رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تتعامل إسرائيل مع ملف المحتجزين فى غزة؟

ملف المحتجزين فى
ملف المحتجزين فى غزة

لا تزال إسرائيل تعيش فى مرحلة صدمة، وينقسم الإسرائيليون حول طريقة إدارة الحرب، فهناك من يرى أن الأولوية، الآن، هى لتدمير حركة «حماس» وتسوية غزة بالأرض، ومن يرى أن عودة المحتجزين لها الأولوية، ثم تأتى الحرب لاحقًا.

وفى كل الأحوال تظل مُعضلة الإسرائيليين المحتجزين فى قطاع غزة تمثل أزمة كبيرة للحكومة الإسرائيلية، التى لا يعرف قادتها كيف سيحررون هؤلاء، وما الثمن الذى سيدفعونه مقابل تحريرهم؟ ويترددون بين الخيارات المتاحة للتعامل مع هذه الأزمة، وهو ما نستعرضه فى السطور التالية.

ضغوط متصاعدة من الرأى العام وجدل حكومى حول كيفية التعامل مع الأزمة

موضوع المحتجزين بعد يوم ٧ أكتوبر، هو موضوع حساس لإسرائيل، خاصة بعدما شن أهاليهم حملة ضغط كبيرة ضد الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، كما أن هناك تظاهرات ولافتات تنطلق وتُرفع فى مربّع المكاتب الحكومية والأمنية الإسرائيلية، وفى كل مكان توجد لافتات تطالب الحكومة بإرجاعهم إلى منازلهم.

وقال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلى إنه من المحتمل أن يكون جزء من المحتجزين ليس لدى «حماس»، بل لدى فصائل فلسطينية أُخرى، إذ أشار زياد النخالة، زعيم حركة «الجهاد الإسلامى»، إلى أن لدى الحركة أكثر من ٣٠ محتجزًا عسكريًا ومدنيًا.

وحتى الآن، من الواضح أن المفاوضات عبر الوسطاء، مثل مصر وقطر، تجرى فقط مع حركة «حماس»، لكن ليست هناك معلومات عن تنسيق مع «الجهاد الإسلامى» بشأن ترتيبات إعادة المحتجزين، ولا عن مطالب كل تنظيم.

ويدير مسألة المحتجزين، باسم «نتنياهو»، الكولونيل احتياط جال هيرش، كما أن هناك قيادتين فى الجيش الإسرائيلى تتابعان الموضوع: الأولى، يترأسها الجنرال احتياط ليئور كرميلى، وتختص بالتواصل مع عائلات المحتجزين، والثانية، بقيادة الجنرال احتياط نيتسان ألون، وتجمع المعلومات الاستخباراتية.

كما انضم إلى غرفة القيادة العسكرية عدد من المختصين فى مجال التكنولوجيا، لتطوير وسائل تهدف إلى المساعدة فى استعادة المحتجزين، بالإضافة إلى ما جمعه جهاز الأمن الداخلى «الشاباك» من أعضاء «حماس»، الذين تم اعتقالهم والتحقيق معهم.

وكما تحظى قضية المحتجزين باهتمام الرأى العام الإسرائيلى، فإنها أيضًا تحظى بجدل كبير بين المؤسسات الإسرائيلية، ومن المتوقع أن تقوم المحكمة العليا بتحضير بنود قضائية لكى تناقش مسألة تبادُل أسرى، مثلما حدث فى قضية الجندى جلعاد شاليط.

ووفقًا للجنة المختصة، التى أقيمت لمناقشة قواعد ومبادئ افتداء الأسرى والمحتجزين، فقد تم التأكيد على عدم وجود قواعد واضحة وملزِمة لافتداء هؤلاء، مع وجوب التمييز بين أنواع المحتجزين، من الجنود والمدنيين، مع الاستناد فى التعامل مع الملف إلى القواعد والمعاهدات الدولية المختصة.

تعويل على وساطة مصر وقطر وأمريكا من أجل صفقة «تبادل أسرى» 

على الرغم من القصف المكثف لإسرائيل على قطاع غزة، فإن خطوط الاتصالات بين قيادة حركة «حماس» فى غزة وبين العالم الخارجى لا تزال تعمل، وتسمح بإدارة المفاوضات بينها وبين الدول التى تقوم بالوساطات، مثل مصر وقطر وتركيا، وعلى ما يبدو، مع قيادتها فى الخارج. 

