رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضباط سوريون شاركوا فى حرب أكتوبر يكشفون لـ"الدستور" بداية التنسيق وأبرز المواقف

حرب أكتوبر
حرب أكتوبر

حرب أكتوبر عام 1973، كانت حرب شاملة مخطط لها على مدار سنوات مضت منذ عام النكسة، وتم التحضير لها على أعلى المستويات شارك بها فئات وطوائف مختلفة من المجتمع، ومن كافة المحافظات.

حرب أكتوبر 1973 المجيدة، تم التخطيط لها بمستوى عالي من الدقة والكفاءة، التنسيق المشترك بين الجيش المصري والجيش السوري تم بداية من عام 1970 وحتى وقت الحرب.

كان للدستور لقاء مع ضباط سوريين من كتائب ولواءات مختلفة شاركوا علي الجبهة ضد العدو الإسرائيلي، كشفوا لنا خلال السطور التالية عن العديد من اللحظات الصعبة والمفصلية في الحرب على العدو الإسرائيلي وكيف جاء التنسيق والترتيب بين القيادتين المصرية والسورية.

اللواء محمد عباس: نكسة 67 بالنسبة لمصر وسوريا كانت مقدمة لعمل للنقل من المحنة إلي المنحة

قال اللواء محمد عباس، خبير عسكري استراتيجي سوري شارك في حرب أكتوبر كان بقوات الرديفة بصفوف الجيش الشعبي، لم تكن نكسة يونيو 1967 بالنسبة لمصر وسوريا إلا مقدمة لعمل للنقل من المحنة إلى المنحة ومن الأزمة إلي الفرصة، كانت نكسة يونيو دافعا وطنيا قوميا عربيا انسانيا لغسل عار الهزيمة والوقوف فى وجه هذه الاسطورة التي ولد لها أن تترسخ في وعي وعقل العرب وتسويق الإسرائيلي بأنه سوبر مان وأنه الجيش الذي لا يقهر وان الطائرات الاسرائيلية لا تسقط ابدا، وخطط للعربي أن يكون بحالة من اليأس والإحباط والهزيمة ويدخل في وعيه أنه جبان وعاجز علي استعاده كرامته.

وأوضح عباس في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن التحضير لحرب اكتوبر كان عمل عربي مشترك بين سوريا ومصر بدأ منذ الأسبوع التالي للحركة التصحيحية التي قادها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عام 1970، وفي 23 نوفمبر عام 1970 أي عقب أسبوع تم توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين مصر وسوريا يتم من خلالها تنسيق العمل العسكري وما يخدم قرار الحرب لاحقا ومستقبلا.

وأضاف عباس أنه مع بداية 1970 عملت الدولة السورية على التحضير الشعبي لخوض الحرب ومن بينها تشكيلات الطلاب الجامعيين وطلاب المرحلة الثانوية "البكالوريا"، وكانت التشكيلات العسكرية لهذه الصفوف ضمن تخصصات واختصاصات عسكرية بحته والتدريب يكون يوم الجمعة، ومنذ عام 73 بدأ التدريب أوقات الظهيرة وبشكل يومي واستخدام الوسائط القتالية المختلفة وتم مضاعفة مرات التدريب شهريا.

وأشار إلى أنه كان هناك دور أيضا للنساء والصبايا في سوريا، وتم تدريبهم لتنفيذ العمل الإغاثي والصحي والطبي وتم أيضا تحضير المجتمع بشكل عام لخوض الحرب".

وأضاف عباس أنه جاء إعداد القوات في مصر وسوريا بشكل متزامن وبشكل كبير وكان التنسيق عالي المستوي بين الجيشين المصري والسوري لخدمة قرار الحرب وبما يضمن الارتقاء بمستوي التدريب والجاهزية والاستعداد للقتال والتحضير الميلاد للحرب، بما يحمله من معني اقتصادي سياسي اجتماعي ثقافي ديني اخلاقي تربوي بكل ما تعنيه تحضير الميلاد، من ناحية التحضير اللوجيستي والمادي والمعنوي.

ولفت عباس إلى أنه كان في حرب أكتوبر يعمل بقوات الرديفة وهي قوات الجيش الشعبي التي أسندت لها مهام العمل خلف القوات المسلحة وبما يضمن مشاركتها في حماية القواعد الخلفية ومؤخرات القوات وتعزيز الدفاع والتصدي للإنزال الجوي المحتمل في عمق البلاد وايضا التصدي ضد انزالات بحرية وخاصة أنهم كانوا بالاتجاه الساحلي للبحر.

