رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"يكذب كما يتنفس".. وقائع تكشف انحياز الإعلام الغربى لإسرائيل على حساب دماء الفلسطينيين

قطاع غزة
قطاع غزة

فضح العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، عنصرية وسائل الإعلام الغربية تجاه القضية الفلسطينية وانحيازها للاحتلال مع استمرار عدوانه حتى الساعة على المدنيين، ما خلفه من شهداء ومصابين ومفقودين، وتدمير جميع أشكال الحياة في مدن قطاع غزة التي باتت منكوبة.

وكشفت تلك الأحداث الدعم الكلي لإسرائيل، إذ كرست تغطياتها للحدث بما يخدم الرواية الإسرائيلية على المستوى الدولي.

مواقف الصحف الغربية في بداية التصعيد

كرست وسائل الإعلام الغربية تغطيتها للحدث بما يخدم رواية الاحتلال الذي لم يتوقف يوما عن ممارسة انتهاكاته بحق الفلسطينيين، وسارعت في إدانتهم، بالإضافة إلى تشويهه للمعطيات المتعلقة بالأزمة والأسباب الحقيقية وراء عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

وعلى الرغم من وحدة المواقف الغربية، لكن هناك بعض التمييز على المستوى الرسمي الذي انعكس بدوره على أبواقه الإعلامية، ففي حين تنهمك واشنطن ولندن في إرسال المدد العسكري للاحتلال الإسرائيلي، تبدو باريس حريصة على الدفع نحو ضرورة البحث في نهاية المطاف عن حل سياسي للقضية الفلسطينية، وفق حل الدولتين وبما يضمن الأمن والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين.

كيف تناول الإعلام الأمريكي التصعيد الإسرائيلي؟

وقد حرصت وسائل الإعلام الأمريكية كالعادة على تأطير الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باعتباره حربا من جانب واحد، واستخدام لغة متحيزة لتل أبيب. 

كما أظهرت تغطيتها الأخيرة انشغالها البالغ بتجريم حركة حماس، وتجاهل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة من احتلال فلسطين، بحيث بدا الهجوم الفلسطيني وكأنه نوبة غير مبررة من العنف وكراهية الصهاينة. 

وظهر هذا جليا على قناة سي إن إن الأمريكية عند استضافتها مصطفى البرغوثي، رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، حيث ركزت على تجريم المقاومة الفلسطينية وإبراز الاحتلال الإسرائيلي على أنه في وضع الضحية أو المعتدى عليه من قبل المقاومة الفلسطينية التي تمارس إرهابا كلاسيكيا ضد المدنيين الإسرائيليين والنساء والأطفال وكبار السن. 

كما ركزت الصحف على الادعاء بمقتل أطفال إسرائيليين على يد المقاومة الفلسطينية، أكثر مما ركزوا على تقرير وزارة الصحة الفلسطينية بأن الاحتلال قتلت 447 طفلا في غزة حتى الآن.

كان التحيز واضحا أيضا في نشر وسائل الإعلام الأمريكية مراسلين لها في إسرائيل متجاهلين تماما وجود نظراء لهم في قطاع غزة.

كما منحت وسائل الإعلام الأمريكية وقتا أكبر للأصوات الإسرائيلية مقارنة بالأصوات الفلسطينية، كما أجرت تغطية صحفية منحازة ركزت على الضحايا الإسرائيليين، وتجاهل الفلسطينيين تقريبا.

وأجرت شبكة سي إن إن لقاء مع جورج بيرنباوم المساعد السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، وشبه هجمات حماس بـ"النازيين".

في حين أجرت قناة سي إن بي سي مقابلة مع نداف زفرير، القائد السابق لوحدة التكنولوجيا العسكرية في إسرائيل، ودعا إلى تسوية غزة بالأرض.

هذا وقد أجرت دانا باش من قناة إم إن إس بي سي، مقابلة مع السفير الإسرائيلي السابق داني دانون، وسمحت له بالادّعاء بأن إسرائيل لا تستهدف المدنيين، وأن إسرائيل ستضرب حماس بشدة.

