رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حربك على غزة لن تحقق أمنك يا"نتنياهو"

طعامهم ساخن، وجبة مطهية على نار أهدأ من النار المشتعلة فى قلوبهم حزنًا على فقدان ذويهم، وفرحة ممزوجة بآلام السنين هو زمن اعتقال أحبائهم فى السجون الإسرائيلية.. 
بعد 50 يومًا من الحرب الإسرائيلية على غزة، وفى اليوم الرابع والأخير من الهدنة الإنسانية الفلسطينية – الإسرائيلية، تدخل قطاع غزة شاحنات الوقود وغاز الطهى المنزلى لأول مرة.
مشاهد إنسانية تضاف إلى سجل معاناة وصمود الغزيين، على مدار الأيام المحددة للهدنة الإنسانية، عاد السكان إلى شمال القطاع للوقوف على أطلال بيوتهم وأراضيهم الزراعية يتفقدون الخسائر وحجم الدمار الذى خلفته الحرب.. عادوا باحثين عن أشلاء ضحاياهم، لعل منهم أحياء تحت الأنقاض، لم يتمالكون أنفسهم من البكاء والنحيب على بيوت كانت عامرة بأمنهم واستقرارهم، جدران كانت تحتضن ضحكاتهم وأفراحهم، اليوم باتت ركامًا بلا معالم، يعرفونها برائحة تراب توسد أقدامهم لسنوات طوال.
الغاز المسيل للدموع الأكثر وفرة فى أجواء فرضها «نتنياهو» على الغلاف الجوى للقطاع بأكمله، بعد أن حرمهم عدوهم كل سبل الحياة.. مشاهد مأساوية عشناها عبر وسائل الإعلام التى سجلتها لحظة بلحظة من جرائم الحرب التى ارتكبها «عسكر» إسرائيل المرتزقة، من رعب وقتل وتهجير داخل القطاع، فى ظل هذه الأحداث لم تتوقف الجهود والمساعى المصرية من أجل إدخال المساعدات إلى القطاع، والعمل على وقف إطلاق النار، وهدنة إنسانية فى طريقها إلى التسوية السياسية وهو ما نأمله جميعًا خلال الأيام المقبلة.
نجحت المساعى المصرية فى استكمال هدفها من إدخال المزيد من المساعدات للقطاع رغم تعنت إسرائيل، بلغت حجم المساعدات خلال الأيام الماضية، من المواد الغذائية 9621 طنًا، وحجم المياه 7047 طنًا، فضلا عن 82 قطعة من الخيام والمشمعات، بالإضافة إلى 1992 طنًا، من المواد الإغاثية الأخرى، إضافة إلى 788 طنًا من الوقود، منها 2 وقود و2 غاز الطهى المنزلى، كل هذه المساعدات قابلة للزيادة يومًا بعد يوم.
كما أن الجهود المصرية فى المجال الطبى لم تتوقف، حيث استقبلت مصر نحو 353 مصابًا من أبناء غزة يرافقهم 292 شخصًا، إضافة إلى عبور 8514 شخصًا من الرعايا الأجانب ومزدوجى الجنسية و1256 مصريًا، من معبر رفح وهذه الأرقام وفقًا لما أعلن عنه الدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات. 
الوساطة المصرية القطرية مستمرة من أجل وقف العمليات العسكرية، ولا سيما أن ساعات قليلة على انتهاء الهدنة الإنسانية وتغيير المشهد على الأرض يدفع بمسارات سياسية ودبلوماسية وسبل البحث عن الإجراءات الرسمية لحل الدولتين، كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء لقائه برئيسى وزراء إسبانيا وبلجيكا، حيث عبّر عن الرؤية المصرية التى تؤكد أن حل القضية يقتضى بأن تكون هناك دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية، جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، هذه الدولة منزوعة السلاح.
إن الرؤية المصرية دائمًا ما تكون هى الأقرب إلى الواقع، وحلول مرنة للقضية الفلسطينية، لكن.. يبقى الأمر متعلقًا برد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلى المتعنت والمستمر فى تحقيق أهداف بعيدة عن السلام بين الدولتين، فـ«نتنياهو» يريد السلام مقابل السلام، والمنطق هو أن الأرض مقابل السلام.
سؤال يلوح فى الأفق القريب ماذا بعد ساعات من انتهاء المدة المحددة للهدنة الإنسانية؟؟.. وإن كانت هناك مؤشرات تؤكد اتفاقًا جديدًا بين إسرائيل وحماس على إمداد الهدنة، ولا سيما أن ملف الأسرى العسكريين لدى حماس لم ينته بعد، لا تزال إسرائيل تنتظر الإفراج عن الأسرى العسكريين لدى حماس بعد نجاح الدفعات الثلات لتبادل الأسرى.
أما السؤال الأصعب فهو: ماذا لو انتهت الهدنة دون التوصل إلى فترة جديدة؟ حتى يتسنى لمصر إدخال المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، وإن كان القطاع بحاجة لمزيد من الوقود والمساعدات الطبية وأغذية ومياه، لا يزال المشهد غامضًا ومرهونًا بنجاح التفاوض من أجل إمداد الهدنة يعقبة وقف إطلاق كامل للنار. 
كما أن موقف «نتنياهو» لا ينبئ بصدق نواياه، لا يزال يبحث عن خروج مشرف يحفظ له ماء وجهه، دون النظر إلى جرائمه، أى خروج مشرف فى ظل جرائم لا يقبلها عقل إنسان على كوكب الأرض، إن الاعتداء على غزة لن يحقق أمنك يا«نتنياهو» قبل أمن إسرائيل.
المقاومة الفلسطينية مستمرة فى طريقها للنصر، والتاريخ يخبرنا بأن الكيان الإسرائيلى اللقيط لم يحقق انتصارًا يومًا ما على مدار العقود الثمانية الماضية، واقتلاع هذا الكيان من المنطقة بات هدف المقاومة الفلسطينية الباسلة.