رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

والآن نقولها: مبارك لرئيسنا وشكرًا لمنافسيه

ها قد أُعلنت النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة المصرية 2024، والتي انتهت على خير بكثافة تصويت عالية شهدت إقبالًا كبيرًا وغير مسبوق. لن أتوقف كثيرًا عند الأرقام التي سجلها المرشح الفائز أو أي من منافسيه، لكن المبهر للجميع هو ذلك الإقبال الكبير الذي شهدته هذه الانتخابات، وهو أمر يوضح إلى أي مدى زاد وعي المصريين، وأدركوا أن لصوتهم قيمة، وأن لمشاركتهم تأثيرًا، وأن بناء الوطن والحفاظ على مؤسساته وأولاها مؤسسة الرئاسة هدف في حد ذاته. فمضت الانتخابات بسلاسة وأمان دون أن تسجل الجهات المتابعة من مصر أو من الخارج خروقات تؤثر على سير العملية الانتخابية أو أي عملية ضغط على الناخبين لإجبارهم على التصويت أو توجيه إرادتهم أو تزييفها.
التزمنا في مقالاتنا منذ بدء العملية الانتخابية بالتعليمات الصارمة التي فرضتها الهيئة الوطنية للانتخابات فيما يخص الموضوعية والحيادية تجاه كل المرشحين. أما وقد ظهرت نتيجة الانتخابات نجد أن واجبنا وحقنا أن نعبر عن سعادتنا، وأن نتوجه بالتهنئة للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي بهذا الفوز الكبير. والتهنئة أيضًا لهذه الأعداد الغفيرة من الملايين المؤيدة لسيادته ومناصريه الذين زينوا شوارع مصر ومقار اللجان الانتخابية على مدار أيام التصويت الثلاثة. ومع تهنئتنا للسيد الرئيس على تجديد ثقة الشعب، نقول إنها ستة أعوام جديدة نال الرئيس ثقة المصريين، ليقود خلالها دفة البلاد ليصل بنا جميعًا– حتى من لم ينتخبوه- إلى مرفأ الأمن والأمان بإذن الله. ويحدونا الأمل أن نصل على يديه، وبمساعدة من سيختارهم في الجهاز التنفيذي للمرحلة القادمة إلى تحقيق حلم الرخاء والرفاهية خلال هذه الولاية الرئاسية الجديدة، فنحن- المصريين- نستحق وهو لها بإخلاصه وتفانيه. 
ونحن في ظل نشوة فرحة النجاح والسعادة بتنظيم رائع للانتخابات يليق بدولة بحجم وثقل وتاريخ مصر لا يفوتنا أن نتقدم بالشكر للمرشحين الثلاثة الذين لم يحالفهم الحظ بالفوز في الانتخابات، وأذكرهم بالترتيب الأبجدي السادة: حازم عمر، فريد زهران وعبدالسند يمامة. نعم الشكر للمرشحين الثلاثة الذين أقدموا بشجاعة على الترشح رغم إدراكهم أنهم اشتركوا في سباق محسومة نتيجته مسبقًا بحكم هذه الشعبية الجارفة التي يحظى بها منافسهم الذي جازف بحياته قبل 11 سنة تلبية لنداء مواطنيه، حين استدعوه لإنقاذ هوية الوطن من الاختطاف. ورغم هذا اليقين بضعف فرصهم في الفوز، إلا أنهم أصروا على إعلاء القيم الدستورية والإسهام في زيادة الوعي الشعبي بأهمية الممارسة السياسية.
ورغم أن هؤلاء السياسيين قد خسروا الانتخابات رقميًا، فإن المكاسب التي حققوها على المستوى السياسي لأحزابهم لا تعد ولا تحصى. لقد رسّخ ثلاثتهم لأحزابهم مكانة أفضل مما كانت عليه قبل الإقدام على المشاركة، وهذا هو ما ستثبته الاستحقاقات البرلمانية أو المحلية القادمة. فقد دربوا كوادرهم من خلال هذه التجربة القوية على تنظيم وإدارة الاستحقاق الأكبر والأهم، وهم بعده سيكونون أكثر وعيًا وأنضج خبرة عند خوض أحزابهم أي انتخابات قادمة فستكون أيسر كثيرًا، إذ لن تكون المنافسة محسومة قبل أن تبدأ على نحو ما كانت عليه انتخابات الرئاسة المنتهية توًا. 
وقد أعطت مشاركتهم هذه درسًا للأحزاب الموجودة على الساحة بدون تأثير أو فاعلية أن خوض المعركة السياسية أفضل كثيرًا من مجرد الاكتفاء بالمشاهدة، وأن من يخشى المنافسة سيظل مهمشًا فهو بلا قاعدة شعبية تسمح له بفرض إرادته. ولعل الوقت قد حان- في ظل تغييرات ننتظرها بعد هذا الفوز الكبير للسيد الرئيس، وعلى هامش مخرجات الحوار الوطني- لإعادة النظر في ذلك الكم الكبير من الأحزاب التي لم تنل شرف التمثيل في البرلمان، ولم تقدم جديدًا على أي مستوى سياسي أو اجتماعي منذ تأسست.  
الشكر واجب أيضًا لكل أجهزة الدولة، وأخص هنا رجال الشرطة الذين أمّنوا اللجان دون تدخل يذكر في أعمال الهيئة المشرفة. تقديرنا يزداد لرجال القضاء بعد كل استحقاق يشرفون عليه، فهم الضمانة الحقيقية لنزاهة الانتخابات وشفافيتها. فرحتي شخصيًا بالأداء الراقي لكل الزملاء في أجهزة الإعلام مسموعًا ومقروءًا ومرئيًا فقد تحلوا بقدر كبير من المهنية والتزموا بالمعايير التي وضعتها هيئة الانتخابات والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
  في النهاية نحن انتهينا من رسم لوحة جميلة مبهرة ومشرفة لمصر الحديثة التي تتأهب لاستقبال مرحلة حاسمة في عمر جمهوريتها الجديدة. فهنيئًا لنا جميعًا ولكل من أقدم على المشاركة في رسم هذه اللوحة بأي جهد بدءًا من الترشح وحتى الإدلاء بالصوت.