رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أري مالون.. أول فتاة نشرت وباء "التيفود" في الولايات المتحدة الأمريكية

ماري مالون
ماري مالون

مثل العديد من النساء العازبات اللاتي هاجرن من أيرلندا، وجدت ماري مالون عملاً في أمريكا كخادمة منزلية، ربما يكون ذلك مناسبًا نظرًا لميلادها في قرية صغيرة تدعى كوكستاون، فقد أثبتت براعتها في المطبخ وطهي الطعام لبعض العائلات الأكثر نخبة في مدينة نيويورك

ولدت ماري في 23 سبتمبر 1869 في كوكستاون، وهي قرية صغيرة في شمال أيرلندا، وكانت مسقط رأس في مقاطعة تيرون واحدة من أفقر المناطق في أيرلندا.

في عام 1883 سافرت مالون بنفسها لتبدأ حياة جديدة في الولايات، وانتقلت المراهقة للعيش مع خالتها وعمها في مدينة نيويورك، وحتى عندما أصبحت بالغة لم تفقد قط البروج الخاص بها.

عملت مالون في عام 1906 كطاهية لدى تشارلز هنري وارن، وهو مصرفي ثري من نيويورك، استأجر مسكنًا في أويستر باي على الساحل الشمالي لجزيرة مالون.

إصابة دون أعراض 

في الفترة من 27 أغسطس إلى 3 سبتمبر من العام نفسه، كان 6 من أصل 11 شخصًا موجودين في المنزل يعانون من حمى التيفوئيد أو كما تُعرف بـ "حمى التيفود". في هذا الوقت، كانت هذه الحمى لا تزال قاتلة في 10٪ من الحالات وتؤثر بشكل رئيسي على الأشخاص المحرومين في المدن الكبيرة.

على الرغم من أنَّ مالون كانت تؤوي البكتيريا شديدة العدوى التي تسبب حمى التيفوئيد، إلا أنَّها لم تظهر عليها أبدًا أي من أعراضها، والتي تشمل الحمى والصداع والإسهال، حيثُ كانت محصنة ضد المرض، وكانت أول شخص في الولايات المتحدة تم تحديده على أنه حامل للمرض بدون أعراض. 

كان يُنظر إلى حمى التيفوئيد (التيفود) على أنها مرض يصيب الأحياء الفقيرة المزدحمة، ويرتبط بالفقر ونقص الصرف الصحي الأساسي.

احتجاز مالون ووضعها في الحبس القسري

افترض الأطباء أن مالون من المحتمل أن تنقل جراثيم التيفود من خلال فشلها في فرك يديها بقوة قبل التعامل مع الطعام، ومع ذلك، نظرًا لأن درجات الحرارة المرتفعة اللازمة لطهي الطعام كانت ستقتل البكتيريا، تساءل العديد عن كيفية نقل مالون للجراثيم.

احتجزت إدارة الصحة في مدينة نيويورك مالون في عام 1907 ووضعتها في الحبس القسري داخل منزل من طابق واحد على مساحة 16 فدانًا في جزيرة نورث براذر، قبالة شاطئ برونكس، مع وجود كلب ثعلب فقط كمرافق. 

إنكار الإصابة ومطالبة بالحقوق الضائعة

كتب مالون آنذاك: «لم أصب بالتيفوئيد مطلقًا في حياتي وكنت دائمًا بصحة جيدة.. لماذا يجب أن أُنفى مثل الأبرص وأُجبر على العيش في الحبس الانفرادي مع كلب فقط؟ مسلحة بنتائج اختبار من مختبر خاص جاءت سلبية».

 رفعت مالون في عام 1909 دعوى قضائية ضد وزارة الصحة من أجل حريتها، لكن المحكمة العليا في نيويورك رفضت التماسها. 

وفي عام 1915، أدى تفشي حمى التيفوئيد في مستشفى سلون للولادة في مانهاتن إلى إصابة 25 عاملاً ومقتل اثنين، وتم إرجاع الوباء إلى طباخة المستشفى، التي أطلق عليها الموظفون لقب "ماري التيفوئيد".

لم يعلموا أن مالون هو الذي أخذ الاسم المستعار "ماري براون"، وفقدت وزارة الصحة أثر مالون بعد إطلاق سراحها، حيث كانت تقوم بالطهي في الفنادق والمطاعم والمؤسسات، وبعد القبض عليها، تم احتجازها مرة أخرى في جزيرة نورث براذر.

بعد إلقاء القبض عليها للمرة الثانية، أمضت مالون آخر 23 عامًا من حياتها كسجينة افتراضية في عزلة قسرية، إضافة إلى السنوات الثلاث التي انقضت منذ مهمتها الأولى في جزيرة نورث براذر، حتى وفاتها في 11 نوفمبر 1938 بالالتهاب الرئوي و ليس التيفوئيد الذي ارتبط اسمه بها لعقود.