وتابع: "منذ بداية عام 73 تم بناء وتشكيل القطاعات وتشكيلات الدفاع الشعبي وكنت قائد مجموعة مدفعية، وتدربنا على رمايات الهاون بشكل جيد وكان معهم سلاح الهاون وتم التحضير والاستعداد القتالي والتدريب علي رمي المدفعية واستخدام البندقية وأعمال القتال الفردي بشكل جيد، وقبل أيام من بدء الحرب جاء التأكد من جاهزية الوحدات والقطاعات وتم تدقيق المهام لها من منطلق أن العدو يحضر لعدوان ضد الدولة السورية وأن علينا أن نكون مستعدين لمواجهة هذا العدوان".

وفي اليوم الأول من الحرب بتاريخ 6 أكتوبر، كنا قد تسلمنا أسلحتنا وتوزعنا على مواقعنا المحددة لنا علي هذا الاتجاه، وعند الساعة الثانية عشرة بدأت الزوارق الإسرائيلية في مهاجمة المرافق السورية في طرطوس وبانياس وفي اللاذقية وفي مناطق النفط وكنا في حقل دانياس عندما تعرض لنيران زوارق العدو الإسرائيلي، واشتغلت النيران في الخزانات النفطية وتعرضت المنطقة وبدأت الأعمال القتالية الحربية عندما تصدت الزوارق البحرية السورية ومنعتها من متابعة اعمالها في هذا الاتجاه.

وتابع: "كان الدور المنوط بنا يقتضي الاستعداد للدفاع عن الساحل وهو المنطقة القريبة من مناطق النفط ومنطقة خزانات النفط وكان متوقع أن يقوم العدو الاسرائيلي بقطع الطريق الساحلي من اللاذقية طرطوس بإتجاه دمشق، حيث بدأت الإمدادات الحربية تصل عبر مرفأ اللاذقية الي طرطوس ومنها لدمشق بإتجاه خط الجبهة، وكان متوقع ان يقوم العدو بإنزال بحري والتقطت مكالمات عديدة بأعمال قتالية مرتقبة للعدو الإسرائيلي للتحضير لهذا لانزال البحري في منطقة دانياس.

وعلى مدار أيام متتالية من بداية الحرب تعرضت المنطقة لأكثر من 4 اعتداءات بحرية، وآخرها كان التحضير لانزال بحري إسرائيلي قوبل بنيران الدبابات السورية التي كانت تتحرك في المنطقة ونجحت في التصدي للزوارق البحرية الإسرائيلية ومنعتها من الوصول الي الشاطئ.

وأضاف: "كان لنا دور في تأمين أعمال الدفاع الشعبي والجيش الشعبي وما يمكن أن يخدم أعمال نقل القوات وتأمين المواطنين في حاجاتهم الأساسية وخدمة القوات المسلحة من جهة الأعمال التي يمكن لها أن تؤمن سياق الحركة والقوافل ونجاح هذه القوافل العسكرية التي تتحرك في هذا الاتجاه. 

وأوضح أن الجيش الشعبي يتألف من المواطنين والموظفين وهم قوات دفاع وطني من طلاب الجامعات والمرحلة الثانوية والرجال القادرين على حمل السلاح من الغير المدعويين للاحتياط أو الخدمة الالزامية، مؤكدا أن هذه الشريحة المجتمعية نجحت في دعم جهود القوات المسلحة واستقرار الجبهة الداخلية وخاصة أن الجيش يحتاج لدعم واحتضان الشعب وهذا الاحتضان يعزز قدرته علي الاتصال والمواجهة.

تفاصيل زيارة اللواء سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية إلى الكتيبة 82 السورية..

ومن صفوف الجيش الشعبي إلي صفوف الكتيبة 82 السورية، قال اللواء صبحي الطيب من الكتيبة 82، كتيبة مظليين وكان قائد سرية برتبة ملازم أول، خلال حرب أكتوبر 73، مع بداية الحركة التصحيحية عام 1970 بدأ التحضير لأعمال قتالية وتحضير الجيش لرفع مستوى الجاهزية والاستعداد القتالي وبدأت عملية تثقيف الجيش من خلال تطعيمه من وجود العناصر التي تحمل علي شهادات جامعية وبما يضمن استخدام التقنيات العسكرية الحديثة واستخدام التكنولوجيا والمعرفة من خلال عناصر مثقفة تحمل شهادات عليا تحمل التفطير السليم والصحيح علي مستوي الفرد والجماعة.

