رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رغم الهجوم.. إيران لم تخطط لفتح جبهة واسعة مع إسرائيل.. لماذا؟

المسيرات الايرانية
المسيرات الايرانية في إسرائيل

اغتيال قائد الحرس الثوري في سوريا ولبنان في دمشق، حسن مهدوي، والذي يُنسب إلى إسرائيل، مع نائبه الجنرال رحيمي، يشكل ضربة قاسية لعمل القوات الإيرانية على الحدود الشمالية لإسرائيل، ضربة من الصعب على إيران أن تبتلعها دون رد.

وهو ما دفع إيران إلى إطلاق، ليلة أمس، موجة كبيرة من حوالي 300 طائرة بدون طيار وصاروخ من أراضيها باتجاه إسرائيل، في أول هجوم مباشر على الإطلاق من قبل إيران على إسرائيل.

ولكن المعُضلة التي واجهتها إيران.. كيف تتمكن من الرد بدون تدهور بحرب واسعة لا تريدها؟

مأزق إيران

الهدف الأعلى بالنسبة إلى النظام الإيراني، في المرحلة الحالية، كان السعي لتطوير سلاح نووي، مستغلة بذلك انشغال إسرائيل بالحرب في غزة، وانشغال العالم بالشرق الأوسط، وليس بطموح إيران النووي.

في هذه المرحلة كانت إيران تريد أن تبتعد عن فتح مواجهة مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة وكانت تكتفي بتحريك وكلائها في المنطقة ضد إسرائيل دون أن تتورط بشكل مباشر. 

لكن عملية الاغتيال وضعت إيران في مأزق، هاجمت إسرائيل مبنى رسميًا إيرانيًا، وليس قاعدة عسكرية سورية، يوجد فيها ضباط إيرانيون، أو منشأة تابعة لحزب الله "تستضيف" مستشارين ومدربين إيرانيين.

كما أنه لم يعد بإمكان إسرائيل إنكار الهجوم، وبالتي تجنب إيران ضرورة الرد، فإيران لم يكن لديها فرصة الاختباء خلف ادعاء أن الهجوم هو جزء من الحرب بين إسرائيل وحزب الله، أو أن إسرائيل هاجمت أهدافًا في سورية لا علاقة لها بإيران "وبالتالي لا يُعتبر هجومًا مباشرًا يستدعي الرد".

تحذيرات إيرانية قبل الهجوم

كان واضحًا أن إيران لا تريد فتح حرب واسعة، إذ أفادت وكالة "رويترز" للأنباء، الخميس الماضي، "قبل يومين من الهجوم الإيراني"، أن إيران بلّغت الولايات المتحدة أن الرد على استهداف قنصلية طهران في دمشق سيكون محدودًا وليس تصعيديًا.

ونقلت "رويترز" ذلك عن مصادر سياسية رفيعة المستوى في سلطنة عُمان، وأضافت أن إيران طلبت من واشنطن عدم التدخّل في حال وقوع هجوم إيراني محدود على إسرائيل، وهو ما رفضه الأمريكيون.

كما لا يمكن تجاهل وجود حوار بين واشنطن وطهران حوار منذ بدء الحرب في غزة، صحيح أنه غير مباشر، لكنه واضح ومستمر، تنقل عبره الولايات المتحدة رسائل تهديد إلى إيران. 

على سبيل المثال، بعد التهديد الأمريكي والهجمات على قواعد تابعة لميليشيات موالية لإيران في العراق، أمرت إيران هذه الميليشيات بالتوقف عن مهاجمة أهداف أمريكية في العراق وسوريا، ومنذ 4 فبراير، يسود الهدوء هذه الساحة.

مُعضلة الرد الإيراني

سياسة الاغتيالات الإسرائيلية وضعت إيران أمام معضلة جدية. فمن جهة، السعي للرد على الضرر الذي لحق بقياداتها الكبيرة، حتى إنها تقوم بذلك بصورة مباشرة، وليس عبر الأذرع في الشرق الأوسط- لأن الهجوم شمل أرصدة إيرانية.

ولكن الجانب الأهم، هو أن الرد "المحدود" من إيران قد يوقف حربًا واسعة، أما إذا جاء الرد عبر الأذرع الإيرانية يمكن أن يدهور الأوضاع لتمتد إلى حرب شاملة، والأهم إن إيران تتخوف من أن تؤدي أي خطوة إلى توسيع المعركة بصورة تعرّض أرصدتها الاستراتيجية في هذه المنطقة الشرق أوسطية للخطر (وقبل كل شيء حزب الله)، وتؤدي إلى صدام مباشر مع الولايات المتحدة، لكن في المقابل، إن الرد الضعيف يمكنه أيضًا أن يدل على ضعفها،ولهذا استخدمت مئات المسيرات والصواريخ لتظهر أن الهجوم كبير من الناحية العددية، ولكن من الناحية العملياتية فإنه لم يلحق أضرارًا كبيرة بإسرائيل.