كل هذا الكم من الحوارات مقابل حوار واحد فقط مع دبلوماسي فلسطيني، دون استضافة أهالي الضحايا والشهداء، أو المنكوبين أنفسهم من أهالي قطاع غزة.

وكل ما سبق يعكس ويؤكد ازدواجية المعايير التي توضح قواعد اللعبة التي يمارسها الإعلام الأمريكي حول كيفية تشويه الأزمة، من خلال استخدام لغة أحادية الجانب وإطار متحيز، تشير فيه إلى الجنود الإسرائيليين باسم "قوات الدفاع الإسرائيلية"، في حين يشار إلى المقاومة الفلسطينية باسم "الإرهابيين".

هذا بجانب استخدام الإعلام الأمريكي مثل أسوشيد برس، وسي إن إن، وواشنطن بوست، كلمة "رهائن" لوصف الإسرائيليين الذين أسرهم مقاتلو حماس. 

كما وصفت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست، المقاتلين الفلسطينيين "بالمسلحين"، أما مجلة ذا نيشان فقد منحت الحق لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في استخدام القوة الغاشمة ضد غزة مثلما فعل جورج بوش الابن في العراق.

موقف الإعلام البريطاني من التصعيد الإسرائيلي

أما الإعلام البريطاني فيري أن إسرائيل في حالة حرب مع حماس، الجماعة الفلسطينية المسلحة المدرجة كمنظمة إرهابية من قبل العديد من الدول الغربية، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة. 

كما اعتمد الإعلام البريطاني الرواية الإسرائيلية بأن هجوم حماس لا يقل عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، ونجم عنه خسائر كبيرة في أرواح اليهود لأول مرة منذ المحرقة. 

كما يبرر الإعلام البريطاني هجوم الاحتلال على قطاع غزة للتأكيد على أن حماس لن تمارس انتهاكات مرة أخرى داخل إسرائيل.

واستخدم الإعلام البريطاني لغة خطاب منحازة لإسرائيل، ونشرت صحيفة الجارديان في افتتاحيتها مقالا يحمل عنوان "الهياج القاتل الذي قامت به حماس"، فيما وصفت مجلة الإيكونوميست طوفان الأقصي "بالهجوم المتعطش للدماء من قبل حماس". 

وفي حين أن هذه اللغة قد تكون أو لا تكون مناسبة، إلا أن الحقيقة أنها لم تستخدم من قبل وسائل الإعلام البريطانية لوصف الجرائم الإسرائيلية ذات الحجم المماثل أو حتى الأسوأ، فلم تصف قتل إسرائيل لآلاف المدنيين في غزة بأنه هياج إسرائيلي قاتل أو هجوم إسرائيلي متعطش للدماء.

لم تكن تلك العناوين فقط صور الانحياز البريطاني لإسرائيل، ولكن أيضا تناول أخبار القتلى والأسرى والقصص الإنسانية للإسرائيليين دون الفلسطينيين، هذا بجانب أن صحف بريطانية مثل الصن والتايمز والإندبندنت وتليجراف وميل ومترو وأكسبريس وغيرها، نقلت الزعم الإسرائيلي بأن حماس قتلت 40 طفلا ووضعته في عناوين رئيسية، دون أي دليل أو صورة أو مقطع فيديو أو حتى تأكيد رسمي من جانب جيش الاحتلال.

وادعت بعض وسائل الإعلام البريطانية بأن إسرائيل ليست المسئولة عن تشريد وتجويع المدنيين في غزة نتيجة الحصار، وأن حماس هي المسئولة عن ذلك، وليس على تل أبيب أي التزام بموجب القانون الدولي بتوفير الإمدادات لغزة لأنها ليست محتلة غزة، وهو ما أكدته تغطية ديلي ميل التي أبرزت في أحد عناوينها أن حرب غزة من أجل مستقبل الاحتلال،  كما استخدمت صحيفة التايمز أعمدتها لتصوير الفلسطينيين ومؤيديهم على أنهم تجار كراهية.