وتابع الطيب "كنا ننفذ تدريباتنا بشكل كبير وكانت تلك التدريبات تقليدية للقوات الخاصة من لياقة وتدريب على سرعة تنفيذ الأوامر، والاستعداد لتنفيذ كل ما يطب منها من أعمال قتالية عادية أو غير عادية".

وأشار الطيب إلى أنه كان هناك زيارات متبادلة بين وزيرى الدفاع ورئيسي الأركان وقيادة العمليات العسكرية المشتركة بين سوريا ومصر، وكان محذورا على القادة استخدام أي نوع من وسائل الاتصال، التقنية السلكية أو اللاسلكية أو البريدية او أي شكل من أشكال التواصل الا من خلال الاتصال الشخصي، وهذا الاتصال كان يضمن عدم تسرب اي معلومات وكان يضمن صحة ودقة وثبات المعلومات بأنها لا تقبل التأويل وبأنها تكون نتيجة المناقشة ونتيجة حوار وتداول وتبادل آراء بين القيادتين المصرية والسورية، ويتخذ القرار بعد هذا النقاش وبعد الإجراءات المشتركة التي تضمن التنسيق والتعاون المشترك بين الجيش الاول والثاني.

وكشف الطيب خلال حواره إلى موقف لا يُنسى قام به الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية آنذاك إلى الكتيبة 82، وتلك الكتيبة كان الشاذلي قائدا لها عام 1961.

وقال الطيب: "في أحد الأيام كان الفريق سعد الدين الشاذلي في زيارة إلي دمشق من أجل التنسيق عقب زيارة سابقة لرئيس الأركان السوري آنذاك يوسف شكور الي القاهرة، وعندما حضر الشاذلي أجريت اللقاءات وتم التنسيق والتعاون المشترك، طلب الشاذلي من القيادة السورية زيارة الكتيبة 82 قوات خاصة والتي كان يقودها عام 1961 وهذه الكتيبة كان اسمها الكتيبة 67 وكان يقودها الشاذلي وطلب من القيادة أن يزورها .

وأشار الطيب إلى أن تلك الكتيبة أرسلت إلي أوغندا بقرار من الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر عام 1961 كقوات طوارئ دولية وحفظ السلام وكان علي رأسها الشاذلي.

اللواء صبحي الطيب

وأضاف الطيب أن الكتيبة لم تكن تعرف السبب وراء زيارة الشاذلي، وبالفعل وصل الشاذلي إلي الكتيبة وكانت بنفس المكان والمعسكر واستقبله النقيب علي حيدر قائد القوات الخاصة السوري، وطلب الشاذلي الالتقاء بعناصر الكتيبة وأراد رؤية الوحوش السوريين الذين كانوا موجودين معها قبل سنوات.

وخلال دقائق كانت الكتيبة جاهزة ومستعدة لتنفيذ المهام وكل جندي بعتاده الكامل لتلقي المهام التالية، حضر المساعد الذى ينقل الجاهزية الي النقيب علي حيدر، بأن الكتيبة جاهزة، وتفاجئ الشاذلي بسرعة تحضير الكتيبة، وقال آنذاك "الله عليك يا نوري الكتيبة جاهزة، يا نوري أنت موجود في الكتيبة من أيام ما كنت قائدا لها". 

خرج الشاذلي وقائد القوات الخاصة وأدت الكتيبة التحية العسكرية وبدأ في تفقد الوجود ما بين الابتسامة والشعور بالسعادة في حالة من السرور، قائلا "ازيكم يا رجالة ازيك يا جمال الزعير يا مدفعية يا هاون، ازيك يا ابراهيم قناص الكتيبة، ازيك يا أحمد يا يوسف بطل رياضة".

وأضاف الطيب أن اللواء الشاذلي كان يعرف أفراد الكتيبة والعناصر القديمة فيها، وخاطب عناصر الكتيبة بأسمائهم بما كان يتذكرهم وتحدث الي العناصر الجدد وتكلم لمدة 5 دقائق قائلا "الحرب القادمة يا رجالة ستكون القوات الخاصة السورية والمصرية هي رأس الحربة ضد العدو الإسرائيلي"، لافتا إلى أن هذه الجملة اختصرت دور القوات الخاصة في البلدين وهذا ما عرفناه لاحقا.

