رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التاريخ والجغرافيا والحكم الوطنى الرشيد.. ودور مصر المحورى

لم تكن الجغرافيا وحدها كما يتصور البعض وراء هذا النجاح العظيم في أن تقوم مصر عبر التاريخ بشكل عام، وبشكل خاص في الفترة الأخيرة، بدور إقليمي وعربي وعالمي محوري مؤثر.. حيث تبقى القضية الفلسطينية ودور مصر التاريخي في صدارة القضايا التي تقدمت فيها مصر الصفوف عربيًا وإقليميًا.. نتوقف هنا عبر بعض عناوينها..
• في عهد الملك فاروق، كان اجتماع ملوك ورؤساء وممثلي 7 دول عربية في "أنشاص" للتباحث في قضية فلسطين ومواجهة هجرة اليهود للأراضي الفلسطينية وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية والذى ينص على وجوب الدفاع عن الدول العربية فى حال وقوع اعتداء عليها وقرر المجتمعون التمسك بالاستقلال لفلسطين التي كانت قضيتها هي القضية المحورية في جميع المؤتمرات، كما أعلن الملك فاروق عن مشاركة الجيش المصري في حرب 1948..
• وفي عهد الرئيس جمال عبدالناصر تصدرت القضية الفلسطينية اهتماماته، لذا كانت دعوته لعقد مؤتمر الخرطوم الذي رفع فيه شعار "لا اعتراف، لا صلح، لا تفاوض" مع إسرائيل، كما كان لمصر دور كبير في توحيد الصف الفلسطيني من خلال اقتراح إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية..
• وفي عهد الرئيس محمد أنور السادات تعددت مطالبات السادات بحقوق الشعب الفلسطيني خلال خطابه الشهير في الكنيست الإسرائيلي مطالبًا بالعودة إلى حدود ما قبل 1967..
• خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، شارك الرئيس في سبتمبر عام 1993 في توقيع اتفاق أوسلو الخاص بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي، وفي 2003 أيدت مصر وثيقة "جنيف " بين الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع في المنطقة..
• وبعد تولي الرئيس السيسي ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلًا عن الجهود الإنسانية التي قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني في الكثير من الاعتداءات التي شنتها العسكرية الإسرائيلية الغاشمة..
لقد ساندت "مصر/ السيسي" في العمل على تهدئة الأوضاع في غزة وصولًا لتحقيق وقف إطلاق النار، وعقب تحقيق التهدئة دخلت كتائب التعمير غزة للقيام بإعادة الإعمار وبدعم مالي مصري..
ولا شك أن انعقاد قمة "القاهرة للسلام" التي دعا إليها الرئيس والاستجابة العالمية للدعوة في زمن قياسي وبحضور عدد من زعماء وقادة العالم من أجل القضية الفلسطينية، عكس دور مصر المحورى الهام  في المنطقة، ويكفي أن فكرة تجمع كافة الأطراف على طاولة المناقشات عادت من جديد لإيجاد حلول لوقف إطلاق النار ونزيف الدم، وإعادة التفكير في البحث عن جذور المشكلة، وأهمية الاستجابة لقرارات الأمم المتحدة في إطار حل الدولتين..
منذ اندلاع الأزمة، والرئيس عبدالفتاح السيسي في اتصالات مستمرة من أجل العمل على إدخال كل المعونات المقدمة من مصر وكافة الدول المؤيدة للدولة الفلسطينية، مشيدة بكلمة الرئيس السيسي خلال القمة، مؤكدة أنها جاءت تعبيرًا عن إرادة الشعب المصري تجاه عدوان الاحتلال، حيث حمل الرئيس العالم مسئولية ما يحدث وهو ما يتطلب تضافرًا دوليًا لوضع حد له..
لقد لاقت الجهود المصرية المخلصة والرشيدة اهتمامًا عالميًا وردود أفعال مقدرة ومشيدة بالنظام المصري، على سبيل المثال، اهتمت صحيفة "جابان تايمز" اليابانية بعقد قمة القاهرة للسلام في العاصمة الإدارية الجديدة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لحل الأزمة الفلسطينية، مؤكدة أن العالم برمته يقدر دور القاهرة المحوري والأساسي في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني المُحاصر من قِبل القوات الإسرائيلية..
