رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمل لا ينقطع.. كيف أصبحت مصر «جمهورية جديدة» فى 9 سنوات؟

عمل لا ينقطع
عمل لا ينقطع

على مدار ٩ سنوات قطعت الدولة المصرية الطريق بعمل وجهد متواصل على مختلف الأصعدة، للوصول إلى جمهورية جديدة تمثل امتدادًا لماضٍ عريق، وجسرًا إلى مستقبل يلبى طموحات المصريين.

انعكس هذا الجهد بشكل واضح على ما تشهده كل القطاعات والأنشطة والخدمات من طفرات إيجابية، أسهمت فى تحسن مستويات معيشة المواطنين، بعدما أُسدل الستار على العديد من الأزمات المزمنة، مثل العشوائيات، ونقص السكن، وانقطاع الكهرباء، وتهميش الريف.

«الدستور» تستعرض، خلال السطور التالية، كيف تحولت مصر إلى «الجمهورية الجديدة» منذ ٢٠١٤.

23 ألف مشروع فى الريف.. وتراجع معدل الفقر لأول مرة

أحرزت الدولة تقدمًا كبيرًا فى تطوير ورفع كفاءة الخدمات الأساسية فى قرى الريف، البالغ عددها ٤٦٥٨ قرية، تضم نحو ٥٨ مليون مستفيد، لتنهى عقودًا طويلة من تهميش الريف.

جاء ذلك عن طريق المشروعات التنموية التى نُفذت فى إطار المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» منذ عام ٢٠١٩، التى تهدف إلى توفير حياة تليق بالمواطنين، خاصة الفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا.

ووصل معدل الفقر فى الريف خلال العام المالى ٢٠١٧/ ٢٠١٨ إلى ٣٨.٣٩٪، وسُجلت أعلى نسبة فقر فى ريف الوجه القبلى بـ٥١.٩٪، وكان ٦٣.١٪ من إجمالى قرى الريف يحتاج إلى خدمات صرف صحى، بإجمالى بلغ ٢٩٣٧ قرية.

واحتاج ٦٨.٨٪ من القرى لتنفيذ أعمال رصف وإنشاء جسور، بإجمالى ٣٢٠٦ قرى، و٥٣.١٪ إلى إنشاء مدرسة، بإجمالى ٢٤٧٢ قرية، و٢٧.٩٪ إلى نادٍ ثقافى، بإجمالى ١٣٠٠ قرية، و٢١.٩٪ إلى مخابز، بإجمالى ١٠٢٠ قرية.

أما فى عهد الجمهورية الجديدة، فتم تنفيذ ٢٣ ألف مشروع بتكلفة ٣٥٠ مليار جنيه، ضمن المرحلة الأولى للمبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، وكان من نتاج ذلك أن تراجع معدل الفقر إلى ٢٩.٧٪ فى ٢٠٢٠.

وانخفضت نسبة الفقر فى الريف من ٣٨.٣٪ لـ٣٤.٧٪، وتراجعت هذه النسبة إلى ٤٨.١٪ فى ريف الوجه القبلى، وخرجت ٧٠٠ قرية من خريطة الأكثر احتياجًا، بعد تنفيذ «حياة كريمة».

كما تمت إضافة ١٨٨ كم طرق مرصوفة، تمثل ٤٤٪ من إجمالى الطرق الرئيسية فى القرى المستهدفة، إلى جانب إنشاء ٧٠ محطة مياه شرب، وتنفيذ ١٤٩ مشروع صرف صحى، وإنشاء ٣٨٢ وحدة صحية، و٣١٧ وحدة إسعاف، و١٤١٧٠ فصلًا، علاوة على صيانة ١٢٤٢ مدرسة.

318 مليار جنيه للانتهاء من تطوير العشوائيات

يحظى المشروع القومى لتطوير العشوائيات والإسكان الاجتماعى باهتمام كبير من قِبل الدولة، حتى أصبح قصة نجاح جديدة تُضاف إلى سجل إنجازات الدولة منذ ٢٠١٤.

