رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العالم يستعد لدخول 2024.. عين على الحرب وأخرى على المعيشة

جريدة الدستور

تستعد حشود من المحتفلين لوداع العام 2023 المضطرب والأكثر حرّا على الإطلاق، والذي تميّز بصعود الذكاء الاصطناعي، لكن طُبع أيضا بحربين داميتين في غزة وأوكرانيا، وبأزمة المناخ.

ويستعد سكان العالم، الذين يتجاوز عددهم حاليًا ثمانية مليارات نسمة، لاستقبال عام جديد، يحملونه آمالهم بالسلام والحدّ من ارتفاع تكاليف المعيشة وحلّ النزاعات في العالم.

في مدينة غزة المدمّرة، لم تبق أماكن للاحتفال بالعام الجديد.

وقال عبد عكاوي، الذي فرّ من المدينة مع زوجته وأطفاله الثلاثة: "كانت سنة مظلمة مليئة بالمآسي".

وروى الرجل البالغ 37 عامًا، والقاطن حاليًا في مخيم للأمم المتحدة في رفح في جنوب قطاع غزة، أنه فقد شقيقه، لكنه ما زال يتمسّك بالأمل للعام 2024. وقال: "إن شاء الله ستنتهي هذه الحرب، العام الجديد سيكون أفضل وسنتمكن من العودة إلى منازلنا وإعادة بنائها، أو العيش في خيمة على الأنقاض".

وأكدت الأمم المتحدة نزوح قرابة مليوني شخص من سكان القطاع منذ بدء الحرب، أي حوالى 85 بالمئة من سكانه، بينما قتل قرابة 22 ألف شخص.

في تل أبيب، يتوقع أن تنعكس أجواء الحرب على احتفالات رأس السنة، وعلى الرغم من مواصلة المدينة إحياء معظم الحفلات المقررة في هذه المناسبة، إلا أن غالبية الإسرائيليين لم يستوعبوا بعد صدمة أكبر هجوم تعرضت له بلادهم في تاريخها وقد أوقع 1140 قتيلا.

ويعرض موقع "إيفنتر" Eventer، الذي يبيع تذاكر لحفلات تل أبيب، حوالى خمس عشرة أمسية ضخمة يحييها فنانون ويتخللها عشاء. وستكون حانات المدينة "التي لا تهدأ أبدا" مفتوحة طوال الليل، لكن يتوقع أن تكون الأجواء أثقل من المعتاد على خلفية استدعاء عشرات الآلاف من الشباب للمشاركة في الحرب.

وطبع العام 2023 خصوصًا بالهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وردّ إسرائيل بحملة قصف مدمّر على قطاع غزة، يترافق منذ 27 أكتوبر مع عمليات برية.

في أوكرانيا، تقترب الذكرى السنوية الثانية للغزو الروسي، ويتنازع البلاد التحدي والأمل.

وقال تيتيانا شوستكا، بينما كانت صفارات الإنذار تدوي معلنةً قرب تعرّض كييف لغارة جوية: "النصر! نحن ننتظره ونؤمن بأن أوكرانيا ستنتصر". وأضاف، الرجل البالغ  42 عامًا: "سنحصل على كل ما نريد في حال كانت أوكرانيا حرة، دون روسيا".

وأنهك النزاع الذي يقوده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعض مواطني روسيا. وقالت زويا كاربوفا (55 عامًا)، وهي مُزيّنة مسارح مُقيمة في موسكو: "أرغب بأن تنتهي الحرب في العام الجديد، وبأن يأتي رئيس جديد وتعود الحياة الطبيعية".

ويعدّ بوتين الزعيم الروسي الذي أمضى أطول فترة في الحكم منذ عهد جوزيف ستالين. وهو يتولى السلطة منذ العام 2000 ويسعى إلى الفوز بولاية جديدة مدتها ست سنوات في الانتخابات الرئاسية المقررة في منتصف مارس، ما يعد مسألة شكلية في ظل الظروف الراهنة، بعد قمع المعارضة في السنوات الأخيرة.