بالإضافة لكل ما سبق، كشفت قناة بي بي سي انشغالها البالغ بتجريم حركة حماس، خلال لقائها مع السفير الفلسطيني في لندن حسام زملط، الذي فضح مغالطات المذيع عند سؤاله "هل تؤيد ما فعلته حماس صباح يوم السبت؟"، وأكد زملط أن هذا ليس السؤال الأهم.

وأشار زملط إلى أن السؤال الأهم هو كيف يمكننا وقف المجازر الإسرائيلية التي ستحصل بحق المدنيين الفلسطينيين، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تساوي بين الاحتلال والشعب الواقع تحت الاحتلال، هذا لا يخدم العدالة ولن يخدم جمهورك في فهم الصورة الحقيقية.

كيف تناول الإعلام الفرنسي التصعيد الإسرائيلي؟

لم يبتعد الإعلام الفرنسي كثيرا عن التناول الأمريكي والبريطاني المتضامن مع إسرائيل، خاصة أن باريس تضم أكبر جالية يهودية في أوروبا. 

ولكن كان محايدا بعض الشيء في معظم تغطيته المعروفة بعنصرية مواقفها السياسية ضمن الكتلة الغربية. 

وأبرزت الصحافة الفرنسية المظاهرات الداعمة لإسرائيل، وركزت على أعداد القتلى والجرحى الإسرائيليين، وحجم المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين.

واتخذت مجلة لو بوينت، الجانب الإسرائيلي في تغطيتها، وأشارت إلى أن ثمانية فرنسيين قتلوا وأن عشرين في عداد المفقودين. 

وأشارت إلى أن الرد الإسرائيلي يجب أن يكون بمستوى هذه الجريمة، وأن العمل الشنيع الذي ارتكبته حماس لا يترك مجالا لأي حذر عملياتي. كما طالبت المجلة الفرنسية إسرائيل أن تكون عدوانية جدا. 

ولكن مع تزايد وتيرة الأحداث، تطرقت إلى الوضع الكارثي في مستشفيات قطاع غزة.

في حين أبرزت صحيفة Liberation، L ظاهرة في ليون دعما لإسرائيل، وأن ما فعلته حماس إرهاب يجب التعامل معه بشدة. 

أما لوموند وصفت الوضع بأنه أعنف أعمال الحرب ضد إسرائيل منذ ظهور الدولة اليهودية عام 1948، وأن حماس تمكنت من إخفاء استعداداتها، التي كانت بالضرورة طويلة ومعقدة، عن المخابرات الإسرائيلية. 

اتجاهات تغطية الإعلام الغربي للتصعيد الإسرائيلي

الاتجاه الأول وهو الحديث عن جرائم بحق المدنيين الإسرائيليين، وكان الاتجاه الأهم الذي ركزت عليه وسائل الإعلام الدولية خلال الساعات الأولى من هجوم حركة حماس هو الحديث عن أن جرائم قد ارتكبتها الحركة بحق المدنيين الإسرائيليين، وتصوير الأمر بأن الهدف الأساسي للحركة كان قتل الإسرائيليين المدنيين الآمنين في بيوتهم في وقت مبكر من يوم السبت اليهودي وعيد فرحة التوراة، وتبني رواية أنهم أعدموا المدنيين الإسرائيليين الأبرياء من النساء والأطفال والمعاقين بدم بارد في منازلهم، وأنهم ليسوا إلا مسلحين متعطشين للدماء حسبما وصفت صحيفة إيكونوميست.

الاتجاه الثاني وهو الإخفاق الاستخباراتي والأمني الإسرائيلي، وهو الأبرز الذي سيطر على وسائل الإعلام الدولية على اختلافها هو الحديث عن أن هجوم حركة حماس قد عكس إخفاقا أمنيا واستخباريا إسرائيليًا كبيرا.

وأعرب عدد من الإسرائيليين عن صدمتهم من أن قوات الأمن الإسرائيلية لم تحضر بسرعة أكبر لمساعدتهم، بجانب أسر وقتل الجنود الإسرائيليين في مواقعهم، بجانب أنه من المؤكد أن حماس قد خططت لهذا الهجوم على مدار أشهر دون أي علم لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بما يجعله فشلا ذريعا للمؤسسات الدفاعية الإسرائيلية، وأمرا شديد الشبه بأكبر فشل استخباراتي في تاريخ إسرائيل وهو حرب السادس من أكتوبر لعام 1973، حسب توصيف معظم وسائل الإعلام الدولية.