وذكرت الصحيفة في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي قبل قليل، أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس سلطت الضوء على دور مصر كقوة إقليمية وهو ما قد يُكسبها دعمًا غربيًا في الوقت الذي تحاول فيه حل العديد من الأزمات الاقتصادية، وأضافت الصحيفة أنه من منظور العلاقات القديمة مع إسرائيل ومشاركة الحدود مع غزة، فإن موقف مصر يتشكل كمفتاح لمصير اللاجئين والتدفق المستمر للمساعدات لسكان القطاع المحاصر البالغ عددهم مليوني نسمة بعد أن قطعت إسرائيل الإمدادات الحيوية ردًا على هجوم حماس في 7 أكتوبر الجاري..
من جانبها نقلت هيئة الإذاعة والتليفزيون اليابانية (إن إتش كيه) عن وزيرة الخارجية الياباني الجديدة يوكو كاميكاوا مناشداتها ضرورة بذل جهود دولية منسقة لوقف تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة..
وقالت يوكو - خلال مشاركتها في قمة القاهرة للسلام بجانب حوالى 30 مسئولًا ومنظمة دولية - إن الأولوية هي تقليل تدهور الأوضاع في غزة، مضيفة أن الهدف الأساسي للمشاركين في المؤتمر هو توصيل الإمدادات اللازمة لسكان غزة في أسرع وقت ممكن وإجلاء الأجانب، كما أعلنت عن خطط الحكومة اليابانية لتقديم مساعدات إنسانية طارئة بقيمة 10 ملايين دولار لسكان غزة..
ودعت كاميكاوا زملاءها إلى استجماع القوة والحكمة لتأمين سلامة الناس في غزة وتخفيف الوضع في أسرع وقت ممكن لتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في المنطقة، مشيرة إلى أن اليابان متمسكة بدعمها الثابت بحل الدولتين الذي يتم من خلاله إنشاء دولة فلسطينية مستقلة تتعايش بسلام وأمان مع إسرائيل..
من جهتها.. أبرزت وكالة (بلومبيرج) الأمريكية، تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي أعلن فيها عن رفض مصر لفكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية.. قائلة: "يبدو أن موقف مصر حاسم في مصير اللاجئين وتدفق المساعدات لسكان قطاع غزة المحاصر والبالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة بعد أن قطعت إسرائيل الإمدادات الحيوية ردًا على هجوم الفصائل الفلسطينية في 7 أكتوبر الجاري"..
ونقلت الوكالة عن الرئيس السيسي رفضه استضافة مصر للاجئي غزة.. قائلا "ينبغي على إسرائيل بدلًا من ذلك استقبال الفلسطينيين في صحراء النقب".. مشيرة إلى رفض الجانب الأردني أيضًا قبول المزيد من اللاجئين الفلسطينيين، وأشارت الوكالة إلى أن مصر تستضيف حاليًا حوالي 9 ملايين لاجئ ومهاجر من سوريا والسودان واليمن وليبيا..
ووفقًا للوكالة فإن تطورات الشرق الأوسط، أكدت عودة دور مصر الريادي في المنطقة.. مشيرة إلى أن مصر كانت وراء جمع القوى العربية وقيادة الهجوم في نصر أكتوبر عام 1973 مما أدى إلى حرب السادس من أكتوبر قبل أن يوقع البلدان اتفاق سلام ويتفقا على علاقات دبلوماسية كاملة عام 1980..
ويقول روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، إن الحرب الدائرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية أكدت الدور المهم الذي تلعبه مصر فيما يتعلق بالأمن.. مشيرًا إلى أن القيادة السياسية تعتبر فكرة استقبال لاجئي غزة خطًا أحمر لا يجب تجاوزه..
وأشارت الوكالة إلى أن القادة العرب أطلقوا على الضربات الانتقامية الإسرائيلية على غزة بأنها عقاب جماعي، فيما شدد عدد من المسئولين الأوروبيين على ضرورة قيام دولتين جنبًا إلى جنب..
وتطرقت إلى قمة السلام التي عقدت في القاهرة يوم السبت الماضي بهدف التوصل لحل للصراع الدائر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية الذي يدخل الآن أسبوعه الثالث، ما أدى إلى مقتل الآلاف في غزة وترك مئات الآلاف من الأشخاص منازلهم.