رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مطالب النساء فى اليوم العالمى للمرأة

فى اليوم العالمى للمرأة الموافق 8 مارس، نقدم التحية لمسيرة كفاح المرأة فى كل أنحاء العالم، من أجل المساواة بين جناحى المجتمع المرأة والرجل، ومن أجل حق التعليم، والعمل، والترشح والانتخاب، ومن أجل عالم خالِ من العنف والتمييز، خالِ من العنف والصراعات، عالم يسوده السلام والاستقرار، من أجل حماية العاملات فى المنازل، من أجل مكافحة العنف ضد المرأة، والقضاء على عمالة الأطفال والاتجار بالبشر.
ولقد تسببت صراعات الدول الرأسمالية المتوحشة الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية؛ من أجل الهيمنة والسيطرة على الثروات، فى معاناة الملايين من اللاجئين والنازحين من الأطفال والنساء، وتسبب الفقر الناتج عن السياسات النيو ليبرالية، فى مزيد من موت النساء والأطفال غرقًا عبر مراكب الهجرة غير الشرعية.
ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى أن اختيار تاريخ الثامن من مارس جاء للتذكير بإضراب عاملات النسيج فى نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية فى 8 مارس 1908؛ للمطالبة بتخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع، ولم يكن هذا الإضراب هو الاحتجاج الأول، فلقد خرجت آلاف من النساء بأمريكا عام 1856 فى تظاهرة حاشدة؛ احتجاجًا على الظروف اللا إنسانية، التى كن يجبرن على العمل تحتها فى ذلك الوقت من ساعات عمل طويلة دون راحة وبأجور ضئيلة، وبدون حق فى إجازات.
لقد حققت ملحمة نضال المرأة، عبر التاريخ، فى العديد من البلدان، نيلًا للعديد من الحقوق فى التعلم والترشح والانتخاب، وتحسين ظروف العمل والأجور وشغل المناصب السياسية والإدارية العليا، ولكن مازالت المسيرة مستمرة فى كل دول العالم. 
ويجىء الاحتفال هذا العام مع استمرار الاقتتال فى السودان منذ أبريل 2023، والذى أدى إلى ممارسة كل أشكال العنف ضد النساء، من قتل وتشريد ونهب لثرواتهن وممتلكاتهن، بل وتعرضت مئات النساء للتحرش والاغتصاب. 
هذا بجانب العدوان الصهيونى الوحشى على الشعب الفلسطينى منذ الثامن من أكتوبر 2023، الذى أدى إلى استشهاد أكثر من 31 ألف شهيد، 70% منهم من النساء والأطفال، بجانب حصار غزة ومنع وصول المساعدات الإنسانية من ماء وغذاء ودواء ووقود؛ مما يؤدى إلى مزيد من الموت نتيجة الجوع والعطش ونقص المستلزمات الطبية. 
بالإضافة إلى أن المعتقلات الفلسطينيات تعرضن للعنف من قِبل جيش الاحتلال، العنف الجنسى والتعرية والتهديد بالاغتصاب خلال احتجازهن، مع التعرض لممارسات قاسية تصل لحد التعذيب بما يشمل تعصيب أعينهن لفترات طويلة وضربهن بشكل وحشى وتهديدهن بالاغتصاب حال عدم الانصياع للأوامر والإجبار على التجرد الكامل من ملابسهن، والتفتيش العارى أمام جنود الاحتلال الذكور.
كما يجىء الاحتفال هذا العام بعد 5 سنوات من صدور الاتفاقية "190" للقضاء على العنف والتحرش فى عالم العمل فى 21 يونيو 2019، ولقد طالبنا فى مقالات سابقة بسرعة تصديق مصر ودول العالم على هذه الاتفاقية؛ من أجل توفير بيئة عمل آمنة للنساء والرجال معًا. 
كما يجىء الاحتفال هذا العام والبرلمان المصرى من المفترض أن يناقش القانون الخاص بالعمل، ويأخذ فى الاعتبار مطالبنا بشأن حقوق العمالة غير المنتظمة والعاملات فى المنازل وتوفير فرص عمل للمرأة، حيث إن نسبة البطالة بين النساء فى سن العمل "15 - 64 سنة" تصل ثلاثة أمثال البطالة فى الذكور. 
بل وكان من الأولويات أن يتم مناقشة وحوار مجتمعى لقانون عادل للأسرة المصرية؛ من أجل العمل على استقرار الأسرة "الأم والأب والطفل"، وبالتالى استقراروتقدم ونمو المجتمع. 
