رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مَصَارع أطفال غزة ونسائها واقتراحٌ لمجلس الطفولة والأمومة ببلادى

تقول القصة الدينية القديمة الذائعة إن الفرعون رأى، فيما رأى، طفلًا عبرانيًا يفني ملكه؛ فقرر ذبح الأطفال العبرانيين جميعًا أولًا بأول، لكن الطفل موسى نجاه الله من الذبح، وكان هو السبب في أن ينهي ملك الفرعون لاحقًا بالفعل (موسى نبي اليهود وصاحب التوراة عليه السلام)، وهكذا صدقت رؤيا الفرعون المخيفة.
يبدو أن اليهود تأثروا بالقصة، ولكنهم قلبوا الآية فوضعوا أنفسهم موضع الفرعون المصري، رأوا، فيما رأوا، طفلًا فلسطينيًا سيفني دولتهم؛ فمضوا يصرعون الأطفال الفلسطينيين بالجملة، ولا أحد يدري من الذي سوف يبقى من هؤلاء الأطفال ويكبر ويعي، وربما يفني وجودهم الغاصب البغيض فعلًا!
قد يكون تصوري هذا صحيحًا بل دقيقًا وقد يكون مبالغًا فيه للأمانة، إلا أن الأعداد الوافرة للأطفال الشهداء في غزة (هم الأغلبية تليهم النساء) يؤكد هذا التصور؛ فالطائرات التي تقصف ليست عمياء؛ وحتى لو كانت تقصف البيوت والمنشآت بعشوائية فهي تعلم أنها تقصف مدنيين، وأن الأطفال بالذات كثرة بطول فلسطين وعرضها؛ لأن الفقد هناك كبير والنساء يحبلن ويلدن، بشكل غالب ملحوظ، ليعوضن الفقد المستمر.. إنهن يعتبرن الأمر بمثابة مقاومة أيضًا! 
أقترح على المجلس القومي للأمومة والطفولة عندنا أن يسبق المؤسسات الشبيهة في العالم؛ فيتحرك من أجل أطفال غزة ونسائها، وإذا قال قائل إنه مجلس محلي في أول الأمر وآخره، أي مهمته داخلية لا خارجية، قلت لمثله إن المحلية عنوان الإقليمية، وإنه، باسمه وصفته، ككيان مقدر ذي اعتبار، عالمي بكل معنى الكلمة، وليس محدودًا بموضعه قط، بالإضافة إلى جملة من اختصاصاته منحته بعدًا دوليًا أكيدًا؛ وعلى هذا يمكن أن يكون ذا كلمة مؤثرة حقًا، والمهم أن يقولها بوضوح وجسارة.
اختصاص: إنفاذ حقوق الطفل الواردة بالدستور والتشريعات الوطنية والدولية والإقليمية.
اختصاص: الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الطفل والأم وكافة الممارسات التي تعرضهما للخطر أمنيًا وصحيًا وأخلاقيًا.
اختصاص: إبداء الرأي في الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بالطفولة والأمومة.
اختصاص: تعزيز التعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية والدولية بمجالي الطفولة والأمومة على كل الأصعدة.
لا يجب أن يسكت المجلس عن جرائم إسرائيل في حق الأطفال والنساء ببعدنا العربي المحتل، أريد له أن يكون رائدًا وقائدًا كما أن مصر رائدة وقائدة، وأريد أن يسارع بنجدة الأطفال والنساء في بلد جوار حميم يتعرض لإبادة جماعية لا مثيل لها في التاريخ، ينجدهم معنويًا، بالوقوف إلى جانبهم في المحنة الكبرى، تمهيدًا لنجدتهم المادية التي تبدو مستحيلة حاليًا، وأخشى إن طال سكوت المجلس الموقر وطال سكوتنا معه أن يحاسبنا التاريخ بعد ذلك بلا رحمة.
هذه الحرب تبدو طويلة، كما يقول الإسرائيليون أنفسهم مرارًا وتكرارًا، طولها قد يكون طول الثأر بعدها، وهذا موضوع منفرد، أما الإسرائيليون فيصفونها بالطول والنار والدمار في أيديهم، وما دام الأمر كذلك فإن مزيدًا من الأطفال والأمهات مرشحون للقتل وفقد الأعضاء والتشويه وإسقاط الأجنة والآلام النفسية الرهيبة، وما إلى ذلك من الخبال والرعب والعطب.. فليقم المجلس بدوره فورًا، وإن لم يكن هذا الدور دوره في الصميم، فهو يشارك في عمل إنساني حتمي، من المؤسف تمامًا أن يجلس حياله بلا أداء منصف مميز ولو كلاميًا فقط!