رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن معرضه الاستعادي دق الأوتاد

سيد هويدي لـ «الدستور»: اللون الأزرق هو مفتاح الدخول إلي مصر

سيد هويدي مع إحدي
سيد هويدي مع إحدي لوحات المعرض

دق الأوتاد.. 24 عاما في الألفية، أحدث معارض التشكيلي سيد هويدي، الذي تنطلق فعالياته في السادسة مساء السبت المقبل، بقاعة صلاح طاهر للفنون التشكيلية بساحة دار الأوبرا المصرية بأرض الجزيرة.

 

دق الأوتاد.. 24 عاما في الألفية

 

وعن معرضه الاستعادي “دق الأوتاد.. 24 عاما في الألفية، قال الفنان التشكيلي سيد هويدي لــ ”الدستور": يضم المعرض 60 عملا، ويستمر حتي 15 فبراير الجاري. 

 

وأوضح سيد هويدي: عدت إلي وطني من الخارج بعد رحلة عمل استغرقت عشر سنوات، كأنها جملة اعتراضية، في مسيرة بدأت من قاعات الدرس في جامعة حلوان، سواء في كلية التجارة الخارجية، أو كلية الفنون الجميلة، وحكايات (بطن الزير) في شارع أبو الفدا التي سطرها طلبة كليات الفنون الجميلة وكلية التربية الفنية والتجارة الخارجية والتربية الموسيقية، وأصبحوا نجوم.. فنانين وشعراء وكتاب صحفيين من اجتماعهم الأسبوعي مع قهوة عم "عبده" والشاي الغامق علي ضفاف النهر في رحلته الطويلة الي المصب حيث النشأة والانتماء لبلدي (دمياط).

 

 

وتابع: دفعني شغفي الدائم بالجغرافيا والتاريخ كمصري، تفتح وعيه علي إسهام "جمال حمدان" في رصده الدقيق لأهم ملامح شخصية مصر في كتابه الشهير، إلي إقامة معرضي (بكسلة) 2016 بمركز الجزيرة للفنون بالزمالك، الذي ناديت فيه بفرصة ثانية نعيد فيها اكتشاف أنفسنا، في وجود مفهوم (الزمكان) باعتبار أننا لو سحبنا هذا المفهوم علي كل قناعتنا ممكن أن نجد إجابة لسؤال الهوية المحير أو أننا ننطلق من مفهوم الزمكان الفيزيائي إلي التقدم، صحيح أننا نعان من أميات قاتلة، لكن لابد من البداية، لأن غياب مفهوم نسبية المعطيات التي نتناولها تجلعنا خارج حركة التقدم، بعد أن أصبح التاريخ عبئا مانعا للتقدم لرغبتنا أن نظل هناك في الماضي. ومن هنا سافرت إلي الجذور، في تماس النيل مع البحر، فكان معرضي (النيل يبوح للبحر وينتظر جوابا) في عام 2018 في بلد العمل دمياط وتماسها مع جغرافيا العالم وآفق البحر المتوسط وثقافته التي تمتد في تواصل مستمرمن ملايين السنين في قلب العالم مجسدة فكرة الزمكان.

 

 

 اللون الأزرق هو مفتاح الدخول لدمياط بل لمصر كلها

 

ويستكمل سيد هويدي: اللون الأزرق هو مفتاح الدخول لدمياط بل لمصر كلها والتي قال عنها جمال حمدان: "فلتة جغرافية" حيث يوجد الحضور المهيب للبحر والنهر والبحيرة، وذاكرة الماء تحك بطولات شعبية خالدة، فقد منحت الطبيعة ضلوعا حامية من المياه برعاية سماوية، زرقة مياة البحر المتوسط، فتحت مظلة من الخيال ترجع إلي المصري القديم مؤمنا بالشروق ومن بعده الغروب، والفيضان يعقبه فيضان، ومؤمنًا بوجود محاكمة فاصلة بعد الموت لكل متوفى أمام «أوزير»، إله العالم الآخر ورب الموتى. ويرى المصرى القديم أن الجنة «يارو» أو حقول الإله أوزير، -كما وردت فى كتاب الموتى واسمه الأصلي"الخروج إلى النهار"، - أنهار ماء تجرى باللون الأزرق، وبينها حقول «أوزير»، ويقوم المتوفى بالإبحار بحرية فى هذه الأنهار بمركب صغير يحمله وحده، وفى بعض المناظر تكون زوجته خلفه فى حقول «أوزير»، لقد تخيل المصري القديم أن هذه الجنة بأنهارها تحت الأرض، حيث يُدفن، الماء الذي أخذ لونه من السماء، واتخذت بلدي منه ضلوع تحميها، رغم طمع الغزاة طوال التاريخ لكنهم لم ينالوا من أصالتها. 

 

 

واستطرد: ذاكرة الماء تحكي قصص البطولة وروايات الحفاظ علي التراب الوطني، ما يفسر سر الماء في أغلب لوحاتي. فقد جاء معرضي (ذاكرة الماء) ليستهل عام 2023 من وحي المياه الواهبة للحياة، والتي تمثل ضلوع تحمي بلادي، وأن كانت لم تعرف التدوين رغم أنها تشكل أكثر من 70% من مساحة كوكبنا غير المستقر بفعل الطبيعة أو تعدي البشر، وغياب التدوين عن المكون الأساسي في المساحة، أغري البعض بتزييف التاريخ بالتأريخ. 

 

واستدرك: استطاع المصري بسواعده أن يجعل الماء يبوح بقصص البطولات في ساحات العمل الوطني، عندما حفر ممر ملاحي يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وليصبح للماء ذاكرة جديدة تمتد في الزمكان. وشكل اللون الأزرق وظيفة خاصة في حرب الاستنزاف عندما لجأ المصري إلي تغليف نوافذه باللون الأزرق للحماية من العدوان الغاشم علي المنشأت والبيوت والمدارس والمستشفيات والمصانع. المصري المعاصر قادر علي خلق واقع جديد، بعد هضم الماضي وتجاوز تحديات الحاضر، وفك شفرة المستقبل.