وإذا رجعنا للاتفاقية الصادرة من منظمة العمل الدولية فى الحادى والعشرين من يونيو عام 2019 بشأن القضاء على العنف فى عالم العمل، نجد أنه جاء فى مقدمة الاتفاقية "إن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية إذ يؤكد على أهمية الاتفاقيات الخاصة بالإعلان العالمى لحقوق، الإنسان والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وإذ يقر بأن ظاهرة العنف والتحرش فى عالم العمل، يمكن أن تُشكِّل انتهاكًا أو إساءة لحقوق الإنسان، وبأن ظاهرتي العنف والتحرش هما تهديد لتكافؤ الفرص وظاهرتان غير مقبولتين، وتتنافيان مع العمل اللائق، وإذ يقر بأن ظاهرتي العنف والتحرش فى عالم العمل، تؤثران على صحة الشخص النفسية والبدنية والجنسية، وعلى كرامته، وقد تحولان دون وصول الأشخاص ولاسيما النساء إلى سوق العمل والبقاء فيها، وتؤثران سلبًا على تنظيم العمل وعلاقات مكان العمل، والتزام العمال، وسمعة المنشآت والإنتاجية، وإذ يشير إلى أن العنف المنزلى، يمكن أن يؤثر على العمالة والإنتاجية والصحة والسلامة، وإذ قرر اعتماد بعض المقترحات، بشأن ظاهرتي العنف والتحرش فى عالم العمل، وإذ قرر أن تتخذ هذه المقترحات شكل اتفاقية دولية، يعتمد فى يوم 21 يونيو عام 2019 الاتفاقية رقم 190 للقضاء على العنف والتحرش فى عالم العمل".
وجاء فى بنود الاتفاقية أنها تحمى العمال والأشخاص المستخدمين، بغض النظر عن وضعهم التعاقدى، والأشخاص الضالعين فى التدريب والتلمذة الصناعية، كما تنطبق هذه الاتفاقية على جميع القطاعات الخاصة منها والعامة على السواء، فى الاقتصاد المنظم وغير المنظم، وسواء فى المناطق الحضرية والريفية.
وبهذه المناسبة لابد من الإشارة إلى أنه تم فى كل المنظمات النسائية التى تدافع عن حقوق المرأة إقامة عدد من ورش العمل ناقشت أمورًا هامة، خاصة بقانون العمل الموجود فى أروقة مجلس النواب، وطالبنا بإضافة العاملات فى المنازل إلى الفئات التى يطبق عليها القانون، لأنه تجاهل هذه الفئة، مما يحرمها من الحماية والضمانات الاجتماعية، كما طالبنا بوضع مواد داخل قانون العمل فى بند العقوبات، تتناول تجريم العنف والتحرش فى أماكن العمل وسن قوانين رادعة لمعاقبة الجناة، وللأسف لم يتم- حتى الآن- الاستجابة لهذه المطالب، وإننا مازلنا نطالب بمناقشة مجتمعية موسعة مع كل الأطراف المعنية والمنظمات المدافعة عن حقوق العمال قبل إصدار قانون العمل.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الاتفاقية اختارت لفظ "عالم العمل"، وليس "أماكن العمل"؛ ليتسع مفهوم العنف والتحرش؛ ليشمل ليس مكان العمل فقط، ولكن كما أشارت الاتفاقية فى المادة (3) على أنها تنطبق على ظاهرة العنف التى تحدث فى سياق العمل، أو تكون مرتبطة به، أو ناشئه عنه:
فى مكان العمل بما فى ذلك الأماكن الخاصة والعامة، حيثما تشكل مكان عمل.
فى الأماكن التى يتلقى فيها العامل أجرًا، أو يأخذ استراحة، أو يتناول وجبة الطعام، أو يستخدم المرافق الصحية ومرافق الاغتسال وتغيير الملابس.
خلال الرحلات، أو السفر، أو التدريب، أو الأحداث، أو الأنشطة الاجتماعية ذات الصلة بالعمل.
الاتصالات المرتبطة بالعمل، بما فيها تلك التى تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
فى أماكن الإقامة التى يوفرها صاحب العمل.
عند التوجه للعمل والعودة منه.
وينبغى الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية ليست لحماية المرأة، ولكنها لحماية الجنسين الرجال والنساء.
وفى تحقيق بصفحة "المرأة والطفل" بجريدة "الأهرام" أكد التحقيق أن السيدة التى تتعرض للتحرش فى العمل، تخضع لعدة ضغوط، منها الخوف من التنكيل بها فى العمل، والخوف من الفضيحة والاعتبارات الاجتماعية، سواء متزوجة أو غير متزوجة، وتحميل المرأة الذنب دائمًا مع صعوبة إثبات الواقعة.
كما أشار التحقيق إلى دراسة بجامعة بنى سويف أعدها دكتور طريف شوقى، أستاذ علم النفس، والتى كشفت عن أن 68% من السيدات العاملات فى المصالح الحكومية تعرضن للتحرش، سواء بالقول أو الفعل من جانب زملاء أو رؤساء العمل.
