رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العدو وإعلامه وفخاخه

ثيودور هرتزل، اليهودى النمساوى، مؤسس الصهيونية، كتب فى افتتاحية العدد الأول من صحيفة «دى وولت» الأسبوعية ولسان حال الحركة الصهيونية فى عام ١٨٩٧ بأنه «يجب على هذه الصحيفة أن تكون وتتحول إلى درع حامية للشعب اليهودى، وتكون سلاحًا ضد أعدائه»، وحتى هذه اللحظة يفكر كل الصحفيين الإسرائيليين مثل هرتزل، ويستخدمون الإعلام فى الترويج لأكاذيبهم وخرافاتهم، ويحدث هذا قبل ١٩٤٨، حيث أنشأت الحركة الصهيونية إذاعة موجهة لليهود وأصدرت ١٤ صحيفة بينها ٤ ناطقة بالعربية، ومن بين هذه الصحف اثنتان على الأقل تعدان اليوم مرجعًا للأخبار التى تخص إسرائيل فى العالم، هما صحيفتا «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت»، وقد صدرت الأولى عام ١٩١٩، بينما صدرت الثانية عام ١٩٣٩، وصحيفة «معاريف» عام ١٩٤٨، وظل ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، مؤمنًا بشدة مثل هرتزل بأن للإعلام دورًا ووظيفة، فأعلن فور توليه منصبه عن تأسيس «هيئة رؤساء تحرير الصحف»، وهى الهيئة التى تتبع، بشكل أو بآخر، جهاز الموساد، وكنت طوال عملى الصحفى لا أميل إلى نقل أى أخبار أو معلومات عن الصحف العبرية حتى لو كانت المادة المقدمة تدين الاحتلال، ومنذ السابع من أكتوبر الماضى يلعب الإعلام الإسرائيلى دورًا لا يقل قذارة عن الدور الذى يقوم به الجيش ضد الشعب الفلسطينى، ووصل الأمر إلى دفع مبالغ طائلة لشركات فى الهند ومناطق متفرقة من العالم للدفاع عن وجهة نظرهم من خلال ميليشيات كانت إلى وقت قريب منحازة إلى الحق العربى، تطرقى لهذا الموضوع سببه أننى قرأت فى موقع مونت كارلو الدولى «بالعربى» تقريرًا ظاهره مهنى وباطنه الشر كله، هذا التقرير يتحدث عن تحذير الإعلام الإسرائيلى من حملة تحمل اسم «إسناد» يقوم بها شباب مصريون، يعتقد أنهم أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين، على تطبيق تليجرام، هدفها «اللعب بعقول الإسرائيليين»، من خلال بث أخبار متعلقة بالحرب على غزة، السم فى العسل فعلًا، هم يريدون أن يصنعوا أبطالًا من الإخوان، ويظهروا للعالم أن الشباب المصريين الذين يدعمون المقاومة ينتمى إلى الجماعة الإرهابية، وكأن بقية الشباب المصريين تدعم الاحتلال، لم يعرفوا أن الوحشية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى وحّدت الجميع على كراهية المغتصب، وأن أفكارًا مثل «إسناد» (لو كانت حقيقية) ستكون نابعة من ضمير الوطنية المصرية، ولا نعرف أن الإخوان يجيدون اللغة العبرية أو غيرها إلا إذا كان هناك جديد لم نعرفه عنهم، صحيفة «هآرتس» قالت: «إن تلك الحملة تقود موجة واسعة النطاق لضرب المعنويات ونشر الانقسامات فى داخل إسرائيل من خلال (التلاعب بعقول الإسرائيليين) وأدعت أن بعض الأدلة يقود إلى أنه من المحتمل أن يكون الإيرانيون لهم يد فى الحملة، التى هى عبارة عن (حرب سيكولوجية لتشويه صورة جيش الدفاع وإلى خلق انقسامات داخل إسرائيل)»، وأشارت إلى أن آلاف المتطوعين من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين المنفيين خارج مصر وراء تلك الحملة التى أسموها «إسناد فلسطين»، وتقول صحيفة «ذا ماركر» الإسرائيلية، حسب تقرير مونت كارلو، إن «مجموعة مغلقة على تطبيق تليجرام، تضم شبكة من المتطوعين من جماعة الإخوان المسلمين، الذين يخترقون صفة مستخدمين إسرائيليين ناطقين بالعبرية، ومن بينهم أعضاء خبراء رقميون ومصممو جرافيك وخبراء فى الذكاء الاصطناعى وغيرهم»، وتضم أيضًا عددًا من المتطوعين ينتحلون صفة مستخدمين إسرائيليين ويستقطبون شباب إسرائيل على الشبكات الاجتماعية، وتعمل المجموعة على بث الآلاف من الرسائل موجهة للرأى العام الإسرائيلى، المؤكد أن حملة كهذه وخيالًا كهذا وخبرات كهذه من المستحيل أن يكون وراءها خيال فقير ومريض مثل خيال الإخوان، الإعلام الصهيونى مهما فعل، لن ينجح فى ألاعيبه الشيطانية فى مصر، لأن كراهية المغتصب تورث مع الجينات، أما عن الإعلام الإخوانى الذى تم اختزاله فى عدد من الوجوه على بعض القنوات اللقيطة فهو لا يكف عن الاستعانة بإسرائيل ليس فقط للنيل من النظام وتشويه صورته أمام الشعب المصرى، بل من الدولة ذاتها ومؤسساتها الوطنية، مستعينًا بالإعلام العبرى الذى أصبح المادة الرئيسة لكل البرامج السياسية التليفزيونية الإخوانية، وباتت الشاشات الإخوانية تنقل صور الخبراء والمحللين الإسرائيليين عن الأوضاع فى مصر، كأنها مسلمات غير قابلة للنقاش ولا حتى التشكيك، الإخوانجية يتجاهلون معرفتهم بأن الإعلام الإسرائيلى موجه، إما مخابراتيًا، أو أيديولوجيًا، مصحوبًا بكراهية مصر لأسباب قديمة سياسية وأيديولوجية ودينية.