بلغت مساحة المناطق العشوائية على مستوى الجمهورية قبل هذا المشروع ١٦٠.٨ ألف فدان، وبلغت نسبة العشوائيات ٣٩٪ من إجمالى الكتلة العمرانية للجمهورية، موزعة بين ٢٢٦ مدينة. ووصل عدد المناطق العشوائية غير الآمنة إلى ٣٥١ منطقة، بمساحة تصل إلى ٤.٥ ألف فدان، وتصدرت الإسكندرية والقاهرة المحافظات الأعلى انتشارًا للعشوائيات، بـ٢٠.١ ألف فدان و١٩.٤ ألف فدان بالترتيب.

وبلغت الفجوة الإسكانية لمحدودى الدخل مليون وحدة، بينما قُدرت مخصصات تطوير العشوائيات قبل عام ٢٠١٤ بنحو ٦٥٢ مليون جنيه. أما فى عهد الجمهورية الجديدة، فتم إنفاق ٦٣ مليار جنيه لإزالة جميع المناطق الخطرة بنسبة ١٠٠٪، ورصد ٣١٨ مليار جنيه تكلفة للانتهاء من تطوير كل العشوائيات حتى ٢٠٣٠. وشهد هذا الملف، كذلك، الانتهاء من تطوير ١١٠٥ أسواق عشوائية، بتكلفة ٤٤ مليار جنيه، وتنفيذ ٥٢١.٦ ألف وحدة إسكان اجتماعى بين عامى ٢٠١٤ و٢٠٢٢، مع وصول قيمة الدعم النقدى الذى تقدمه الدولة لكل مستفيد من وحدات الإسكان الاجتماعى إلى ٦٠ ألف جنيه.

5.2 مليون أسرة مستفيدة من الدعم النقدى.. وزيادة «الأدنى للأجور» 6 مرات

أدارت الدولة أيضًا ملف الحماية الاجتماعية والدعم بقدر كبير من الاهتمام، وهو ما تجسد فى إطلاق برنامجى للدعم النقدى المشروط هما «تكافل وكرامة»، جنبًا إلى جنب مع الدعم العينى، لأول مرة. وسجلت أعداد المستفيدين والمخصصات المرصودة تناميًا ملحوظًا خلال الفترة بين عامى ٢٠١٤ و٢٠٢٣، لتتباين بشدة قبل وفى عهد الجمهورية الجديدة. فقبل الجمهورية الجديدة اقتصر عدد المستفيدين من الدعم النقدى على ٦٣ ألف أسرة، وبلغت مخصصات الدعم النقدى ٣.٧ مليار جنيه عام ٢٠١٥، وقدرت مخصصات الدعم التموينى بـ ٣٩.٧ مليار جنيه فى عام ٢٠١٤/٢٠١٥، وبلغت قيمة ما يستحقه الفرد من دعم تموينى شهريًا ٢١ جنيهًا، وبلغ الحد الأدنى لأجور العاملين بالدولة ١٢٠٠ جنيه شهريًا. أما فى عهد الجمهورية الجديدة، تحديدًا فى موازنة ٢٠٢٣/٢٠٢٤، فارتفع عدد المستفيدين من الدعم النقدى لـ٥.٢ مليون أسرة، وقفزت مخصصات الدعم النقدى لـ٣١ مليار جنيه، وتضاعف دعم السلع التموينية إلى ١٢٧.٧ مليار جنيه. كما زادت قيمة ما يستحق الفرد من دعم فى بطاقة التموين إلى ٥٠ جنيهًا، إلى جانب إطلاق منظومة «البطاقات الذكية»؛ للقضاء على طوابير الخبز وتسرب الدقيق المدعم، فضلًا عن إقرار زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين فى الدولة ٦ مرات، وذلك من ١٢٠٠ إلى ٤ آلاف جنيه.

93% تراجعًا فى التعديات على الأراضى الزراعية.. وإضافة ملايين الفدادين

أخذت حالات التعدى على الأراضى الزراعية منحنى الصعود بشكل ملحوظ بداية من ٢٠١١، الذى قفزت فيه إلى ٢٨٧.٥ ألف حالة تعدٍ على مساحة ١١.٩ ألف فدان، ثم ٣٦٥.٣ ألف حالة تعدٍ على ١٥.٥ ألف فدان فى ٢٠١٢، و٣٣١.٨ ألف حالة تعدٍ على ١٤.٧ ألف فدان فى ٢٠١٣، و٢٧٦.٤ ألف حالة تعدٍ على ١٢.٨ ألف فدان فى ٢٠١٤.

