رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

3 خطوات أساسية.. مراحل تمر بها قضايا الإعدام فى "حضرة المفتى"

الإعدام
الإعدام

في منتصف يونيو الماضي كانت منطقة الساحل على موعد مع واحدة من الجرائم التي تحولت لقضية رأي عام، بعدما فوجئ أهالي المنطقة بقوات من الشرطة ورجال النيابة العامة يحيطون أحد العقارات ليستهدفوا شقة بعينها، خرج منها بعد فترة كيس جلد أسود وضع في سيارة الإسعاف التي انطلقت به إلى مشرحة زينهم، لتتكشف الحقائق وتبين أن تلك الجثة للطبيب أسامة صبور الذي اختفى منذ أيام قليلة.

أمس وبعد أشهر من التحقيقات وتداول القضية أسدلت محكمة جنايات القاهرة الستار عليها بحكمها على الطبيب الرئيسي المتهم ومساعده الممرض بالإعدام شنقًا، بينما كان لفضيلة مفتي الجمهورية رأي آخر عندما رفض إعدام المتهمة الثالثة "محامية"، لتقرر المحكمة سجنها 15 عامًا سجنًا مشددًا، في اتهامهم بقتل الطبيب أسامة صبور بالقضية الشهيرة بـ"طبيب الساحل".

رغم عدم إلزامية رأي المفتي لهيئة المحكمة إلا أن فحص القضية وإبداء الرأي الشرعي فيها لتطبيق القصاص يمر بعدة مراحل:

فور انتهاء الجلسة التي يصدر فيها القاضي القرار تتم إحالة القضية إلى دار الإفتاء لفحص أوراقها في سرية تامة، ولا يطلع أحد على قرار المفتي حتى يصل رده إلى المحكمة مرة أخرى في خطاب مغلق، وسواء كان الجواب بتأييد الإعدام أو رفضه فإن رأي المفتي ليس إلزاميًا لهيئة المحكمة، ولها أن تأخذ به وتخفف العقوبة في حالة الرفض من الإعدام للمؤبد، ولها أن تصدر حكمها بالإعدام. 

مراحل القضية داخل دار الإفتاء

بداية تقوم دار الإفتاء، بعد تسلم أوراق الإحالة، بدراستها جيدًا، وعرض الأدلة التي تحملها، ومطابقة كل ما ورد فيها للنصوص الشرعية ومعايير الفقه الإسلامي على اختلاف آراء الفقهاء، واختيار الرأي الذي يوافق الشريعة وصالح المجتمع.

ويرفق التقرير الخاص بملف القضية بعد الانتهاء من إعداده بظرف مغلق ومختوم، يتم تسليمه لمحكمة الجنايات في سرية تامة.

وتُحال الأوراق الخاصة بالإعدام للدار تنفيذًا للمادة 2/183 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث تحيل محاكم الجنايات هذه القضايا بشكل وجوبي وملزم إلى المفتي، وإلا يُعد الحكم باطلًا، وبعد إرسال تقرير المفتي إلى المحكمة، تقوم المحكمة بالنطق بالحكم.

3 خطوات قبل القصاص 

يذكر أن رأي المفتي هنا استشاري وليس ملزمًا بالنسبة للقاضي، الذي يتخذ قراره بمنتهى الحرية على خلفية الرأي الشرعي الذي يصله من دار الإفتاء، لكن استشارة رأي المفتي لا تقلل من أهمية دوره، بل تميل المحكمة دائمًا إلى الأخذ برأيه، خاصة لو جاء تقريره قائمًا على أسانيد شرعية واضحة.

وتمر أوراق قضايا الإعدام بثلاث مراحل داخل دار الإفتاء المصرية وهي: مرحلة الإحالة، ومرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، ثم مرحلة التكييف الشرعي والقانوني.

وتشمل مرحلة الإحالة قيام دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها ودراسة الأوراق منذ بدايتها، وذلك قبل النطق بالحكم، ثم تأتي مرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، وفيها تقوم دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها، والالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسب ما تحمله أوراق القضية على الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة في الفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها وتوصيفها بأنها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف التي انتهى الفقه الإسلامي إلى تقريرها لهذا النوع من الجرائم.

إزهاق روح بقرار شرعي

يلي ذلك مرحلة التكييف الشرعي والقانوني، وفي هذه المرحلة يعاون المفتي هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتها دراسة ملف القضية لبيان ما إذا كان الجُرم الذي اقترفه المدانون يستوجب إنزال عقوبة القصاص حدًا أو تعزيرًا أو قصاصًا أو غير ذلك. 

كما أنه من مهمة المفتي والهيئة المعاونة له في هذه المرحلة النظر في سؤال حول هل يستحق المتهم الإعدام أم لا وفقًا للنصوص الشرعية.

وتهدف هذه المرحلة لطمأنة القاضي إلى مشروعية حكمه، لأن هذه القضايا حساسة ويترتب عليها إزهاق روح، لذلك نصّ المشرع على أن يصدر حكم الإعدام بالإجماع، وذلك على عكس الأحكام الأخرى، التي يمكن الاكتفاء فيها برأي الأغلبية فقط.

كما أن حكم الإعدام لا بد أن يصدر من قبل أشخاص يتمتعون باستقرار نفسي وذهني، لذلك تتم إحالة القضية للمفتي لأخذ رأيه فيها.

حالات لا ينفذ فها حكم الإعدام

وفقًا لقانوني العقوبات والطفل لا يحكم بالإعدام على الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الـ18 عامًا وقت ارتكاب الجريمة، وكذا الحوامل وإلى شهرين من وضعها، ويتم وقف تنفيذ حكم الإعدام في حالة تبين وضعها طفلًا "حيًا" وتخفيفه للمؤبد، وكذا الأشخاص الذين فقدوا قواهم العقلية أو الذين لم يستنفذوا كل مراحل الطعن على الحكم الصادر ضدهم.