رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تزامنا مع عيد الفلاح.. المخرج محمد كريم يروي كواليس قصة "زينب" الحقيقية

بهيجة حافظ في دور
بهيجة حافظ في دور زينب

تحتفل مصر اليوم بالذكرى الــ 71 لعيد الفلاح، والذي بدأ الاحتفال به في مثل هذا اليوم من العام 1952 بالتزامن مع صدور قرارات الإصلاح الزراعي.

وفي مذكراته التي حققها وأعدها للنشر الكاتب محمود علي، يروي المخرج محمد كريم، كواليس تصويره لفيلم “زينب”، وكيف استقبله أهالي إحدى قرى الفيوم، والقصة الحقيقية لـ “زينب” بطلة رواية الدكتور محمد حسين هيكل. 

بهيجة حافظ أول من أدت دور زينب

ــ رحلة البحث عن "زينب

لم يكن المخرج محمد كريم علي معرفة بالدكتور محمد حسين هيكل وقت ما قرأ روايته “زينب”، ولهذا بدأ في رحلة للبحث عنه، يقول “كريم”: كان أمامي مهمة البحث عن مؤلفها المجهول، فلم تكن قد ظهرت إلا طبعتها ذات المؤلف المجهول. وساعدني أخي “حسن”، إذ رجح لديه أن المؤلف هو الدكتور “هيكل”. 

ذهبت إليه في جريدة “السياسة”، وتأكدت أنه صاحب “زينب” فكاشفته برغبتي في إخراجها للسينما، فرحب وأعطاني تصريحا كتابيا بإخراجها دون أي مقابل.

ذهبت بعد ذلك إلي يوسف وهبي، وأخبرته بأنني أعددت قصة “زينب” للسينما، فرد: وأنا قررت إنتاجها.       

 

محمد كريم خلال تصوير فيلم زينب

 

ــ أهالي كفر “غنام” يروون قصة زينب الحقيقية

ويمضي المخرج محمد كريم في حديثه عن كواليس إخراج لرواية “زينب” سينمائيا في النسخة الصامتة الأولى عام 1930، لافتا إلى: “كتب الدكتور هيكل خطابا لشقيقه يخبره بموضوع الفيلم، وأن المخرج يريد زيارة كفر ”غنام" التي كانت مسرح أحداث القصة ورد الأخ مرحبا.

وسافرت إلي القرية، حيث كان في انتظاري آل هيكل، الذين رحبوا بي أجمل ترحيب والتف حولي كثير من الأهالي، وكلهم يعرف زينب، ويتحدث عنها ويقص عن سيرتها وما يعلم، وطلبت زيارة منزل زينب.

سار معنا عمدة البلدة، وعدد كبير من الأهالي وفي طريقنا إلي منزلها، كنا نسير في رهبة وخشوع وكل منهم يتنهد ويتشهد، ويرتفع بين الحين والحين صوت يقول: الله يرحمها .. زينب الإمام .. ويقطع الصمت واحد يقول: عارف يا بيه في الدنيا كلها مفيش واحدة كانت في جمالها، وأخلاقها وأدبها، الله يرحمها دي كانت ماترفعش عينها من الأرض والابتسامة .. الابتسامة يا بيه مافرقتش بوقها لغاية ما ماتت.

 

ــ في منزل “زينب” الحقيقي

وينقل المخرج محمد كريم مشهد الحزن الذي خيم على أهالي كفر غنام وهم أمام منزل زينب الحقيقي، أو البطلة الحقيقية لرواية “زينب”، والتي من سيرتها كتب الدكتور محمد حسيم هيكل روايته ومنها أخرج محمد كريم نسختيه من فيلم زينب.

يقول كريم: وأمام بيت متداع وقفنا وطرق أحدهم الباب، فسمعنا من الداخل صوتا ضئيلا، وفتح الباب عن امرأة عجوز متهدمة، وسألها سائل: ده بيت مين يا خالة؟، فقالت له: ده بيت زينب الإمام الله يرحمها .. راحت .. وراحت أيامها الحلوة، دي ماتت من 25 سنة يا ولادي". وزرت بقايا هذا المنزل والغرفة التي عاشت وماتت فيها زينب.

بعدها خرجنا في صمت وذهول وسرنا في الطريق الذي كانت تقطعه إلي الشجرة والعمدة يحدثني في خفوت عن أسرتها، ماتت زينب وكذلك لحقتها أختاها بعد زواجهما بثلاثة أشهر وتبعهما الأب والأم. وهكذا قدر لهذه الأسرة أن تنقرض والجميع ناقمون علي أبويها لإرغامهما زينب علي الزواج من حسن الثري، كانت لا تحبه، لهذا قضت نحبها.      

فيلم زينب في نسخته الصامتة 

 

ــ أمام مقبرة زينب

ويضيف المخرج محمد كريم: قطع حبل الصمت والاسترسال في التفكير صوت “جمال الدين بك” يدعونا إلي مقبرة زينب. حتي إذا وصلنا إلي المقابر تقدمنا العمدة حتي وقف أمام قبر مهدم عبثت به يد الأيام، فقالوا قبر زينب، وعندها تمشت رعدة قوية في جسمي وسرت في الجميع روح الحزن فارتفعت أصواتهم بالفاتحة.

وتتابعت الزفرات فانهمرت دموعي حارة وأنا أسأل نفسي: هنا صوت زينب في ضجعتها الأخيرة؟ قفلنا راجعين والحزن يشملنا ولا كلمة نسمعها طول الطريق غير "الله يرحمها زينب الإمام، تنبعث من قبل كل سائر.

بخطوات متثاقلة، وفي صمت ووجوم أدرنا وجوهنا وقفلنا راجعين ونحن نتعثر بارتفاعات وانخفاضات المقابر المجاورة حتى انتهينا منها وعدنا إلي وسط القرية وما كانت تسمع غير وقع أقدام الجماعات والزفرات الحارة تنبعث في الصدور المشحونة يتمتم أصحابها بين الفينة والفينة ببعض الكلمات.