ووصلت التعديات على الأراضى الزراعية ذروتها قبل ٢٠١٤، بعد رصد ١.٢٦١ مليون حالة تعدٍ على ٥٥.١ ألف فدان من الأراضى الزراعية بين عامى ٢٠١١ و٢٠١٤، وبلغ زمام الرقعة الزراعية ٩ ملايين فدان قبل المشروعات الزراعية، وفقدت منطقة شرق الدلتا ٤٣٪ من مساحتها الزراعية.

لكن بعد ٢٠١٤، وبفضل الجهود المضنية للدولة فى هذا الملف، بدأت حالات التعدى تتراجع تدريجيًا بنسبة ٩٣٪، وذلك من ٢٧٦.٤ ألف حالة تعدٍ فى ٢٠١٤ إلى ١٩.٢ ألف حالة تعدٍ فى ٢٠٢١.

وأُزيل ٦٣.٦٪ من التعديات على الأراضى الزراعية التى وقعت منذ عام ٢٠١٤ حتى عام ٢٠٢٢، وذلك بـ٥٧٦.٥ ألف حالة على مساحة ٣٢.٣ ألف فدان.

وارتفعت المساحة المزروعة إلى ٩.٦ مليون فدان، وبلغ إجمالى المساحة المحصولية ١٦.٤ مليون فدان حتى عام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، مع تنفيذ «مشروع المليون فدان»، بالتزامن مع تضاعف مساحة الصوب الزراعية إلى ٤٥ مليون متر مربع بكمية إنتاج بلغت ٤٥٤.٦ ألف طن فى ٢٠٢٠/ ٢٠٢١.

تحسن فى غالبية المؤشرات الاقتصادية رغم «كورونا» والحرب الأوكرانية 

امتدت المؤشرات الإيجابية إلى الأداء الاقتصادى، الذى شهد تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، سواء على صعيد معدلات النمو الاقتصادى، إلى جانب الأرقام الخاصة بالبطالة والتضخم ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالى. وفى العام المالى ٢٠١٣/٢٠١٤ سجل النمو الاقتصادى مستويات متراجعة وصلت لـ٢.٩٪، ووصل حجم الناتج المحلى الإجمالى إلى ٢.٢ تريليون جنيه، وبلغت الاستثمارات العامة ١١٠.٥ مليار جنيه، وسجل العجز الكلى ١٢٪. وسجل الدين العام ١٠٢.٨٪ من الناتج المحلى الإجمالى عام ٢٠١٥/ ٢٠١٦، وهبط صافى الاحتياطيات الدولية ١٦.٧ مليار دولار فى ٢٠١٤، ولم يكن صافى النقد الأجنبى يكفى لتغطية احتياجات البلاد سوى شهرين ونصف الشهر، وارتفعت معدلات البطالة إلى ١٣٪ فى ٢٠١٤، وارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوياته، بعدما سجل ٢٠.٩٪ عام ٢٠١٦/ ٢٠١٧. لكن فى عهد «الجمهورية الجديدة» كان الوضع مختلفًا، بعدما سجل معدل النمو الاقتصادى أعلى مستوياته قبل جائحة «كورونا» بنسبة ٥.٦٪، ومن المتوقع أن يسجل ٤.١٪ عام ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ بسبب تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية. وسجل دين أجهزة الموازنة من الناتج المحلى الإجمالى ٩٥٪ فى موازنة ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، ومن المستهدف خفضه إلى أقل من ٨٠٪ بحلول نهاية يونيو ٢٠٢٧، بينما تراجع معدل التضخم إلى أقل مستوى منذ ١٥ عامًا، ليسجل ٤.٨٪ فى العام المالى ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، قبل الأزمة الروسية. ومن المستهدف زيادة الناتج المحلى الإجمالى إلى ١١.٨ تريليون جنيه، والإيرادات الكلية ٥ أضعاف إلى ١.٨ تريليون جنيه، مع انخفاض العجز الكلى لـ٧٪، فى موازنة ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤. كما تراجعت معدلات البطالة إلى ٧٪ خلال الربع الثانى من ٢٠٢٣، وارتفع صافى الاحتياطيات الدولية إلى ٣٤.٨ مليار دولار فى يوليو ٢٠٢٣، مع تغطية النقد الأجنبى للواردات السلعية مدة ٦ أشهر.

