رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عزة سلطان: القضية الفلسطينية مكون أساسى فى ثقافة الشعوب العربية

عزة سلطان
عزة سلطان

قالت الكاتبة الروائية عزة سلطان، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، حول القضية الفلسطينية  وأثر حرب غزة علي الأدب، إن القضية الفلسطينية مكون أساسي في ثقافة الشعوب العربية.

وقالت الكاتبة الروائية، تتمخض كل لحظة عن عشرات المآسي، تُصبح غزة منبت الألم ونحن حاصدي العجز، فأمام كل ما نرى ونسمع ونقرأ لا نملك سوى التلويح بكلمات مكتوبة أو ذات صدى تنهال في الآذان التي قد تتعاطف معها، أو تُلقيها إلى مقبرة العجز، هذا الذي إن وقع في نفس فعل فيها ما لا يمكن توقعه.

عملان أدبيان رسخا بداخلى تفاصيل عن حياة المواطن الفلسطينى

وأضافت عزة سلطان، منذ ما يزيد على خمسة وعشرين عمًا قرأت عملين عن القضية الفلسطينية، الأول مجموعة قصصية كانت صادرة عن الهيئة العامة للكتاب وتحمل عنوان "الأرز والزيتون والبارود" والعمل الآخر "الجراد لا يأكل البطيخ" وبرغم أن النسيان التهم مني أسماء المؤلفين فإن العملين رسخا بداخلي تفاصيل عن حياة المواطن الفلسطيني، وكيف أن تشبثه بالحياة هو ذاته فعل مقاومة، وأن قيم مثل الحزن باتت من عاديات الحياة.

ما يحدث فى غزة يعرينا ويكشف ضعفنا

ولفتت في تصريحات خاصة لــ“الدستور”، إلي أنا نتأثر بشكل أو بآخر بالقضية الفلسطينية، فهي مكون أساسي في ثقافة الشعوب العربية، لكن ما يحدث في غزة يأخذنا إلى منحى آخر إذ إنه يعرينا ويكشف ضعفنا بشكل موجع وقاسي، فهل يترك ذلك أثر؟

الأثر موجود لا محالة، لا يمكن غض البصر عن الوهن والتمسك بخيوط الحياة الواهية، لكن المبدع أي مبدع هو مثل الأرض، التربة التي تستقبل شتى أنواع البذور، وتبقى هناك عوامل عديدة تؤثر علينا حتى يظهر لهذه البذور ثمار.

 وتابعت الكاتبة الروائية، إننا أمام الموت تتفاوت ردة أفعالنا، هناك من ينكر وآخر ينهار، وثالث يتماسك ورابع يضبط حزنه، هذا هو ما نحن بصدده، فهناك من سيصرخ من خلال الكتابة، تسكنه لحظة لا يمكنه تجاوزها، وهناك من سيصمت وينفجر ساردًا قصة أو عمل روائي فيما بعد، ربما بعد أشهر أو عام او أعوام.

 الشعراء من أوائل من يحررون حزنهم فى قصائد يليهم كتاب القصة القصيرة

الأكثر مواءمة للتعبير عن مشاعرهم وتأثرهم هم الشعراء، والذين قد يكونون من أوائل من يحررون حزنهم في قصائد، معبرين عن تأثرهم وموقفهم من حرب غزة، يليهم في ذلك كُتاب القصة القصيرة، أما الروائيون فهم بحاجة إلى الوقت، ليس لضعف التأثير ولكن لنُضج الألم.

في بعض الأوقات نحتاج أن نبتعد عن المشهد أو نُعيد تبديل أماكننا لنرى زوايا أخرى، مثلًا هذا الرجل الذي كان يحمل حفيدته الشهيدة ويفتح عينيها، هل كان يشترى لها حلوى، هل كان يُمسك بدميتها أو يبحث لها عنها قبل أن يحدث القصف؟

في كل حدث هناك مئات التفاصيل التي يحتاجها الروائي ليكتب، المتخيل والمستلهم، المتكئ على عجز والمتحرر من ألم، المبني على حقائق وتاريخ، أو المولود من رحم الأسى، وربما كل ذلك مستجمع.

حين نكتب رواية نحن نحفر أثرا، نضع وشمًا لن يزول حتى بغياب المؤلف عن الحياة، ولعلنا نذكر الطنطورية للراحلة رضوى عاشور، هذا العمل الأيقوني في كل مستوياته، وليس فقط في تناوله لــ القضية الفلسطينية وأحداث النكبة.

 بعد فترة سنجد أعمال روائية تتجاوز توقعاتنا عن القضية

وتساءلت “سلطان”: متى يظهر أثر ما يحدث في القضية الفلسطينية، في الكتابة؟، شيء أشبه بوضع بذور والوقوف لمراقبتها، ونحن لا نعرف هوية البذور ولا ما تحتاجه من وقت، المؤكد أن هناك أثرا، وأثر يفوق التوقع، لكن موعد انعكاسه غير مرتبط بزمن يمكن توقعه، ربما سنجد قصائد وأغنيات تعكس ما يحدث، وربما قريبًا تظهر قصص قصيرة تقتنص إحدى لحظات العجز أو الألم المتسرطنة في قلوبنا، لكننا بعد فترة سنجد أعمالا روائية تتجاوز توقعاتنا فبقدر ما نشعر بعجز وحزن بقدر ما سينعكس ذلك في الطرح.

الأزمة الحقيقية لنا ككُتاب هو الغرق في العجز بما يشل أفكارنا وقدراتنا على تشكيل الوجع واستنطاق جمال السرد منه، الوقوف أمام إنسانيتنا عرايا لا نملك تحريك ساكنًا فحتى الدمع تكلس على حافة العيون، هذا هو التحدي الحقيقي للعديد من المبدعين، كيف يقف على مسافة ليستطيع إنتاج نص متأثر أو مستلهم القضية الفلسطينية وحرب غزة، هل سنستطيع تجاوز العجز إلى رحابة الكتابة؟ أتمنى.