رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قبائل سيناء.. خط الدفاع الأول عن بر مصر

قبائل سيناء
قبائل سيناء

على مدار عقود ماضية، كانت سيناء مركزًا للهجمات الإرهابية في مصر والقاعدة التي يشن منها المنظمات الإرهابية داعش هجومها ضد الدولة المصرية وشعبها، وتستهدف هجماتهم بشكل رئيسي المدنيين وقوات الأمن، بما في ذلك الأرتال العسكرية ونقاط التفتيش والمنشآت، ووقعت معظمها في مدن شمال سيناء، خاصة العريش والشيخ زويد ورفح. 

اعتمدت استراتيجية الجماعات الإرهابية في مصر بعد عام 2013 على شن هجمات من شأنها بث الهلع والخوف والذعر في صفوف المدنيين، سواء عبر استهدافهم بشكل مباشر خصوصًا المتعاونين منهم مع قوات مكافحة الإرهاب، أو عبر استهداف المرافق الخدمية التي يستفيد منها المواطنون من محطات للمياه ومنشآت تعليمية وصحية وغيرها.

وقد كان لأهالي سيناء نصيب الأسد من تلك الهجمات، والتي تنوعت ما بين عمليات الخطف وقطع رؤوس العديد من أبناء ومشايخ القبائل وهجمات الكر والفر وغيرها، وهو ما دفع القبائل السيناوية إلى الدخول على خط المواجهة جنبًا إلى جنب مع قوات مكافحة الإرهاب ضد العناصر التكفيرية وأعلنت عزمها على مشاركة الجهات المعنية في معركتي الإرهاب والتنمية التي شهدتها سيناء خلال السنوات العشر الفائتة، وذلك على النحو التالي:

أولًا، الجهود الأمنية:

لعبت المواجهات الأمنية التي قامت بها قوات مكافحة الإرهاب المصرية دورًا فعالًا في كسر شوكة التنظيمات الإرهابية، وتدمير قدراتها العسكرية، وقتل قياداتها، وتطويق نطاق امتداد نشاطها الإرهابي، حيث أسفرت الضربات العسكرية التي وجّهتها قوات الجيش والشرطة ضد معاقل العناصر التكفيرية، كالعملية “حق شهيد” و“العملية الشاملة –سيناء 2018” عن تطويق العناصر الإرهابية بشمال سيناء، وإجهاض بنيتها التحتية عبر تدمير المعدات اللوجستية التي تستخدمها من مخازن للأسلحة والعبوات الناسفة وأنفاق وخنادق وغيرها.

وقد اضطلعت قبائل سيناء وفي مقدمتها قبيلة الترابين بدور رئيس في نجاح هذه الضربات، من خلال تقديمهم الدعم المعلوماتي واللوجيستي لقوات الأمن انطلاقًا من خبراتهم الميدانية التي ساعدت في الكشف عن هوية العناصر التكفيرية والقبض عليها، والكشف عن الطرق التي تستخدمها في الاختباء ونقل الأسلحة قبل الانطلاق لتنفيذ أعمالها الإرهابية.

 

ثانيًا، الجهود التنموية:

تلعب التنمية دورًا قياديًا في محاربة الإرهاب؛ كونها تُعد ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي، وخلق بيئة طاردة للفكر المتطرف. لذلك عكفت الدولة المصرية ومؤسساتها كافة على النهوض بالاقتصاد المصري ومُؤشراته، وتطوير البنية التحتية ومشروعات التحول الرقمي، بالتزامن مع اعتماد مبادرات لتحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، لاسيما في مجالات تمكين المرأة والشباب والصحة والتعليم، ومنها برنامج “تكافل وكرامة”، ومبادرة “حياة كريمة”، ومشروعات المياه والصرف الصحي، والمشروعات الزراعية واستصلاح الأراضي.

وقد أولى الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتمامًا متزايدًا بتنمية المناطق الحدودية خاصة سيناء؛ فإلى جانب الجهود العسكرية التي خاضتها الأجهزة الأمنية لتطهير أرض الفيروز من البؤر الإرهابية، انطلق قطار التنمية في كافة المجالات؛ إذ أعلن الرئيس السيسي في مطلع عام 2015 عن تخصيص 10 مليارات جنية لتنمية ومكافحة الإرهاب في سيناء، وطالب القوات المسلحة بالإشراف على عملية الإعمار والبناء بجانب الجهود الأمنية لملاحقة البؤر الإرهابية.

ونفّذت الجهات المعنية كذلك جملة من المشروعات القومية الزراعية والصناعية والخدمية والسياحية، مُستفيدة في ذلك من المقومات الطبيعية والتاريخية لسيناء ومدن القناة. وزادت قيمة الاستثمارات العامة الموجهة لهذه المشروعات بأكثر من 15 ضعفًا، مُسجلًة 73.3 مليار جنيه عام 2022/2023 مُقابل 4.8 مليارات جنيه عام 2013/2014.

وعلى غرار دورهم المحوري في المقاربة الأمنية لمكافحة الإرهاب، كان مواطنو سيناء في مقدمة المشاركين والمساهمين في المقاربة التنموية؛ انطلاقًا من وعي حكومي وشعبي مشترك بأهمية إشراك المواطنين في جهود وعوائد التنمية، بما يكفل تحقيق التوازن بين الأمن والتنمية والسلم الاجتماعي. وفي هذا السياق، كانت شركتا “أبناء سيناء” و”مصر سيناء” مساهمتين رئيستين في المشروعات التنموية المنفذة داخل النطاق الجغرافي لسيناء.