الاتجاه الثالث وهو كيفية تنفيذ الهجوم، إذ ركزت وسائل الإعلام الغربية على معرفة كيف نفذت حركة حماس هذا الهجوم المتقن والمفاجئ للأوساط الإسرائيلية كافة، وقد انقسم تناول هذا الأمر إلى جزأين أساسيين الأول تحدث عن تكتيكات التنفيذ من خلال رسم خرائط للهجوم والحديث عن كيفية تسلل مقاتلي القسام إلى مستوطنات غلاف غزة تحت حماية آلاف الصواريخ التي أُطلقت على المدن الإسرائيلية، أما الثاني فتمثل في الحديث عن مدى الدعم الذي قدمته إيران لحركة حماس لشن هذا الهجوم.

الاتجاه الرابع وهو دوافع الهجوم، وأشارت بعض وسائل الإعلام إلى أن هذا الهجوم ربما تولد نتيجة الغضب وتحديدا سلوك الائتلاف الحاكم برئاسة نتنياهو المستمر منذ أشهر بما في ذلك الاستفزازات في المسجد الأقصى، وربما كان نتيجة طبيعية لغياب الدولة الفلسطينية وتكريس واقع مرير في قطاع غزة وغيره، ومعاناة القطاع من حصار مستمر منذ 16 عاما، والغضب الفلسطيني المتزايد إزاء الإذلال والتهميش الذي أدى بالفعل إلى تصاعد أعمال العنف في الضفة الغربية هذا العام، لكن غالبية وسائل الإعلام قد أشارت إلى دوافع أخرى وراء هذا الهجوم، من بينها تعطش حماس للدماء وكونها جماعة إرهابية كل ما تفعله هو التفكير في طرق لقتل الأمريكيين وحلفائهم، أو أن الهجوم قد يكون بتشجيع من إيران كوسيلة لإحباط تحركات تحقيق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، أو السعي إلى تحقيق مكاسب سياسية من القيام بذلك وكسب نقاط سياسية على حساب السلطة الفلسطينية.

الاتجاه الخامس وهو تبرير الجرائم الإسرائيلية، إذ عكفت وسائل الإعلام الغربية من خلال تصوير ما قالت إنه جرائم حركة حماس بحق الإسرائيليين على تبرير أي رد فعل إسرائيلي وصفته بأنه انتقامي من حركة حماس، حتى لو كان ذلك على حساب المدنيين في قطاع غزة، وأنه جاء ردا على أن الاجتياح الذي شنه مقاتلو حماس هو الأكثر دموية منذ حرب أكتوبر، فأصابت الغارات الجوية الإسرائيلية مباني سكنية وأنفاق ومساجد ومنازل في غزة تنفيذا لتعهد رئيس الوزراء نتنياهو بالانتقام الشديد.

أدوات انحياز الإعلام الغربي لإسرائيل

فيما استخدمت وسائل الإعلام الغربية مجموعة من الأدوات والوسائل التي قامت من خلالها بالانحياز الواضح لإسرائيل وروايتها للأحداث على حساب الرواية الفلسطينية أو الواقعية لما يجري في قطاع غزة من جرائم إسرائيلية. وتمثلت هذه الأدوات فيما يلي توظيف مصطلحات الحرب على الإرهاب، تحركت ببطء روايتان أساسيتان من جانب الإعلام الغربي بعد بدء الهجوم، تحاول الأولى تناول هذا الملف من زاوية استهداف المدنيين، وهي الزاوية التي تمحورت حولها معظم وسائل الإعلام الغربية في تغطيتها، أما الزاوية الثانية فهي وجود تشابهات عديدة بين حركة حماس وتنظيمي القاعدة وداعش، وهي زاوية تتبنى وجهة النظر الإسرائيلية بالكامل، وتحاول تصوير الأمر على أنه هجوم شنته مجموعات إرهابية على مدن وقرى دولة ذات سيادة، وأنه لا يختلف كثيرا عن أي هجوم إرهابي تعرضت له دول الشرق الأوسط وأفريقيا خلال السنوات الأخيرة.

