رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الشارقة للإبداع الأدبي" تناقش فنيات سرد ما بعد الحداثة بـ"الأعلى للثقافة"

فعاليات ثقافية وفنية
فعاليات ثقافية وفنية

استضاف المجلس الأعلى للثقافة، تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، وبحضور الدكتور هشام عزمي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، فعاليات جائزة الشارقة للإبداع العربي، في دورتها السابعة والعشرين، وبرعاية الشيخ سلطان القاسمى؛ حاكم الشارقة.

وحملت الخلية  عنوان: (فنيّات سرد ما بعد الحداثة فى الرواية الجديدة)، وأدارها الدكتور حسين حمودة المشرف العلمى على الورشة، الذى تم تكريمه قبيل انطلاق الجلسة تقديرًا لجهده وإضافاته العلمية المتواصلة التى أسهمت بصورة مباشرة فى إثراء هذه التظاهرة الثقافية العربية المهمة، وشارك فى هذه الجلسة من الفائزون إبراهيم أحمد أردش، وشهيرة صلاح كمال.

تحدث الدكتور حسين حمودة مغطيًا محاور هذه الورشة قائلًا: “تنظم هذه الورشة الإبداعية، حول: (الفنيات السردية فى رواية ما بعد الحداثة)، كما نعرف جميعا، دائرة الثقافة بإمارة الشارقة، برعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الراعي النبيل للثقافة وللإبداع العربيين، الذي شملت رعايته تأسيس وتنمية مشاريع عظيمة القيمة، وتشييد مؤسسات ثقافية وإبداعية فعالة، فى شتى البلدان العربية، والذى انطلق فى هذا كله من رؤية شاملة للنهضة الثقافية والإبداعية العربية. وجائزة الشارقة للإبداع العربي، وهذه الورشة، هما من بعض هذه الرعاية، وتنظم هذه الورشة بإشراف دائرة الثقافة بالشارقة، والأستاذ عبد الله بن محمد العويس، رئيس الدائرة، وأنا شاهد على بعض جهوده المخلصة البناءة، فى مؤتمرات وملتقيات جادة، ونشاطات ثقافية دورية منظمة ومنتظمة عقدت بعدد من البلدان العربية”.

 

أضاف: "هذه الجلسة مخصصة للمحور الأول، ويشارك فيها أربعة من المبدعين، وموضوع هذه الجلسة متصل بظاهرة كبيرة، لها أبعادها المتعددة وقضاياها المتنوعة وهى أيضا تطرح مجموعة من الأسئلة والتساؤلات، قضايا للمناقشة".

وفى مختتم حديثه، أكد الدكتور حسين حمودة أنه هناك مجموعة من القضايا يمكن تأمل أبعادها، منها أن مفاهيم الحداثة، ثم خصوصا ما بعد الحداثة، بزغت فى سياق غربى انبثقت منه وتشكلت فيه وتنامت وتبلورت خلاله، وهذه المفاهيم، فى حالة انتقالها إلى سياقنا العربى يمكن أن تحاط بخصوصية تستدعيها معطيات سياقنا، كما أن هناك اختلافات كثيرة حول تاريخ بداية ما بعد الحداثة.

وأوضح إبراهيم أحمد أردش فى ورقته البحثية التي تدور حول فنيات سرد ما بعد الحداثة فى الرواية العربية الجديدة، أن فنيات ما بعد الحداثة في الرواية العربية الجديدة كثيرة، ويصعب على باحث الإحاطة بها كلها في دراسته، وهذا ناتج عن كون الرواية العربية الجديدة هي رواية التجريب المستمر، ومحاولة البحث عن تقنيات غير مسبوقة تمنحها التفرد والسبق وقد رأت في الكثير من تقنيات ما بعد الحداثة مبتغاها ؛ فلجأت الرواية الجديدة إلى توظيف تقنيات الميتاسرد واستخدمت المخطوط وأظهرت الوعي بالفعل الكتابي واستحضرت المتلقي واعتمدت على اليوميات والمذكرات وموضوعات الكتابة عن الكتابة، كما لجأت الرواية العربية الجديدة إلى التداخل النوعي والأجناسي فوجد الشعر المكتوب من خلال شخصيات العمل الروائى وتم توظيف تقنيات المونتاج والسيناريو والحضور السينمائى، والفن التشكيلي والكولاج وتضمين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا في بناء الرواية، إضافة إلى الحضور المسرحى وتقنيات الكتابة الدرامية، كما أفادت الرواية العربية الجديدة من النصوص التي سبقتها واستدعتها باستخدام التناص، واستطاعت أن تستفيد من الواقع الافتراضى وتستجلب تقنياته وتوظفها بطريقة تتناسب وطبيعة الفن الروائى، كما اعتمدت أيضًا على العجائبية وحشد التفاصيل والنسج اللغوي وتلاشي الشخصية الرئيسة والتشظي وتقنية الهوامش، وغيرها من التقنيات الفنية التى يصعب حصرها فى دراسة واحدة.

وتحدثت شهيرة صلاح كمال في ورقتها البحثية التى حملت عنوان “تيار الوعى وتعدد الأصوات في الرواية الجديدة (روايات نجيب محفوظ نموذجًا)”، عن طرق السرد فى الرواية الجديدة تعددت بشكل هائل، لدرجة أن النقاد اضطروا هم أيضا أن ينزعوا من تنظيراتهم وأن يوسعوا من رؤاهم حتى يستطيعوا استيعاب كل هذه الطرق التى أحدثت نهضة حقيقية فى مجال الفن الروائى فى كل أنحاء العالم، والناظر للمشهد الثقافى العربى فيما يخص الرواية تحديدًا يرى أن هذا الجنس أصبح سيد الأجناس الأدبية بامتياز، ولعل أفضل تعريف لطرق السرد والأكثر شمولًا هو الذى أورده الناقد المغربى (حميد الحمدانى) فى كتابه (بنية النص السردى)، إذ يقول: "إن القصة لا تتحدد فقط بمضمونها، ولكن بالشكل أو الطريقة التى يقدم بها ذلك المضمون، وهذا معنى قول "كيرز": أن الرواية لا تكون مميزة فقط بمادتها، بمعنى أن يكون لها بداية ووسط ونهاية، والشكل هنا هو الطريقة التي تقدم بها القصة المحكية فى الرواية، إنه مجموع ما يختاره الراوى من وسائل وحيل لكى يقدم القصة للمروى له".

كما تناولت إشارة "جون فليتشر" و"مالكوم برادبرى" إلى أن أحد المواضيع الكبيرة للرواية المحدثة هو موضوع فن الرواية بعينه، إنه ذاك الموضوع الذي أعطى الرواية المحدثة شخصية رمزية بارزة عن طريق إجبار القارئ على تجاوز محتوى الرواية، وجعله يخترق شكلها.

 تابعت: “لقد حول هذا الموضوع الرواية إلى فن الشخصيات وليس فن المغامرات، فن لا يصف الواقع بل يختلقه، ويقول شكلوفسكى فى تاريخ الفن لا ينتقل التراث من الأب إلى الابن ولكن من العم إلى ابن الأخ، وفى شرح مدلول هذا القول يقول والاس مارتن، إن شكلوفسكى يقصد إن مصدر التجديد فى الراوية ليس تطورًا عن روايات أقدم، ولكن دمجًا لنوع ثانوى أو لا أدبى فيها”.