وتابع الطيب: "أدت الكتيبة التحية وغادر الشاذلي الكتيبة والجنود الذين شعروا بحبه وبوجوده في هذه الكتيبة بما يؤكد عمق الروابط بين مصر وسوريا وأن هذه الكتيبة امتداد لوجود الشاذلي ".

وأوضح الطيب أنه عقب يومين حدث تغيير في مسار تدريب الكتيبة وبرامجها التدريبية، وأصبح التركيز علي صعود الجبال العالية وتسلق الحبال لارتفاعات عالية واستخدام أدوات التنقل في المناطق الوعرة والجري فى مناطق صعبة متغيرة والتدريب اليومي بالزي العسكري الكامل، وازداد الجهد المعنوي والتدريب القتالي وارتفعت قدرة العناصر علي الصبر والتحمل مما أدي الي وصول الكتيبة الي مستوي عالي جدا مستوى اللياقة البدنية والتدريب القتالي واستخدام السلاح بشكل كبير".

وأشار الطيب إلى أن تغيير البرامج جاء نتيجة التنسيق والتوجيهات بين الجيش المصري والسوري وتبادل التعاون بين الطرفين، ونتيجة التدريب كانت تغير مستوى الجاهزية القتالية وأصبحت أكثر جودة وبعد كل مستوى نبحث للمستوى الأعلى من التطوير والتحديث والارتقاء بدرجاتها".

وتابع الطيب "ادركنا جيدا ان مهمة الكتيبة 82 التي كان يقودها الشاذلي كان مهمتها التركيز علي الصعود والنزول وتسلق المناطق الصعبة وتنفيذ الغارات والكمائن والرمي في مناطق الجبال العالية وكان كل الضباط علي رأس الجنود وكان الضابط في حالة تنافس وتسابق في لياقة بدنية عالية أعلي من الجندي، وخاصة أن الضباط هو المثل الأعلي له فيقلده وكان هذا هو الشعار الدائم، وبالتالي الجندي كان يقلد الضابط في مستوى الجاهزية في مستوى التحمل ويتسابقون من أجل تحقيق أفضل مستوى.

وأوضح الطيب أنه في نفس الوقت كان الكتيبة 133 قوات خاصة كلفت بالتدرب علي التحليق بالحوامات وركوبها وتحرير بستان الخوري وتم وضع نموذج مشابهة للجسور الثلاثة في منطقة قريبة من دمشق والجسور الثلاث الأخري التي كانت تخطط القيادة السورية لتحريرها وتمنع العدو الإسرائيلي من تدميرها وتعيق انسحاب العدو المنظم من الجولان باتجاه أرض فلسطين المحتلة.

وتابع الطيب: "بات واضحا أن الكتيبة 82 مهمتها السيطرة علي منطقة جبلية عالية بالمهمة التدريبية وكانت التدرب علي احتلال نطاق جبلية عالية وبالتالي جاءت المهمة وهى الوصول إلي المرتفع 2300 وتحرير المرصد الذي يحتله العدو الإسرائيلي في النقطة 2100 وكنت هذه مهمة الكتيبة 82.

في سبتمبر عام 73 نفذ الجيش السوري مشروع تكتيكيا بالقوات مع الذخيرة الحية واستخدمت به كل انواع القوات والأنواع وشاركت القوات الخاصة والكتيبة 82 والكتيبة 133 ونفذت تدريبات علي احتلال الجسور ونقطة المرصد الإسرائيلي، قبل بدء العملية الحرب المصرية السورية المشتركة.

وبيوم 4 أكتوبر تم توزيع كتائب القوات الخاصة علي المطارات المحددة لها شرقي دمشق وتم التعرف علي الحوامات التي سوف تنقل القوات وتم تدقيق المهام لضباط للكتيبة 182 علي الأرض وعلي مناطق تنفيذ العملية من خلال صندوق رمل يوضح المعالم وفيه كل التفاصيل للمهام ووضعت الخرائط علي الطاولة جاء تنظيم تعاون بإسناد مهام علي صندوق الرمل وتحديد المسؤوليات لكل سارية وكتيبة من القوات الخاصة.