واستندت الرواية الثانية في الأساس إلى حديث الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حول ذبح الفلسطينيين للأطفال والمستقى بشكل أساسي مما يصدر عن الجانب الإسرائيلي من تحليلات وتصريحات، مثل تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، حول وجود دلائل على ذبح أطفال في مستوطنات غلاف غزة، أو تغريدة رئيس الوزراء الإسرائيلي التي تقول حماس أسوأ من داعش، أو حتى عثور القوات الإسرائيلية على راية لتنظيم داعش، خلال عمليات تطهير مستوطنة صوفا قرب قطاع غزة.

وعلي الرغم من تراجع قصة ذبح الأطفال، لاحقا، إلا أن المحور الرئيسي للتغطية الإعلامية الغربية لما يحدث في غزة هو استهداف المدنيين، وإن كان هذا لم يمنع وزيري الدفاع الأمريكي والإسرائيلي، في مؤتمرهما الصحفي الأخير، من إعادة المقارنة بين حركة حماس وتنظيم داعش، من منطلق محاولة تصوير ما حدث في السابع من أكتوبر، على أنه مشابه لهجمات تنظيم داعش السابقة.

كما تروج وسائل الإعلام الغربية للهجمات الإسرائيلية المروعة على قطاع غزة على أنها محاولات إسرائيلية للقضاء على الإرهاب بحد وصفها، وحفظ أمان الشعب الإسرائيلي. 

وتتبنى وسائل الإعلام هذه سياسة واضحة في صياغة الأخبار خاصتها لتضخيم حجم الخسائر الإسرائيلية الناجمة عن هجمات حماس، وفي نفس الوقت تخفيف حجم وأهمية الخسائر الفلسطينية الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية.

ولم يتوقف الأمر عند التركيز الإعلامي على الخسائر الإسرائيلية وإهمال الخسائر الفلسطينية، وجرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، ونشر المغالطات فقط، لكن وصل الأمر إلى نشر العديد من الأخبار الكاذبة وتزييف الحقائق. 

أخبار كاذبة تناولها الإعلام الغربي دون التحقق منها

“ذبح 40 طفلا”، انتشر خبر في الكثير من الصحف الغربية بذبح حركة حماس لأكثر من 40 طفلا رضيعا، بعد تصريح زعيم المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ديفيد بن صهيون على قناة “i24 News” الإسرائيلية التي ادعت مراسلتها خلال تغطيتها أنه تم العثور على هذه الجثث. 

وانتشر هذا الخبر بشكل واسع في معظم الصحف الغربية بدون تحري الدقة فيه، حتى وصل الأمر إلى تأكيد نتنياهو على الخبر وتصريح بايدن بأنه رأى صورا مروعة لهذه الواقعة. 

ولكن عاد ونفى البيت الأبيض هذا التصريح معللا بأن الرئيس لم يكن يقصد هذا المعني، وعادت مراسلة القناة لتوضح أنها لم تر الجثث أو صورا لها كما وأنها فقط أخذت التصريح من المسئولين الإسرائيليين، ولم تظهر أي أدلة إلى الآن على هذه الواقعة، والتي نفتها حركة حماس.

فيما نشرت صفحة نتنياهو على فيسبوك صورا لجثة طفل إسرائيلي محروق نتيجة هجوم حماس على المواطنين الإسرائيليين، لافتا إلى أن تم عرض هذه الصور على وزير الخارجية الأمريكي، وهو ما نقلته وسائل إعلامية كثيرة. 

ولكن تم الكشف بعدها أن هذه الصور مزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وأنها في الأصل صورة لكلب صغير يتلقى العلاج وتم تعديلها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

"تعرض مراسلة سي إن إن للهجوم"، نشرت قناة سي إن إن الأمريكية مقطعا لمراسلتها، تظهر فيه مستلقية على الأرض خوفا من هجمات وتفجيرات حماس، وتعتذر للمشاهدين على وضع التصوير غير المعتاد هذا، ولكنهم مرغمون عليه للحفاظ على وضعية آمنة لهم. 

