وتوفير الحماية والحب لهن، هن أيضًا لعنات تمحي مفاهيم الإنسانية والعدالة في قلوب الأحياء، في النهاية، لقد وجدت بعض الشخصيات على الأرض ولم تمنح القوة للعيش، لم يخلقن للفوز ولا الهزيمة، لا يقدرن على شيء، يسبحن مع الموج حتى الغرق، دون محاولة للعوم".