وحسب تقرير للمحلل الإسرائيلى تسيفى بارئيل، فى صحيفة «هآرتس»، فإن الفرضية الحالية هى أن «حماس» مهتمة بإجراء مفاوضات من أجل الضغط على إسرائيل والحصول على تنازلات جوهرية- بدءًا من تحرير الأسرى الفلسطينيين مرورًا بوقف الهجمات على غزة، ووصولًا إلى حلٍّ ما للأزمة الحالية، وكل هذا ما دامت إسرائيل تؤجل العملية البرية الموسعة، التى تعنى اجتياح القطاع. 

ويرى «برئيل» أنه إذا نفذت إسرائيل العملية البرية الموسعة، فإن «حماس» ستفسّر ذلك بالتخلى عن استمرار المفاوضات بشأن إطلاق المحتجزين، وبالتالى، سيتعين عليها تغيير طريقة تحرُّكها.

فيما يرى أمنون أبراموفيتش، فى مقاله بموقع القناة العبرية الـ١٢، أنه للمرة الأولى منذ سنة، يتفق مع «نتنياهو» ورؤيته بأن الدخول البرى المُكثف إلى غزة قد يدفع المنطقة كلها نحو فوضى شاملة، وإلى حرب متعددة الجبهات، مؤكدًا أن خوف رئيس الحكومة مبرَّر ومعقول.

وأشار إلى أن هناك مسألة أخرى حساسة تتعلق بالمحتجزين، هى أن وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن قال إن الولايات المتحدة تجرى اتصالات مع دولة ثالثة، «على ما يبدو قطر»، من أجل التوصل إلى صفقة سريعة، يُطلَق فى إطارها النساء والأطفال الإسرائيليون المحتجزون لدى «حماس» مقابل نساء وأطفال فلسطينيين معتقلين فى السجون الإسرائيلية لأسباب أمنية.

ويرى مراقبون أن الحديث يدور عن صفقة ضخمة أخرى، تتضمن أن تقوم «حماس» و«الجهاد الإسلامى»، والمنظمات والمجموعات المسلحة الأخرى فى غزة، بإطلاق سراح جميع المحتجزين فى قبضتها، بما فى ذلك جثامين من ماتوا، مقابل تحرير إسرائيل عددًا كبيرًا من الأسرى الفلسطينيين، فى الوقت والمكان ذاته.

وتتضمن هذه الصفقة أيضًا، وفقًا لبعض التقارير، أن يحصل قطاع غزة، فى المقابل أيضًا، على دعم إنسانى واسع، يشمل الغذاء والماء والدواء والمعدات الصحية، والمستشفيات الميدانية، والخيام، والملابس والمعدات الشخصية المناسبة للشتاء، وربما أيضًا كمية محدودة من الوقود، يتم تزويد المستشفيات بها على عدة دفعات، ولكن، حتى الآن، يقول «نتنياهو» فى تصريحاته إن الشرط الوحيد لوقف إطلاق النار هو إطلاق جميع المحتجزين.

وتشير التقارير إلى أن المفاوضات مع «حماس» تجريها قطر، وبصورة أقل تركيا، التى ترتبط بعلاقات مع الحركة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، التى تضغط من أجل وقف الهجوم البرى الإسرائيلى.

وتؤكد الصحف العبرية أن مصر تعد مركز الثقل فى تلك المفاوضات؛ باعتبارها الوسيط الذى تربطه علاقات قوية مع كل الأطراف، كما أن لها تجربة طويلة فى الوساطات والمحادثات مع «حماس»، سواء فى مسائل الوساطة بينها وبين حركة «فتح»، أو بشأن ترتيبات التهدئة ووقف إطلاق النار بعد كل العمليات العسكرية السابقة. وقال رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى تساحى هنجبى إنه «يسعده أن يقول إن قطر أصبحت طرفًا حيويًا ومهتمًا فى تسهيل الحلول الإنسانية، وإن الجهود الدبلوماسية القطرية ضرورية فى هذا الوقت».

وأشارت صحف عبرية إلى أن الحديث الإيجابى من رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى حول قطر جاء بسبب اشتراط الدوحة، فى إطار المحادثات التى تتوسط فيها الولايات المتحدة أيضًا، أن يكون هناك بيان إيجابى من إسرائيل عنها، بعد أن اتُهمت فى الأيام الأخيرة بـ«تمويل البنية التحتية الإرهابية لحماس».