وتشمل الدراسة أشكال التحرش، التى تبدأ بإظهار الإعجاب بالمرأة، أو التحدث فى الأمور الخاصة بها، أو لمس اليد بطريقة متعمدة، أو لمس أجزاء من الجسد، والنظر إلى أماكن معينة من الجسم، أو الشروع فى التقبيل، أو إلقاء النكات البذيئة، أو التهديد أو الإغراء، وأخيرًا طلب المواعدة. 
وبينت دراسة أجريت على عاملات المصانع باتحاد العمال تعرُض 30% منهن إلى التحرش اللفظى داخل أماكن العمل، وأعلى نسبة كانت فى محافظات القاهرة، ثم الدلتا بنسبة أقل، ثم الصعيد بنسبة أقل. وطبعًا من المعروف أن المرأة التى لا تستجيب للتحرش، يتم اضطهادها والتهديد بالفصل أو إجبارها على الاستقالة. وكل هذا بالتأكيد يتنافى مع حق الإنسان فى ظروف عمل آمنة.
نتمنى بأن تناقش هذه الاتفاقية مناقشة واسعة والتوعية بها للرجال والنساء، وأن تصدق مصر على الاتفاقية، بل وكل البلدان العربية، وذلك من أجل توفير بيئة عمل آمنة تشجع على المشاركة فى تقدم وبناء الدول. 
ونطالب فى شهر المرأة بـ: 
وقف الحرب فورًا الدائرة فى السودان، ومحاكمة مرتكبى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أمام المحاكم ادولية.
الوقف الفورى للعدوان الصهيونى على الشعب الفلسطينى وإدخال المساعدات الإنسانية.
محاكمة مجرمى الحرب من الكيان الصهيونى أمام المحاكم الدولية.
تقديم التسهيلات لدخول الآلاف من الجرحى والمصابين الفلسطينيين إلى مصر للعلاج.
مناهضة العنف ضد المرأة بكل أشكاله "الأسرى والمجتمعى"، حيث تشكل ظاهرة عنف الأزواج ضد الزوجات ظاهرة عالمية وتشير الإحصاءات إلى أن من بين كل عشر نساء تتعرض للعنف تقوم فقط أربع منهن بالتبليغ عن الواقعة وواحدة فقط من الأربع تستخدم حقها فى رفع قضية أمام المحكمة ضد الجانى.
تصديق الحكومات على الاتفاقيات الصادرة من الأمم المتحدة، الاتفاقية رقم "189" لحماية العاملات فى المنازل، والاتفاقية رقم "190" لعام 2019 لمواجهة العنف فى أماكن العمل،هذا بجانب المطالبة بتحسين الأجور والمعاشات أسوة بالرجال "الأجر المتساوى عن العمل المتساوى" وإدماج المرأة فى العملية الاقتصادية.
تمثيل المرأة بـ 50% فى كل المجالس النيابية المنتخبة وفى كل مؤسسات وهيئات الدولة. 
مواجهة التحرش ضد النساء مع سن تشريعات وعقوبات رادعة ضد جرائم التحرش والاغتصاب المنتشرة فى كل دول العالم، سواء المتقدمة أوالنامية بشكل كبير، ومن الجدير بالذكر أن بعض الدول، ومنها مصر أصدرت قوانين بتغليظ العقوبات الخاصة بجرائم التحرش.
اهتمام الدولة برعاية الأمومة والطفولة، مع حظر تشغيل الأطفال فى الأعمال التى تعرضهم للخطر، مع التزام الدولة برعاية الطفل وحمايته من أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى.
بناء اقتصاد تنموى يعمل على خلق فرص عمل، وتحسين الظروف المعيشية والقضاء على الفقر بجانب توفر الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، وذلك للقضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية "فى قوارب الموت" التى تطال النساء والأطفال. 
الحل السلمى للصراعات والحروب التى تقع بين الدول وتقع داخل الدولة الواحدة، والتى من نتيجتها تعرض النساء والأطفال لمزيد من المعاناة عبر النزوح واللجوء للبلدان المجاورة هربا من القتل والتدمير.
إصدار قانون لمواجهة العنف ضد المرأة بكل أشكاله، مع تغليظ العقوبات ضد جرائم العنف لتكون رادعة.
إنشاء مفوضية عدم التمييز، التى نص عليها الدستور المصرى فى مادته "53" فى الباب الثالث "الحقوق والحريات والواجبات العامة".
إصدار قانون عادل للأسرة المصرية لصالح الأب والأم ويحقق المصلحة الفضلى للطفل
التحية لمسيرة نضال النساء فى كل أنحاء العالم؛ من أجل عالم تسوده المواطنة والمساواة والسلام والعدل والرخاء والعدالة الاجتماعية.