رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدورة الثالثة لمنتدى الحزام والطريق

انطلقت القمة الثالثة لمنتدى الحزام والطريق على مدى يومين، فى السابع عشر من أكتوبر 2023، فى بكين، تحت عنوان "التعاون العالى الجودة للحزام والطريق: معًا من أجل التنمية والازدهار المشتركين".
أطلق الرئيس الصينى، شى جين بينج، مبادرة "حزام واحد طريق واحد" عام 2013، وتهدف لإنشاء طرق تجارية، وممرات اقتصادية تربط بين أكثر من 60 بلدا، وتعمل على توثيق الروابط  التجارية والاقتصادية بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، وتتضمن تشييد شبكات من السكك الحديدية وأنابيب نفط وغاز، وخطوط طاقة كهربائية وإنترنت وبنى تحتية بحرية، مما يعزز اتصال الصين بالقارتين الأوروبية والإفريقية، وتشير "الحزام الواحد" إلى مكان يعرف تاريخيا بطريق الحرير القديم، وهو عبارة عن شبكة طرق.
وعلى مدى العشر سنوات الماضية تطورت المبادرة من مستوى الخطة إلى مستوى التنفيذ، ووقّعت الصين وثائق تعاون واتفاقات مع أكثر من 150 دولة وأكثرمن 30 منظمة دولية. ولقد حقق هذا التعاون على مدى العقد المنصرم نتائج مثمرة شملت إرساء أسس 3000 مشروع تعاون وتحفيز استثمارات تصل قيمتها إلى تريليون دولار.

وتقول الصين إنها أخذت فى الاعتبار حماية البيئة، وتحسين البيئة الإيكولوجية، والحفاظ على التنوع البيولوجى، أثناء تنفيذ المشروعات.
وأشار الرئيس الصينى، شى جين بينج، فى كلمته الافتتاحية للمنتدى، إلى أن البشرية عليها أن تتعاون معًا من أجل المنفعة المشتركة ورفاهية شعوبها، والعمل سويا على بناء المستقبل المشترك للبشرية، والدفع بتحقيق التحديث فى كافة دول العالم. وأضاف الرئيس الصينى: "لا تُنجز أعمال نافعة وعظيمة إلا من خلال التعاون والكسب المشترك، وأن روح طريق الحرير المتمثلة فى التعاون، والسلام، والانفتاح وتبادل التعلم، والاستفادة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، تمثل أهم مصدر للقوة فى التعاون فى بناء الحزام والطريق".

وأعلن "شى جين بينج" عن الأعمال الثمانية التى ستقوم بها الصين لدعم بناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، وهى أولًا: بناء شبكة الحزام والطريق الشاملة الأبعاد للتواصل والترابط. ثانيا: دعم بناء الاقتصاد العالمى المنفتح. ثالثا: إجراء التعاون العملى. رابعا: تدعيم التنمية الخضراء. خامسا: الدفع بالابتكار التكنولوجى. سادسا: دعم التواصل الشعبى. سابعا: بناء طريق النزاهة. ثامنا: استكمال آليات التعاون الدولى بشأن الحزام والطريق.

وبهذه المناسبة دعونى أؤكد من وجهة نظرى أهمية أن تنظر دول العالم للمتغيرات التى تحدث فى السنوات الأخيرة وبوتيرة متصاعدة، وعلى رأسها صعود أقطاب عالمية على المستوى الاقتصادى والعسكرى والسياسى.
إن من مصلحة دول الجنوب النامية أن تتعاون مع الأقطاب الصاعدة، الصين وروسيا، على أساس المصلحة المشتركة، والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة لصالح الشعوب، بدلا من التبعية للقطب الواحد الأمريكى الذى يفرض الهيمنة والنهب المنظم لثروات الشعوب، ويفرض السياسات الرأسمالية الجديدة التى ينتج عنها مزيد من معاناة الشعوب من الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات المعيشية الضرورية.
إننا نأمل فى قيام عالم متعدد الأقطاب يقوم على تحقيق التقدم والنمو والمساواة والخير والسلام.

