رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اعترافات مجرمى الحرب.. جنود الاحتلال: أى مدنى لا يخلى منزله نعتبره من حركة حماس

جنود الاحتلال
جنود الاحتلال

كشف جنود الاحتياط الإسرائيليون، المسرحون، عن حقائق صادمة تفضح ممارسات جيش الاحتلال فى غزة، واستخدامه قوة نيران هائلة فى حرب وحشية حوّلت جزءًا كبيرًا من غزة إلى أنقاض.

وتحدث جنود الاحتلال عن التحدى المتمثل فى القتال على أرض غير مألوفة لهم، والمعروفة لدى حماس، والتى أتاحت فرصًا لشن هجمات مفاجئة، على الرغم من التفوق العسكرى التقليدى لإسرائيل وقوتها الجوية، معترفين باستهدافهم المدنيين فى شمال غزة، واصفين مقاتلى حماس بأنهم أشباح، حسبما ذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية.

وتابعت الصحيفة أن الجنود أكدوا أنهم كانوا يخوضون قتالًا متلاحمًا كل يوم تقريبًا، ويعتبرون المدنيين الذين تجاهلوا التعليمات الإسرائيلية بإخلاء منازلهم متواطئين مع حماس، وبالتالى أهدافًا مشروعة.

ولم يُسمح للجنود بالتحدث إلى وسائل الإعلام، وأجرت صحيفة «الجارديان» مقابلات معهم، بشرط عدم الكشف عن هويتهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات المتعلقة بالتجربة الفعلية تخضع لرقابة مشددة من السلطات الإسرائيلية، إذ مُنع الصحفيون من دخول غزة، باستثناء الرحلات القصيرة التى يجرى الإشراف عليها بعناية مع قوات الدفاع الإسرائيلية.

وقال أحد ضباط الصف، الذى كان فى غزة لمدة شهرين مع وحدة مشاة: «الدمار هائل، ما أذهلنى حقًا هو أنه لا يوجد مكان يمكن لأى شخص أن يعود إليه، لا يوجد حتى ثلاثة جدران متصلة، يبدو وكأنه مشهد لهجوم زومبى أو شىء من هذا القبيل، إنها ليست منطقة حرب، إنها منطقة كوارث».

وقال أحد المحاربين القدامى ممن عادوا مؤخرًا: «الأمر ليس كما تراه فى وسائل الإعلام، إنها ليست مثل لعبة كمبيوتر، هناك أيام وأيام لا يحدث فيها شىء ولا ترى مقاتلين لحماس مطلقًا، ثم يسير كل شىء بشكل جنونى لمدة ساعة أو نحو ذلك، ثم لا شىء مرة أخرى».

وقال جنود احتياط آخرون إنهم قاتلوا فى معاقل لحماس مثل مخيم الشجاعية وجباليا، لكنهم لم يروا أيًا من هؤلاء المقاتلين، أو بالكاد رأوهم لأكثر من بضعة أجزاء من الثانية.

وتابع أحد الجنود: «إنهم لا يظهرون، نرى الأهداف لمدة جزء من الثانية، إنه أمر غريب نوعًا ما، أنت تمشى فى هذه المدينة المحطمة الفارغة ولديك كل هذه القوة التدميرية- المروحيات الهجومية والدبابات والمدفعية التى يمكنك طلبها- شاعرًا بالقدرة المطلقة تقريبًا، وفجأة تشعر بالضعف والخوف، يظهرون لجزء من الثانية ويحدثون دمارًا هائلًا ويختفون».

وأكد البعض أنهم أمضوا أيامًا طويلة وهم يحاولون العثور على شبكات الأنفاق وتدميرها، وصدموا جراء ما وجدوه، فكان بعضها أكثر اتساعًا مما كان يعتقده الخبراء العسكريون فى جيش الاحتلال، ومتطورة بطريقة سمحت لمقاتلى حماس بالظهور بشكل غير متوقع وتنفيذ هجمات كبرى.

وقال أحد المجندين: «كان من المفترض أن أرسم خرائط الأنفاق ولكن فى النهاية ركزت فقط على الأنفاق الرئيسية، وحددت مكانها ثم قصفنا أى شىء اعتقدنا أنه من الأنفاق»، وقال ثانٍ إن الأنفاق كانت «فى كل مكان، فى المنازل، وحتى فى الأراضى القاحلة، لقد جربنا كل الوسائل للعثور عليها، من كاميرات على الأسلاك، كنا نضع قنابل دخان عليها عند نقطة ما ثم نبحث عن المكان الذى خرج منه الدخان، وغيرها من الوسائل ولكن لم تنجح أى منها بشكل كبير».

واعترف ضابط تم تسريحه من الخدمة بأن جيش الاحتلال كان يستخدم قوة النيران الهائلة للحد من خسائره الكبرى فى شمال غزة، ما تسبب فى سقوط آلاف الضحايا فى صفوف المدنيين.

وقال جندى من وحدة «دوفدفان» التابعة للقوات الخاصة، إن وحدته لم تواجه مسلحى حماس إلا فى ثلاث مناسبات خلال ستة أسابيع فى شمال غزة، وصدرت أوامر لغالبية المدنيين بالإخلاء منها فى وقت مبكر من الحرب. وعندما سُئل الجندى عن التكتيكات التى تستخدمها الوحدة فى مثل هذه المواقف، ضحك، قائلًا: «لا توجد تكتيكات، نأخذ بعض الأسلحة ونقوم بتفريغها بقوة كبيرة لمدة ساعة تقريبًا، لدينا كل أنواع الأسلحة والدبابات، نستخدمها بالكامل، ثم نتقدم ونعثر على الجثامين ملقاة على الأرض».

وأوضحت الصحيفة أن العديد من الجنود المسرحين أكدوا أن استخدام المدفعية بعيدة المدى أو الغارات الجوية على مسافة من معظم القوات البرية، تسبب فى سقوط آلاف الضحايا من النساء والأطفال.

وقال بعض الجنود إنهم يعتبرون أى مدنى فشل فى إخلاء منطقته بعد التحذير من مقاتلى حماس.

وقال العديد ممن أجريت معهم مقابلات إنهم صدموا من الخرائط أو الصور الموجودة فى المنازل والمدارس والمكاتب، والتى أظهرت دولة فلسطينية مفترضة تمتد من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، دون مكان لإسرائيل، وقال ضابط ثالث إنه أوضح لرجاله أنه بالمثل لا توجد خرائط كثيرة فى إسرائيل تظهر المدن الفلسطينية أو الدولة الفلسطينية المفترضة.

وتابع الضابط: «بعض الجنود انتهكوا إنسانية المدنيين وجردوهم منها بشكل مبالغ فيه، ولكن البعض الآخر كان يشعر بالتعاطف مع المدنيين، شعرنا جميعًا بالذهول عندما رأينا المدنيين والعائلات يخرجون من تحت الأقبية ووسط الدمار والأنقاض بعد وقف إطلاق النار، تساءلنا كيف نجوا من كل هذا الدمار والقتل؟».

واعترف ضابط آخر بأن معظم قادة ومقاتلى حماس نجوا من هذه الحرب، بالرغم من الادعاء بمقتل أكثر من ٩ آلاف من مقاتلى الحركة التى يتراوح عدد مقاتليها بين ٣٠ ألفًا و٤٠ ألفًا.