رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المرأة الأفريقية ودورها الهام فى بناء المجتمع

تناولت فى المقال السابق مشاركتى فى مؤتمر بالعاصمة اللبنانية بيروت تحت عنوان "تجارب الحركات النسائية فى الخروج من الأزمات"، والذى ناقش التحديات التى تواجه المرأة، فى البلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويهمنى أن أعرض فى هذا المقال، أهم ماجاء فى التقرير الصادر فى يوليو 2022 عن مركز الدراسات الأفريقية، ولقد تم كتابة هذا التقرير تحت عنوان "المرأة فى أفريقيا دور اجتماعى متباين".
لعبت المرأة الأفريقية دورا هاما فى بناء المجتمع الأفريقى وتميزت بمكانة عالية منذ فجر التاريخ ويرجع لها الفضل فى قيام المجتمع الزراعى، الذى على أساسه تنشأ باقى المجتمعات وتُبنى الحضارات، وكثير من العلماء يؤكدون أن هناك علاقة متداخلة بين المرأة والأرض بالنسبة للخصوبة والنماء، وإبرازها على أنها ذات طابع دينى أوغيبى فكلما حملت المرأة الأفريقية وأنجبت طفلا زادت خصوبة الأرض وزاد محصولها.
المرأة فى شمال أفريقيا 
تتمتع المرأة فى دول شمال أفريقيا بدورها المؤثر فى الحياة الاجتماعية والسياسية وسنعرض أهم ما تتمتع به المرأة وما تقابله من تحديات فى دول شمال إفريقيا:
الجزائر حصلت المرأة على الكثير من الحقوق منذ أن قاتلت جنبا إلى جنب مع الرجل ضد الاستعمار الفرنسى وحصلت على الاستقلال عام 1962. وتمثل الجزائريات 70% من العاملين بالمحاماة و60% من القضاة وتعمل النساء فى المجال الطبى والعلوم وقطاع الأمن والشرطة.
وفى تونس حصلت النساء على حقوق كثيرة منذ عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، حق التعليم والحق فى طلب الطلاق وفرص العمل، ولكن بعد 2011 تتأرجح حقوق النساء بين ماتمنحه الشريعة الإسلامية وبين ماتمنحه الحقوق المدنية العلمانية المتوفرة وفقا للقانون.
أما فى المغرب فقد حصلت المرأة على حقوقها بعد الاستقلال عام 1956 واستطاعت المرأة الحصول على عددمن الحقوق فى عام 2004 مثل الحق فى تطليق زوجها وحضانة الأطفال.
وإننى أضيف على ذلك أنه فى عام 2011 صدر قانون المناصفة بالنسبة لوجود المرأة فى جميع المجالس النيابية المنتخبة، وفى مجالس الإدارة بالهيئات المختلفة، وفى النقابات، وأصبحت المرأة تمثل 50% من هذه الهيئات، هذا فى الوقت الذى مازالت فيه المرأة فى العديد من الدول، لاتتمتع بهذا التمثيل فى حقوق الترشح والانتخاب ومنها مصر حيث ينص الدستور المصرى على 25% فقط للنساء من عدد مقاعد مجلسى النواب والشيوخ.
وفى ليبيا بالرغم من أن ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 قامت على تمكين المرأة واعطائها مكانة أعلى إلا أن المرأة مازالت ينقصها العديد من الحقوق.
وفى السودان نجد أن المرأة السودانية تناضل من أجل أن يكون لها دور مؤثر فى المجتمع السودانى، ولكن يقابلها العديد من التحديات ومنها عدم المساوة بين الجنسين فى سوق العمل وأيضا ختان الإناث. ولقد حصلت السودان فى عام 2013 على المرتبة 171 من أصل 186 دولة فى تقرير التنمية البشرية.
كما أن المرأة ضحية القتال والصراعات بين القبائل المتناحرة فى شرق وغرب السودان.
وإننى أضيف أنه فى الفترة الأخيرة ومنذ شهر مايو 2023 تعانى المرأة من الحرب الدائرة بين مكونى السلطة العسكرية الحاكمة (المجلس العسكرى، وميليشيا قوات الدعم السريع)، تعانى من اللجوء والنزوع لأماكن أكثر أمنا، وهربا من التعرض للقتل الذى طال العديد من النساء وكبار السن والأطفال غير ضحايا الاغتصاب.
أما فى دولة جنوب السودان نجد أن النساء أكثر حظا فى نيل بعض الحقوق وخاصة فى المجال السياسى.
شرق أفريقيا 
فى إثيوبيا تتعرض المرأة إلى صعوبات المناخ، نظرا لقسوة الأرض والطقس، مع عدم توافر وسائل المواصلات بجانب انتشار ختان الإناث والزواج المبكر والتعرض للعنف الجسدى والجنسى.
فى كينيا نجد أيضا نفس الحال، حيث تتعرض النساء للعنف والقهر المعنوى والجسدى من قبل الرجال. ولاذت عدد من النسوة إلى مكان عشن فيه وحدهن ولايدخله الرجال "قرية أوموجا"، ويعيش فيها 47 إمرأة و200 طفل.
وفى أوغندا تتبع المرأة الرجل فى جميع مناحى الحياة بالرغم من تحملها كافة المسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية وخاصة فى الزراعة، بجانب رعاية الأسرة والأطفال. 
