رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لكى تستعيد الكرة المصرية هيبتها

  • [email protected]
     
    صدمنا المنتخب الوطني لكرة القدم صدمة كبرى بخروجه المبكر من بطولة الأمم الإفريقية.. خرج من دور الـ16 بضربات الجزاء أمام فريق الكونغو الذي كان في المتناول تمامًا أمامنا، وقد يقول قائل إن المنتخبات العربية الخمسة خرجت كلها من البطولة تباعًا (تونس والجزائر خرجتا من دور المجموعات، ثم مصر وموريتانيا من دور الـ16، وأخيرًا المغرب رابع كأس العالم، خرج من نفس الدور بهدفين نظيفين لجنوب إفريقيا أوقفا مسيرته وضيعا آمال جماهيره وجماهير الكرة العربية بأسرها).. وقد يقول آخر: كان الطقس في كوت ديفوار عالي الحرارة والرطوبة بشكل لا يتناسب مع دول الشمال الإفريقي..
    القولان صحيحان ولكن تاريخنا المصري أكبر من كل هذه الأقاويل التبريرية، وليس لأن نظيرك خرج يجب أن تخرج، وأما الجو الذي قد يكون أعجزك عن نوال المراد فهو نفسه الذي سمح للآخرين بالحيوية والظفر، ولاعبو الكرة لا بد أن يتعودوا على الظروف المختلفة عن ظروفهم البيئية، الطبيعي أن يكثفوا احتكاكهم الودي بمثلها مقدمًا، ويتهيؤوا لها قدر الإمكان!
    التعاقد مع فيتوريا، الذي لم يدرب منتخبًا قبلنا، كان سببًا في تعادلاتنا الأربعة حتى الخروج، وكان سببًا في استقبال شباكنا لسبعة أهداف في أربع مباريات فقط لعبناها بهذه الدورة، وهذه صدمة مهولة تغاير واقعنا الإفريقي..
    فيتوريا، بالأساس، ليس مدربًا راسخ القدم، بل يبدو مهزوزًا، ويفتقد إلى الذكاء التكتيكي، وإلى بث روح قوية في اللاعبين، يبدو جهازه المعاون كذلك بالمثل، واتحاد الكرة الذي في خلفية المشهد يبدو غير جدير بالمسئولية.. ولعل اعتذاره الهش، بعد النهاية المؤسفة، يؤكد ذلك، وإن كانت قراراته الإصلاحية الأخيرة، مهما تدنت عن طموحنا القومي، بمثابة محاولة للخلاص من عشوائية نما بأحضانها! 
    جرى ما جرى على كل حال، ويتحتم علينا الآن أن نسارع إلى إنقاذ فرحتنا  المصرية من الغرق في بحور الأحزان؛ فانتصارات المجال الكروي هي أكثر ما يسعدنا، وينسينا هزائم بقية المجالات، ويجعلنا ننسجم مع الأوضاع المعقدة، ونقنع ونرضى. 
    راتب فيتوريا الضخم (200 ألف يورو شهريا) سيفيدنا أن يعود كثير منه إلى خزينتنا بعد التعاقد مع آخر (أجنبي أو وطني) يرتب الأوراق من جديد، ويستعيد للكرة المصرية هيبتها، وللمشجعين المصريين ثقتهم الغاربة، لم يكن الاختيار ليكون هكذا من البداية، ولا الراتب المبالغ فيه، لولا استهتار المتعاقدين الفادح الذي دفعنا دفعًا نحو الهاوية!
    الحلول بسيطة ومتاحة، والشرط أن يكون الموكول إليهم الموضوع جادين وصادقين ومخلصين وشفافين وعلميين وعمليين وفسحاء، وأن يكونوا، في الأول والآخر، واعين بما يفرضه عليهم اسم الوطن العزيز من الالتزام المضاعف، مصر العظيمة مليئة بالكوادر القادرة على إدارة أزماتها الرياضية كما غيرها، وبآلاف المواهب الشابة التي تنتظر فرصة، وبالطاقة الإيجابية محولة الإحباطات إلى عزائم خلاقة.