في يوم 6 أكتوبر عند الصباح اسندت مهام لكتيبة 133 للجسور المحددة والكتيبة 182 باحتلال المرصد وانطلقت ليلة الهجوم عناصر الكتيبة 82 واحتلت مواقعها القريبة من المنطقة وتجمعت بمنطقة عرنة بحيث يكون التسلل من عرنة الي قاعدة الانطلاق من منطقة الهدف وتصل القوات الخاصة الي المرصد الصديق النقطة 2300 ، واذا علي القوات الصديقة أن تصل الي المرصد الصديق والكتيبة 133 عليها الانزال في الجسور الثلاثة مع المجموعة 82 وتتحرك باستخدام اربع حوامات تنقل عناصر الكمائن وتحلق علي محور طيران دمشق حتى منطقة واد القرن وباتجاه الغرب وتحلق علي ارتفاع منخفض علي سلسلة جبال الشيخ حتي تصل الي المرصد المعادي .

وأوضح الطيب أن عناصر الكتيبة 82 التي وصلت إلي المرصد الصديق سوف تتحرك بإيعاز وبتوقيت محدد لتصل لغرب المرصد الاسرائيلي عند وصول الحوامات من شمال جبل الشيخ، مشيرا إلي أن الكتيبة ليلة الهجوم دفعت دورات استطلاع بالتالي لمحور مسعدى وجبل الشيخ مع دوريات تغطى وتؤمن عمل دوريات الاستطلاع.

وتابع الطيب: "انطلقت الكتيبة 82 نحو المرصد 2100 ، وفي هذا التوقيت اكتشفت القيادة السورية أن الطيران المعادي ينفذ مظلة جوية قوية فوق طبرية مما يعيق ويمنع الانزال بالحوامات الصديقة واحتلال الجسور الثلاث علي نهر الأردن الامر الذى دعا التغيير مهام الكتيبة، وهاجمت الكتائب السورية المرصد الإسرائيلي مع وصول الحوامات وبالتعاون مع القوات تم قطع الطريق مسعدي مجد الشمس المرصد وتم وضع الحواجز وانتشار العناصر الخاصة التي تحمل القذائف المضادة للدبابات ار بي جي 7 ، واستطاعت أن تنشئ جهاز دفاع محضر للتصدي لتقدم دبابات العدو  لنجدة المرصد مع سقوطه.

وتابع الطيب: "بعد أن تم هبوط الحوامات وإخلاء العناصر للحوامات تم تحضير الدفاع والطرق المؤدية للمرصد وتم حماية الحواجز بالنيران وكانت بعيدة بمسافة 2 إلي3 كيلو من مكان المرصد المعادي الاسرائيلي، فيما كانت قوات المدفعية والصواريخ تنفذ ضربات عنيفة وتم الطلب من خلال الضباط الكبار لإيقاف الضربات النارية في لحظة الحوامات علي مرصد جبل الشيخ وفي هذه اللحظة هبط من الحوامات الجنود وكانوا 4 حوامات بداخل كل منها 16 جندي، ونزلوا بالحبال وتمكنوا من السيطرة عل المرصد وأسروا عناصر إسرائيلية وقتلوا من حاول الهرب أو التعدي على العناصر السورية.

وكان هناك جيبات وعربات إسرائيلية خارج المرصد تمكنت من الهرب لكنها فوجئت بحقل ألغام وانفجرت السيارات الهاربة من الإسرائيليين بالألغام التي تم زرعها من قبل قوات الحماية السورية.

وتابع الطيب "تم تفجير بوابات المرصد والوصول لأجهزة المراقبة والتصنت التي كانت تشكل منطقة استطلاع كبيرة جدا وكان قادرة علي استكشاف مناطق واسعة في الشرق الأوسط تصل لحدود تركيا والعراق، وتم نقل هذه التجهيزات الإلكترونية إلى الأراضي السورية باستخدام البغال التي تم إحضارها من الأهالي في عرنة الذى قدموا اكثر من 35 من حيوانات البغال لاستخدامها لنقل العداد والسلاح والتأمين اللوجيستي والعناصر والغنائم التي تم الحصول عليها من المرصد وخاصة ان البشر لم يتحملوا التنقل في تلك المنطقة الا باستخدام البغال التي تتحمل الشدة في المناطق الوعرة والجبلية.

ولفت الطيب إلى أن العدو الإسرائيلي وجه ضربات نارية للمرصد وحاول أن يوقع خسائر في صفوف القوات السورية لكنها كانت في أراضي بعيدة ونفذت أوامر لوجستية وكانت الخسائر قليلة.