المرأة فى وسط أفريقيا
فى افريقيا الوسطى حصلت المرأة على حقوق كثيرة ولها دور مميز فى مكافحة الختان والعنف بجميع أشكاله 
فى الكونغو تعانى المرأة من القهر، نتيجة لعدم تفعيل القوانين الخاصة بالمساواة، وحق النساء فى التملك، والمشاركة فى القطاعات السياسية والاقتصادية.
غرب أفريقيا 
فى مالى وفى منطقة الساحل الأفريقى ( سيراليون وساحل العاج وغينيا وليبيريا) للمرأة دور مؤثر اقتصاديا واجتماعيا وتنتشر جمعية الساندى التى تدافع عن حقوق النساء فى التعليم والعمل.
وفى النيجر ونيجيريا تتحكم الجماعات الإسلامية المتشددة فى وضع النساء.
وفى موريتانيا تتحكم الشريعة الإسلامية بشكل كبير فى مسار حياة المرأة، ويكون ذلك على حساب تعليم الفتيات، مع حصر دورهن فى تعليم شئون المنزل ورعاية الأطفال.
وفى بنين نجد أن العادات والتقاليد تحط من قدر المرأة، وتضعها فى مكان غير متكافىء مع الرجل، ومن هذه العادات تعدد الزوجات والزواج القسرى والعنف المنزلى.
وفى السنغال المرأة مسؤولة عن كافة الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال والعمل الزراعى، بل وإدارة موارد القرية من الغابات، والمطاحن، أى أن المرأة لها دور تنموى كبير، لذا أصبح للمرأة تأثير كبير فى فى تغيير الثقافة المجتمعية تجاه المرأة ونالت مكانة اجتماعية وثقافية وسياسية كبيرة.
المرأة فى الجنوب الأفريقى 
مالاوى تعد دولة مالاوى من أفقر دول العالم، ويتم إجبار الفتيات على الزواج قبل سن 18 سنة ولذا تعتبر مالاوى أحد أكبر معدلات زواج أطفال فى العالم مع التعرض للعنف الجنسى، وبالرغم من صدور قانون فى عام 2015 بتجريم زواج الأطفال، إلا أن التقاليد والعادات تساعد على انتشار هذه الظاهرة، بجانب الدوافع المادية، حيث تلجأ الأسر لتزويج فتياتها للتخلص من الأعباء المادية.
وفى أنجولا نجد دور المرأة يتحدد فى النشاط الزراعى ويكون العبء الأساسى عليها فى الزراعة، بجانب تأسيس الأسرة، وأداء الأعمال المنزلية، ولذا نجد المرأة تتمتع بمكانة متساوية مع الرجل الذى يقوم بالصيد والعناية بالماشية.
وفى مدغشقر تعانى النساء من الزواج المبكروالإنجاب فى سن مبكر ولاتتوافر وسائل تنظيم النسل. وبالرغم من القوانين التى تساوى بين الرجل والمرأة، فغالبا لاتحصل المرأة على حقوق التملك، ولا على فرص عمل متساوية.
وفى موريشيوس وجزر سيشل تتمتع المرأة أيضا ببعض الحقوق نظرا لدورها فى العمل فى مناطق التصدير التى أنشئت فى الثمانينات.
وفى سيراليون للمرأة دور كبير فى الاقتصاد والتعليم.
فى جنوب أفريقيا جميع الجماعات العرقية والإثنية لديها معتقدات قديمة بالنسبة للجنسين، حيث يهيمن الذكور على جميع مناحى الحياة، وللنساء دور أقل أهمية، ولابد من موافقة الرجل على مساهمات المرأة فى الحياة.
أما بالنسبة لمجتمعات جنوب الأفريقيين من ذوى الأصول البريطانية، تميل إلى أن تكون أكثر ليبرالية، بالنسبة للمسائل المتعلقة بأدوار الرجال والنساء.
وتأتى جزر القمر فى مقدمة الدول العربية والأفريقية من حيث منح المرأة حقوقها والاعتراف بدورها المتميز حيث تشغل المرأة 20% من المناصب الوزارية، وتحتفظ بالأرض والمنزل فى حالة الطلاق، كما أن تنظيم الأسرة مقبول على نطاق واسع، وتشارك المرأة بنسبة 40% من قوة العمل.
وللمرأة فى مصر مسيرة نضالية كبيرة منذ خروجها فى ثورة 1919 حاملة القرآن والإنجيل ومطالبة بالاستقلال والدستور.
استطاعت النساء المصريات الحصول على الكثير من الحقوق الخاصة بحق التعليم والترشح والانتخاب، وتبوأت بعض مناصب اتخاذ القرار، وأصبحت المرأة قاضية، ولكن مازالت تكافح من أجل تشريع وإصدار قوانين هامة تساعد على استقرار الأسرة والمجتمع منها القانون الموحد لمواجهة العنف  ضد المرأة وقانون عادل للأسرة المصرية وحق المرأة فى 50% من مقاعد المجالس النيابية المنتخبة، هذا بجانب القيام بدور هام للمجتمع المدنى ومؤسسات الدولة، فى نشر ثقافة مجتمعية تنويرية بخصوص المرأة، والقيام بالتوعية بحقوق الإنسان وترسيخ مبادىء المساواة وعدم التمييز والمواطنة. وأيضا محاربة العادات والتقاليد الضارة ومنها ختان الإناث والزواج المبكر وحرمان المرأة من الميراث.
تحيا مسيرة المرأة من أجل عالم خال من العنف تسوده قيم المساواة والعدالة الاجتماعية والتسامح والمواطنة.