رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وكأنه!!

ونحن نحتفي بمناسبة مئوية ميلاد الكاتب الصحفي الرائد والأستاذ محمد حسنين هيكل، أتذكر عند حديثه عن أحوال العرب في زمن صعود حكم "إخوان البنا" للبلاد، أن ذكر في حلقات "مصر إلى أين" مع الإعلامية "لميس الحديدي" طريقة جديدة يعرضها "مطعم كأن" بعاصمة الصهاينة تل أبيب لتحفيز الفرد الإسرائيلي لتخسيس وزنه على طريقة الكوميديان العظيم "إسماعيل يس" في المشهد الساخر عند تناوله بالشوكة لطبق المكرونة الفارغ بأداء جاد جدًا فتتفجر للأداء الساخر الضحكات، ويرى "هيكل" أن ذلك المطعم وفكرة نظام تشغيله على هذا النحو يذكره بذلك الأداء التمثيلي الذي باتت تمارسه معظم الأنظمة العربية عند إعلان التحفظ والشجب والرفض والغضب والقلق للتعامل مع كل موقف عدائي لعدو العرب مهما بلغت بشاعته ودمويته.. و"كأن" مجرد صدور البيانات والاكتفاء بنشرها بات ذلك بديلًا لممارسة رد فعل يساوي في القدر والقوة في الاتجاه المضاد لفعل الأعداء..
وبمناسبة الحديث عن الشأن العربي بشكل عام وجامعة الدول العربية بشكل خاص أتذكر بعض ما جاء في مقابلة صحفية أجريتها مع الدكتور الراحل أحمد جويلي أمين مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية (ووزير التموين الناجح والملقب من مواطنيه بوزير الغلابة)، وتم نشره في مجلة "آخر ساعة" أنئذ.. وكان العنوان "جويلي: لو استمر الوضع العربي على ماهو عليه، أرى أن العرب أمة قد تكون مرشحة للاختفاء !!".. وأستأذن القارئ العزيز في عرض بعض ما أتذكره من فحوى ما جاء في المقابلة (مع ملاحظة أن الأرقام المذكورة تعود للحقبة الأولى في الألفية الجديدة).. 
• لا شك أنه قد تراكمت لدى المواطن العربي العديد من الخبرات والتجارب شكلت لديه ذلك التصور السلبي عن العمل العربي فبات لا يثق فيما يُقال أو يصدر عن أي جهاز أو مؤسسة عربية.
• تمويل مشاريع الإنماء العربية ومصادر الحصول عليه ليس هو المشكلة بقدر أهمية تفاعل العرب وحماسهم لمواجهة المشاكل.
• أحداث 11 سبتمبر وإفرازها العديد من القرارات والمواقف العنصرية تجاه الاستثمارات العربية في أوروبا والولايات المتحدة جعل هناك اتجاه ملحوظ للاستثمار العربي في المنطقة العربية..
• المنطقة تعاني بطالة بنسبة 20% الآن وكل سنة يُضاف من 3 إلى 4 ملايين نسمة بطالة .
• العرب عليهم الاستثمار في 30% من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل.
• الدول العربية تصدر في اليوم 23 مليون برميل، فلو تم تخصيص دولار واحد من عائد كل برميل سيتم توفير التمويل اللازم لمشروع إحياء المنطقة العربية.
• هذا ليس زمن الصغار والصغار لا بد أن يتحالفوا ليصيروا كبارًا فالعمل فرادى سيؤدي بنا إلى التلاشي وأن نصير مجرد كيانات صغيرة تعيش على الاستيراد.
• لقد اتخذت خطوات جيدة.. هناك منطقة تجارة حرة عربية كبرى منذ يناير 2005 وأصبح 17 دولة ليس بها جمارك وفي 2010 تنضم باقي الدول.
• إن الزيادة السكانية بمعدل 2.4% في العام، بينما إنتاج العرب من المواد الغذائية لا يتزايد بشكل يغطي هذه الزيادة نشأ عنه فجوة غذائية هائلة تُقدر قيمتها 16 مليار دولار.
• لا بد من تغيير فلسفة العمل العربي بحيث لا يظل البعد السياسي هو الأبرز وله الأولوية وعلى قمة العمل، بينما الأمور السياسية وقضاياها هي أكثر الموضوعات التي نختلف حولها، حيث لكل دولة اهتماماتها ومصالحها.
• التواجد العربي في إفريقيا أمر حتمي ومهم وتوجه ندفع في اتجاهه أنشطة المجلس.             
   لقد أعرب لي أمين الوحدة الاقتصادية العربية في تلك المقابلة الصحفية عن دهشته وتعجبه وضيقه لمعاناته لاستكمال مشروعه ومشروع الجامعة العربية لوضع خريطة استثمارية للدول الأعضاء بالجامعة، وذلك لعدم استجابة بعض أجهزة الدول المعنية للإفصاح عن البيانات والأرقام باعتبارها خصوصيات مما عطل لفترة إتاحة المناخ الداعم لكل أشكال تبادل المعلومات لوضعها على  سطح تلك الخريطة المهمة، ولكن في النهاية قام المجلس بإعداد خريطة استثمارية تتضمن المشروعات الاستثمارية وعرض فرص الاستثمار المتاحة، وقد تم وضع كل ملفات الاستثمار للدول العربية على موقع المجلس على شبكة الإنترنت.. كما قام المجلس بإنشاء شركة للتجارة والتسويق والاستثمار في منطقتنا العربية همنا الدائم والمتواصل..
وعليه، ورغم كل الظروف الأخيرة التي نعيشها في منطقتنا العربية، وبشكل خاص ما تعانيه بعض الدول من حالة غياب الدولة المستقرة واشتعال الصراعات الداخلية على أراضيها، بالإضافة لبشاعات ما يحدث على الأراضي الفلسطينية ولبنان وجنوب البحر الأحمر، إلا أن أمر السعي إلى التئام كل جراح فقدان فرص التواصل والعمل الجماعي العربي الجاد بشكل أو بآخر بات من الضرورة بمكان؛ لمواجهة كل خطط القوى المعادية لإفشال كل محاولات التكامل والتعاون بأي قدر متاح.
تعالوا نفسد كل محاولات تفعيل إعلام ونظم تعتمد آلية "كأن" لإضاعة كل فرص التعاون والتكامل الجادة والقابلة للتنفيذ.. تعالوا نعظم كل فرص العمل العربي المشترك وإسقاط محاولات أهل الفتن والوقيعة بين النظم العربية..
تعالوا نتذكر ما أوصى به الرئيس عبدالفتاح السيسي في مؤتمر حكاية وطن عام 2018 حول أهمية العمل العربي والتعاون البيني، ومنها:
• الشعب المصري استطاع في أربع سنوات بتماسكه وتلاحمه أن يقف صامدا متحديا التحدي ذاته.
• تاريخ الأمم ليست حلقات منفصلة أو جزر منعزلة بل هو سياق متصل يزدهر بالنضال والانتصارات.
• قوي الشر صاحبة المخططات والأطماع في الثروات والمقدرات العربية.
• خسائر الدول العربية بلغت 900 مليار دولار في البنية التحتية، وخلفت أكثر من مليون و400 ألف قتيل وأكثر من 15 مليون لاجئ.
• منذ أن بدأت ممارسة حياتي العملية وكنت أراقب مقدمات ما يجري في منطقتنا العربية.
• مصر هي الهدف الرئيسي، والجائزة الكبرى لمن أراد بهذه الأمة شرا.