رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قضية القرن الواحد وعشرين

انطلقت فى الحادى عشر من يناير أولى جلسات الاستماع  بمحكمة العدل الدولية بلاهاى فى القضية التى رفعتها دولة جنوب إفريقيا على إسرائيل بتهمة "ارتكاب إبادة جماعية بحق المدنيين الفلسطينيين خلال حربها على حماس فى قطاع غزة".

وتناول ممثل حنوب إفريقيا  وزير العدل رونالد لامولا  فى بداية مرافعته تاريخ الصراع الإسرائيلى الفلسطينى وأكد أن مستقبل فلسطين يعتمد على محكمة العدل الدولية فالعنف لم يبدأ فى السابع من أكتوبر.

فالشعب الفلسطينى تعرض لنكبة مستمرة وللفصل العنصرى على جانبى الخط الأخضر وأعمال إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل فى سياق الفصل العنصرى الذى دام 75 عامًا.

قال سيريل رامافوزا رئيس جنوب إفريقيا "بينما كان محامونا يدافعون عن قضيتنا فى لاهاى لم أشعر بالفخر الذى أشعر به اليوم، الخطوة التى اتخذناها محفوفة بالمخاطر فنحن بلد صغير ولدينا اقتصاد صغير وقد يهاجموننا لكننا سنظل متمسكين بمبادئنا ولن نكون أحرارا حقا مالم يتحرر الشعب الفلسطينى الحر أيضا".

نعم أنتم دولة صغيرة ولكنكم فى نظر كل شعوب العالم بلد كبير بنضاله ضد العنصرية بلد عظيم  بعظمة وشجاعة وصمود الزعيم نيلسون مانديلا وزملائه الذين خاضوا نضالا كبيرا فى سبيل التحرر من الحكم العنصرى.

أنتم دولة شجاعة تتمسك بمبادئها فى ظل دول كبرى استعمارية ودول فاشية ونازية تستنزف ثروات بلادنا الفقيرة وتساند وتشارك الكيان العنصرى الصهيونى فى جرائمه ضد الشعب الفلسطينى.

أنتم الدولة التى تقدمت برفع قضية أمام محكمة العدل الدولية لمحاكمة مجرمى الحرب الصهاينة قتلة النساء والأطفال وسط صمت العالم وخزى وعار الدول العربية التى هرولت للتطبيع مع الكيان المحتل، بينما  يصوِّت برلمانكم لصالح إغلاق السفارة الإسرائيلية وطرد السفير وتعليق العلاقات الدبلوماسية.

أنتم أبناء وأحفاد نيلسون مانديلا وقفتم مع الحق الفلسطينى وسط تواطؤ وصمت حكام وحكومات عدد ليس قليلا من الدول الكبرى والدول العربية بل وهناك دول دعمت وشاركت الصهاينة بشكل مباشر بالأموال والأسلحة والجنود.

عرض وزير العدل بدولة جنوب إفريقىا وفريقه القانونى أمام محكمة العدل الدولية مشاهد وأدلة توثق نية الاحتلال ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين فى غزة ووجه الاتهام لنتنياهو وحكومته بدعم الإبادة الجماعية فى غزة.

ولم تكتف دولة جنوب إفريقيا  بإدانة العدوان الصهيونى ودعم الحق الفلسطينى بل اتخذت موقفا شجاعا مشرفا من أجل فضح وكشف وتعرية جرائم الكيان الصهيونى العنصرى الذى طالما تشدق بأنه "واحة الديمقراطية". واختارت دولة جنوب إفريقيا فريقا من أكفأ خبراء القانون الدولى لتقديم المرافعة أمام محكمة العدل الدولية عند نظر القضية، حيث قدموا فى 84 صفحة دلائل موثقة عن جرائم الإبادة الجماعية والفصل العنصرى.

بينما لم تستطع اسرائيل الرد فى دفاعها فى اليوم التالى على مرافعة دولة جنوب إفريقيا وطبقت مبدأ "خير الدفاع عن النفس الهجوم"، وبدأت فى كيل الاتهامات للمقاومة الفلسطينية ووصفها بالإرهاب وإطلاق أكاذيب (غير موثقة ثبت زيفها) بارتكاب المقاومة جرائم الاعتداء وقطع الرؤوس والاغتصاب وغيرها من الأكاذيب.

وأيضا اتهمت مصر بأنها هى التى تعوق دخول المساعدات الإنسانية رغم ثبوت  اعتداء اسرائيل على معبر رفح وقصفه أكثر من مرة ووضع شروط تفتيش الشاحنات المحملة بالغذاء والوقود والدواء وتعطيلها وعدم السماح بدخول إلا أقل القليل الذى لايكفى 10% من احتياجات أهالينا فى قطاع غزة مما يؤدى إلى الموت جوعا وعطشا وبردا ويفاقم من الإبادة الجماعية وانتشار الأوبئة نتيجة لعدم وجود الماء والدواء والغذاء. وعدم السماح بدخول الأطقم الطبية واحتياجات أهالينا الضرورية.

ستكون هذه القضية هى قضية القرن وستظل شاهدة على تواطؤ وصمت العالم أمام المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطينى.

ولقد طالب عدد من الأحزاب المصرية الحكومة بشكل خاص وعاجل وكذلك الحكومات العربية والأعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى الانضمام بشكل رسمى  للدعوى القضائية  التى تقدمت بها دولة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتى توثق فيها لجريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطينى، بل وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر وكل دول العالم بمطالبة الحكومات للانضمام للدعوى.
كل التحية لدولة جنوب إفريقياكل التحية لأبناء وأحفاد نيلسون مانديلا.