وتابع الطيب: "بدأ العدو الإسرائيلي في هجوم معاكس وتم التصدي للدبابات والعربيات باستخدام الار بي جي 7 والعبوات الناسفة، والحشو الجوفاء، وكانت الحالة المعنوية للجنود السوريين عالية ودفع العدو خسائر كبيرة جدا في اللواء الجولاني، وكان الجندي السوري كان ينتظر الجندي الاسرائيلي حتي يصل الي مسافة قريبة جدا ويشاهده بطوله الكامل قبل أن يفتح النار عليه ونجح في تكبيد خسائر كبيرة في صفوف جيش الاحتلال.

وفي تلك اللحظات أدركنا أن جنود العدو الإسرائيلي جبناء، بعدما بدأوا يصرخون ويصيحون خوفا ورعبا، وأدركنا جيدا أن الجنود الصهاينة جبناء ويهربون من المواجهة، واستمر صمود القوات الخاصة في جبل الشيخ حتي يوم 17 اكتوبر، وكنا نقاتل في ظروف صعبة وخاصة بعد مضاعفة الهجوم المعادي الإسرائيلي بعد الجسر الجوي والبحري الأمريكي.

واستمرت المعركة ولكن العدو استطاع تنفيذ الهجوم المعاكس علي القطاع الشمالي والاوسط بعد أن فشلت القوات السورية علي القطاع الشمالي ولم تتقدم تجاه تل ابو الندي ولكنها كانت حققت نجاح كبير في خنق الدفاع الإسرائيلي ولم يتم استثمار هذا النجاح ولم ينفذ الجيش السوري عملية التفاف عميقة في عمق الجولان بسبب تغيير ميزان القوي لصالح العدو من خلال نجاح توفير الجسر الجوي الامريكي.

وتابع الطيب: "بعد أن تم خرق القطاع الشمالي كانت القوات الخاصة ما زالت تقاتل في جبل الشيخ وتمكن العدو من احتلال المرصد السوري الصديق واستخدم العدو ليلا الاضواء الكاشفة ونيران المدفعية والحوامات وكانت القوات السورية تقاتل ببسالة وشجاعة مع استمرار الضربات المعاكسة وتسلق الصهاينة جبل الشيخ جبل النار، هذا الجبل الذي كان مغطى بالثلوج في  تشرين الاول نتيجة هذه النيران ربما ادى الى ذوبان الكثير من ثلجه ونتيجة حرائق كبيرة التي كانت في هذا الجبل".

وأشار الطيب إلي أن العدو الإسرائيلي استخدم القنابل العنقودية، واستشهد 5 عناصر من عناصر الجيش السوري بتلك القنابل، وانقطع الاتصال مع القيادة وعندها القيادة العامة أرسلت اثنين من الضباط لتقييم الموقف ونقل الصورة واتخاذ القرار، وكان قرار القيادة الانسحاب نحو راشية وشمال لبنان، جاء الانسحاب بشكل منظم وكانت الروح المعنوية عالية في القتال، علي الرغم من أن القتال علي ارتفاع عالي مغطي بالثلج وبظروف صعبة للغاية وكانت قدرة الجنود عالية حتي اليوم الاخير للمعركة ولم يتم الانسحاب حتي يوم 17، ونجح العدو في اختراق القطاع الشمالي وأصبح وجودنا دون جدوي في ظل التفوق لصالح العدو بسبب الجسر الجوي والبري والبحري الأمريكي.

وأشار الطيب إلى أن الجيش السوري كان يقاتل ببسالة في جبل الشيخ ومع قدرة تحمل عالية، ولكن الاسرائيليين كان اكتشفوا مبكرا تحضيرات الجيش السوري لأعمال هجومية ولم تكن المفاجأة الاستراتيجية علي الجبهة السورية كاملة وربما حتي المفاجأة التكتيكية لم تتحقق بسبب وجود المرصد الاسرائيلي وبسبب الكشف عن كثير من التحركات السورية نتيجة وجود العدو خلف منصات عالية الدقة والتجسس والاستطلاع، وعلي الرغم من ذلك نفذ الجيش السوري الاقتحام للمنطقة وتم الحاق الخسائر في صفوف العدو وحتي في الجولان وحققنا نجاح كبير كان يمكن الاستفادة منه لولا المتغيرات وأهمها الجسر الجوي الأمريكي الذى امنه.

تلك هي محطات ولقطات سجلت بذاكرتي عن حرب أكتوبر التحريرية لقطات من مشاهد نضالية قتالية مشتركة بين الجيش السوري والمصري.