حل ذروة أزمات الكهرباء.. وتصدير الفائض إلى الخارج

الكهرباء مرفق حيوى لا يقل أهمية عن غيره من المرافق الخدمية فى الدولة، ورغم أن شبكات الكهرباء تعد أكثر الخدمات الأساسية تغطية للمبانى على مستوى الجمهورية بنسب قاربت الـ١٠٠٪، فإن ضَعف قدرات محطات توليد الكهرباء أمام التزايد المطرد فى الكتلة السكانية، تسبب فى تحولها إلى أزمة مزمنة.

وتجسدت هذه الأزمة فى تكرار انقطاعات التيار لأكثر من عامين منذ نهاية ٢٠١٢، حتى أعلنت الحكومة عن انتهاء عصر الانقطاعات مايو ٢٠١٥، بعد الانتهاء من خطة عاجلة استغرقت ٦ أشهر، تمكنت عن طريقها من إضافة ٦٤٣٢ ميجاوات.

وبلغ إنتاج الكهرباء نحو ٢٤.٤ ألف ميجاوات فى ٢٠١٤، ما ترتب عليه حدوث انقطاعات التيار لفترات طويلة، مع وصول عجز الكهرباء المولدة إلى نحو ٦ آلاف ميجاوات.

وبلغ حجم الاستثمارات فى قطاع الكهرباء ١٢.١ مليار جنيه فى ٢٠١٣/ ٢٠١٤، ووصلت قيمة عجز الغاز الطبيعى إلى ٢.٢ مليار دولار فى عام ٢٠١٦/ ٢٠١٧، مع توقف توقيع الاتفاقيات البترولية منذ ٢٠١٠ وحتى أكتوبر ٢٠١٣.

لكن فى عهد «الجمهورية الجديدة»، وتحديدًا فى ٢٠٢٢، ارتفع إنتاج الكهرباء إلى ٥٩ ألف ميجاوات، وحققت مصر فائضًا من الطاقة الكهربائية المولدة تجاوز ١٣ ألف ميجاوات، وبدأ استغلال هذه الفوائض فى تنفيذ مشروعات الربط الكهربائى مع كل من السعودية والأردن والسودان وليبيا، بالإضافة إلى دراسة الربط الكهربائى مع قبرص واليونان.

وبلغ حجم الاستثمارات فى قطاع الكهرباء ٦٢.١ مليار جنيه فى ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، إلى جانب إنشاء ٣ محطات لتوليد الكهرباء «سيمنس» بقدرة ١٤ ألفًا و٤٠٠ ميجاوات، بهدف توفير الطاقة لـ٤٥ مليون مواطن.

وتقدمت مصر ٦٨ مركزًا فى مؤشر «الحصول على الكهرباء»، لتقفز من المركز ١٤٥ فى ٢٠١٥ إلى المركز ٧٧ عام ٢٠٢٠، و٥ مراكز فى مؤشر «التحول فى الطاقة»، من المركز ٨١ عام ٢٠١٨ إلى المركز ٧٦ عام ٢٠٢١.

وتم تحويل الخطوط الهوائية إلى كابلات أرضية منعًا للخطورة، مع زيادة مساهمة الطاقات المتجددة تدريجيًا إلى ٢٠٪ من إجمالى الطاقة الكهربائية، خاصة مع إنشاء مجمع «بنبان» للطاقة الشمسية، بتكلفة استثمارية أكثر من ٢ مليار دولار، الذى يعادل ١٣ ضعف قدرة السد العالى. كذلك بدأت إجراءات تنفيذ مشروع «المحطة النووية» فى الضبعة، بقدرة إجمالية ٤٨٠٠ م. و، إلى جانب الانتهاء من إنشاء ٢٧ محطة إنتاج طاقة كهربائية.

كما تم إعلان الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى نهاية ٢٠١٨، وارتفعت صادراته بشكل تدريجى، من ٣.٩ إلى ١٠ مليارات دولار بين عامى ٢٠٢١ و٢٠٢٢، علاوة على توقيع ١٣٠ اتفاقية بترولية مع كبرى الشركات العالمية للبحث والتنقيب خلال الفترة بين ٢٠١٤ و٢٠٢٢.