وانتشر بعدها تسريب لما قبل تصوير هذا المقطع، حيث تظهر فيه المراسلة مع اثنين من المصورين يختارون فيها البقعة المناسبة لاتخاذ هذا الوضع، ويسمع صوت يخبرها بأن تحاول أن تظهر خائفة في المقطع وتلتقط أنفاسها من الركض والخوف لأن هذا الإحساس هو ما يرغبون في تصديره للمشاهدين.

"اغتصاب النساء"، أيضًا من الأكاذيب التي نشرتها الصحف ووسائل الإعلام الغربية المختلفة أخبار عن اغتصاب عناصر حماس للنساء عند الهجوم على الإسرائيليين وأخذ الأسرى وأيضا اغتصاب الفتيات اللائي اتخذن كأسرى. 

ونشرت غرفة الحرب في إسرائيل على تويتر تغريده تفيد بأنه تم تأكيد استخدام حماس للاغتصاب كسلاح حرب، وتناولت وسائل الإعلام الغربية وبعض الصحف الخبر على نطاق واسع، مع اصطحابه بعدد من الصور لنساء إسرائيليات وقعن في الأسر، وذلك رغم نفي العديد من الأسرى الذين أُطلق سراحهم هذه الأخبار، وأكدوا مرارا على أنهم لم يتم انتهاك حقوقهم بأي شكل أو يعاملوا بأسلوب سيئ أو همجي.

"قتل 250 شخصا في حفل موسيقي"، انتشرت الكثير من مقاطع الفيديو لمدنيين يهربون تزعم أنهم كانوا في حفل موسيقي هجمت عليه حماس وقتلوا فيه أكثر من 250 شخصا، ولكن تم الكشف بعدها على أن مقاطع الهروب هذه في مكان مختلف تماما عن الحفل وغير واضح من ماذا يهربون.

وفي نفس الحادثة انتشر مقطع مروع آخر يدعي أنه لفتاة إسرائيلية تبلغ من العمر 14 عامًا كانت تحضر هذا الحفل ويتم حرقها من قبل عناصر حماس، وهو ما اتضح أنه مقطع يعود لعام 2015 لفتاة من جواتيمالا تبلغ من العمر 16 عامًا ولا يتعلق بالأزمة الأخيرة بين إسرائيل وفلسطين على الإطلاق.

ولا تعد هذه حالات التزييف الوحيدة التي يقوم بها الإعلام الغربي، فبالرغم من كشف العديد من هذا التزييف ونشر المغالطات، إلا أن هذه الصحف ووسائل الإعلام ما زالت مستمرة على نفس النهج، ولا تبذل مجهودا حتى في إخفائه. 

ويشير هذا الانحياز الواضح من وسائل الإعلام التي تدعي حريتها، والتي من المفترض أنها على مستوى عال من الاحترافية إلى موقف الدول الغربية التي تطالب دائما بتطبيق الديمقراطية ومنح الحريات والاهتمام بحقوق الإنسان، واستعدادها للتخلي عن كل هذه المبادئ السياسية والإنسانية في سبيل ضمان مصلحتها وتواجدها بالشرق الأوسط عن طريق توفير الحماية المطلقة لإسرائيل مهما كانت الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها.

موقف فيسبوك وانستجرام من الحرب علي غزة

في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر أخفى موقعا إنستجرام وفيسبوك، الهاشتاجات المتعلقة بحركة حماس وطوفان الأقصى من البحث. 

وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها فترات من العنف بين إسرائيل والفلسطينيين قمعا للمستخدمين الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي. 

ففي عام 2021، حجب إنستجرام المنشورات التي تذكر المسجد الأقصى في القدس، كما أن سياسات التضييق التي تطبقها شبكات التواصل الاجتماعي لا تستهدف بشكل متساوٍ كلا الطرفين في الصراع، ففي حين يتم حظر أو حذف حسابات فلسطينية لأسباب غامضة، يظهر أن بعض الحسابات المؤيدة لإسرائيل تستخدم خطابا عدائيا ومحرضا دون عقاب.