في سيدني، التي أعلنت نفسها "عاصمة عالمية للعام الجديد"، يُتوقع تجمّع أكثر من مليون محتفل على شاطئ المدينة، على الرغم من الطقس البارد والرطب بشكل غير عادي.

وسيحتفل العالم بدخول العام 2024 من خلال استخدام ثمانية أطنان من الألعاب النارية.

وسيشهد هذا العام انتخابات حاسمة في بلدان تضم نصف سكان العالم. وسيكون أيضًا عامًا أوليمبيًا مع استضافة باريس الألعاب الصيف المقبل.

"كوارث"
على مدار الأشهر الـ12 الماضية، شهد العالم كوارث ضخمة بينها كوارث طبيعية.

وضرب زلزال بقوة 7،8 درجة تركيا وسوريا المجاورة في 6 فبراير، تلاه آخر بعد بضع ساعات بقوة 7،6 درجة. وأسفرت الهزات الأرضية العنيفة عن مصرع أكثر من 55 ألف شخص في البلدين، إذ قضى 50 ألف شخص على الأقل في تركيا، وأكثر من 5000 في سوريا. ورتّب هذا الزلزال خسائر اقتصادية فادحة في البلدين.

وليل 8 سبتمبر، ضرب زلزال المغرب مخلفًا نحو ثلاثة آلاف قتيل و5600 جريح في أقاليم شاسعة جنوب مراكش في وسط البلاد، وأدى إلى تضرر نحو 60 ألف مسكن في حوالى ثلاثة آلاف قرية على مرتفعات جبال الأطلس الكبير.

وفي ليبيا، أدّى انهيار سدَّين في مدينة درنة، المطلة على البحر الأبيض المتوسط في العاشر من سبتمبر، إلى حدوث فيضان بحجم تسونامي جرف كل شيء في طريقه، تزامنًا مع مرور العاصفة "دانيال" في شرق البلاد. وتسبّبت الفيضانات بمقتل وجرح وفقدان آلاف من سكان المدينة.

واعتُبر العام 2023 أيضًا الأكثر سخونة منذ بدء تسجيل بيانات درجات الحرارة في العام 1880. وشهد الكوكب خلاله سلسلة من الكوارث المناخية، من باكستان إلى القرن الإفريقي مرورًا بحوض الأمازون.

إلى ذلك شهد العام 2023 اندلاع حرب دامية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن 7،1 مليون شخص نزحوا منذ بداية النزاع المستمر، لجأ 1،5 مليون منهم إلى بلدان الجوار. وقُتل في الحرب أكثر من 12 ألف شخص، وفق تقدير متحفظ لمنظمة "أكليد" غير الحكومية.

كذلك اجتاحت العالم في العام 2023 موجة "هوس باربي" الوردية، وشهد انتشارًا غير مسبوق لأدوات الذكاء الاصطناعي، وأول عملية زرع عين كاملة.

وأصبحت الهند الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، منتزعةً اللقب من الصين، وأول دولة تُهبِط مركبة فضائية في منطقة القطب الجنوبي للقمر غير المستكشفة.

"انتخابات مهمة"
وسيتم في العام 2024 استدعاء أكثر من أربعة مليارات شخص إلى صناديق الاقتراع، لا سيما في بريطانيا والاتحاد الأوروبي والهند وإندونيسيا والمكسيك وجنوب إفريقيا وفنزويلا، وطبعًا في الولايات المتحدة حيث يعتزم الديمقراطي جو بايدن (81 عاما) والجمهوري دونالد ترامب (77 عاما) مواجهة بعضهما البعض مرة جديدة في نوفمبر المقبل.

وتبدو على الرئيس الحالي أحيانًا علامات تقدّم السن، ما يُشعر بعض مؤيديه بالقلق بشأن توليه ولاية جديدة.

أما ترامب فيواجه لوائح اتهام عديدة وبدءَ ثلاث محاكمات على الأقل في العام 2024 قبل الانتخابات الرئاسية، إلا أن ذلك لا يمنعه من خوض حملته الانتخابية.