وتجدر الإشارة إلى أن التعاون بين مصر والصين ممتد من عشرات السنوات، ويوجد العديد من الاستثمارات الصينية فى العديد من المجالات الاقتصادية فى البنى التحتية، والطاقة والنقل والتكنولوجيا، ومنها على سبيل المثال حين بدأت الحكومة المصرية عام 2015 فى تخطيط عاصمة جديدة، فقد تم فى يناير 2016 (وبحضور الرئيس الصينى شى جين بينج والرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى) توقيع اتفاقية إطارية بين شركة CSCEC ووزارة الإسكان المصرية لبناء العاصمة الإدارية الجديدة، وتم توقيع عقد إنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة بين الجانبين، وفى 2020 تم افتتاح "ورشة لوبان للتدريب المهنى" فى ثلاثة تخصصات فى الهندسة المعمارية، ولقد وفّر المشروع عشرات الآلاف من فرص العمل للسكان المحليين، ووفّر أيضا فرصا لتطوير صناعة البناء والتشييد فى مصر.

وأيضا أريد أن أشير إلى تقديرنا موقف دولة الصين الداعم للحق الفلسطينى والرافض للعدوان الإسرائيلى المتوحش على الشعب الفلسطينى وارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، من قتل الأطفال والنساء وهدم الكنائس والمدارس والمستشفيات والمنازل، بجانب حصار غزة وعدم وصول المساعدات الإنسانية من غذاء ومياه ودواء ووقود.

ولقد أشار المبعوث الخاص الصينى، تشانج جيون، فى كلمته بالمنتدى الثالث للحزام والطريق، إلى أن الجانب الصينى يتابع باهتمام تطورات الصراع الفلسطينى بهدف بذل جهود مشتركة مع الأطراف المعنية فى المجتمع الدولى، لتهدئة الأوضاع المتوترة وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية، ومتابعة الأفق لحل القضية الفلسطينية.
وأضاف جيون: "يرى الجانب الصينى وقف إطلاق النار، وإنهاء القتال فى أسرع وقت ممكن، ومن الضرورى الامتثال للقانون الدولى الإنسانى لحماية سلامة المدنيين، ولا بد من فتح ممر للإغاثة الإنسانية، ويجب على إسرائيل أن تستأنف الإمدادات المادية، مثل المياه والكهرباء والوقود، لقطاع غزة، ووقف العقاب الجماعى على سكان القطاع".
وفى نفس الموضوع قال الرئيس الصينى، شى جين بينج: "المخرج الأساسى لكسر دوامة الصراع بين فلسطين وإسرائيل هو تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطين المستقلة". وأضاف أن الصين ستواصل جهودها فى سبيل إطفاء نيران القتال فى قطاع غزة فى أسرع وقت ممكن، ودعم الشعب الفلسطينى لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتنفيذ حل الدولتين وتحقيق السلام الدائم فى الشرق الأوسط. 

إننا من منطلق التعاون والصداقة القائمة بين الشعبين الصينى والمصرى، والعلاقة المتميزة بين الدولتين، نطالب دولة الصين، ومن منطلق مكانتها العالمية، بأن تقوم بدور أكبر لوقف العدوان الإسرائيلى فورا، وفتح معبر رفح بشكل دائم لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والتضامن مع جامعة الدول العربية فى رفع دعوة أمام المحاكم الدولية للتحقيق فى جرائم المسئولين فى الحكومة الإسرائيلية وجيش الاحتلال الإسرائيلى. 
إننا نتمنى استمرار الحوار بيننا، والتعاون معًا من أجل دفع عجلة التنمية، وتعزيز الاستقرار والسلام فى منطقتنا العربية، كما نأمل فى استمرار تعزيز التعاون بين الصين والدول النامية لتحقيق تنمية مشتركة.