رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مأزق العدالة.. مجلس الأمن والتحديات فى تطبيق القانون الدولى

مجلس الأمن
مجلس الأمن

في ظل تصاعد التوترات والأزمات الدولية، يقف مجلس الأمن الدولي مرة أخرى في مواجهة الانتقادات بسبب ما يُوصف بالتناقض في تطبيق قراراته، خاصةً فيما يخص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، القرار الأخير الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة والذي لم تمتثل له إسرائيل، يُعيد إلى الأذهان السؤال القديم: هل يمكن لمجلس الأمن أن يفرض سلطته فعليًا؟

السياق التاريخي

عبر التاريخ، واجه مجلس الأمن الدولي صعوبات عديدة في فرض قراراته، لا سيما فيما يخص القضايا المتعلقة بإسرائيل، لقد أدى التباين في تطبيق المعايير داخل المجلس إلى تمكين إسرائيل من المضي قدمًا في خططها الاستيطانية، وهو ما أشارت إليه منظمة التحرير الفلسطينية بأنه يعزز من سياسات إسرائيل الاستيطانية، من جهتها، تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها عضوًا دائمًا في المجلس، نفوذًا ملحوظة على قراراته. وقد استخدمت في أوقات معينة حق النقض "فيتو" لعرقلة إصدار قرارات تنتقد إسرائيل أو تدعوها للتراجع عن بعض السياسات.

التحديات والانتقادات

تتجذر الانتقادات الموجهة لمجلس الأمن الدولي في عدم كفاءته بتنفيذ القرارات، وفي التأثيرات السياسية التي قد تعوق هذه العملية، ويُلاحظ المراقبون أن المجلس، المكلف بحماية السلام والأمن العالميين، يعاني من تحديات كبيرة في تطبيق قراراته، ما يُبرز الحاجة إلى إصلاحات تضمن تنفيذ القرارات بفعالية وعدالة أكبر.

وأكد مندوب روسيا بمجلس الأمن أن الوضع في غزة يتطلب تدخلًا فوريًا وحاسمًا، موضحًا أن إسرائيل تقوم بعمليات تطهير عرقي ضد الفلسطينيين، وهذا أمر لا يمكن تجاهله.

وأضاف: يجب على المجتمع الدولي التصدي لهذه الانتهاكات الجسيمة للقوانين الدولية، مضيفًا، المساعدات الإنسانية لا تصل إلى الضحايا بسبب القصف المستمر، وهذا أمر غير مقبول، مشددًا على أن المجتمع الدولي عليه التعامل بجدية مع هذا الوضع وتأمين وصول المساعدات بشكل فوري. 

وقال: "لا يمكننا تجاهل حوادث قتل موظفي الأمم المتحدة وعدم تحقيق العدالة، يجب على المجلس العمل على وقف العنف ومنع التهجير القسري، فالوضع يتطلب تحركًا فوريًا".

كما أشار السفير عبدالعزيز الواصل، مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، إلى مطالبة المجموعة العربية بإصدار قرار تحت الفصل السابع يكفل التزام إسرائيل بوقف الأعمال الحربية في غزة، وفي كلمته أمام مجلس الأمن، استنكر الواصل الحادث المؤسف الذي أودى بحياة موظفي الإغاثة التابعين لمنظمة (المطبخ المركزي العالمي)، مؤكدًا على ضرورة إجراء تحقيق دولي شامل في الحادثة.

التحيز في مجلس الأمن الدولي

يشير الدكتور طارق فهمي، الأستاذ في قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن التعامل المزدوج لمجلس الأمن الدولي مع القضايا العالمية، وبشكل خاص النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، يعبر عن نقص الالتزام من قبل الدول الخمس الدائمة العضوية بتنفيذ القرارات بشكل عادل ومتوازن.
ويضيف في تصريحاته لـ"الدستور" أن استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (فيتو) يعرقل أي محاولة لإدانة الأعمال الإسرائيلية، ما يمنح إسرائيل الضوء الأخضر لتجاهل القوانين الدولية والاستمرار في سياساتها التوسعية دون الخشية من المساءلة.
وتابع: حتى عندما تواجه الولايات المتحدة ضغوطًا دولية تمنعها من استعمال فيتو، تستمر إسرائيل في تجاهل قرارات مجلس الأمن، دون أن يتم اتخاذ أي خطوات فعلية لفرض عقوبات عليها، حتى مع تقديم المقترح من قبل المندوب الروسي للمجلس.

دور مجلس الأمن في الاستقرار الدولي

من جانبهم، يعتبر محللون أن قرارات مجلس الأمن هي حجر الزاوية للثبات العالمي وينبغي تطبيقها بشكل متساوٍ ومنصف. يتمتع مجلس الأمن بالسلطة لتنفيذ أحكام المحاكم الدولية، كما هو موضح في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ومع ذلك، تؤثر السياسات الدولية ومصالح الدول الأعضاء على قرارات المجلس، مما يؤدي إلى تعطيل وإضعاف النظام القانوني العالمي.

يضيف المحللون أن عدم الالتزام بتنفيذ القرارات يمثل خطرًا على السلام والأمن الدوليين، ويشيرون إلى أن العجز عن فرض الاحترام لهذه القرارات قد ينتج عنه دعوات لإصلاح مجلس الأمن أو حتى إلغائه، بسبب الإحباط الناجم عن تراخيه في حماية القانون الدولي.