رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"عزبة البهايم" تثير جدل الكتابة بالعامية المصرية

عزبة البهايم
عزبة البهايم

أثار صدور رواية مزرعة الحيوان لجورج أورويل مترجمة بالعامية المصرية بعنوان "عزبة البهايم" ترجمة مجدي عبدالهادي عددًا من ردود الفعل في المشهد الثقافي المصري والعربي واستعاد إلى الواجهة المعركة القديمة بين  الكتابة بالفصحى والعامية المصرية.

“الدستور” ترصد ردود فعل المثقفين المصريين والعرب تجاه الكتابة بالعامية:

سامح محجوب: العامية المصرية الحالية لا علاقة لها بالمصرية القديمة

أشار الكاتب والشاعر سامح محجوب عبر صفحة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إلى أن العامية المصرية الحالية لا علاقة لها بتاتًا لا باللغة المصرية القديمة ولا بالدارجة المصرية القديمة قبل الإسلام، ومن ينادون بمصرية مصر ونسف سياقاتها العربية على أساس اللغة والدين محض مؤدلچين ومتعصبين بالضرورة، والعامية.

ولفت محجوب إلى أن "المصرية الحالية إحدى مستويات اللغة العربية الفصيحة صوتًا وأبجدية وعائلة، ولايضير مصر أبدًا أن يكون لها أكثر من بُعد حضاري بل على العكس تمامًا يثريها ويقويها ويحقق لها فكرة الدولة، والعامية المصرية بالقياس للغة العربية فقيرة جدًا وبلا منتج معرفي أو ثقافي وبلا تاريخ علاوة على محدودية خيالها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون الأجمل والأقرب.

وأشار محجوب إلى أن "الحديث عن جمود العربية وتوقفها عند المستويات الدنيا تعبيريًّا خطل كبير يمكن الرد عليه بما أنجزه وينجزه الشعر العربي من نقلة هائلة في إثراء العريبة على أكثر من مستوى، وكلامي هذا لا يعنى أبدًا مصادرتي لحرية الآخرين في الكتابة والترجمة بالدارجة المصرية ولنرى ما يمكن أن تحققه هذه التجربة من نتائج وأطالب من يفعلون ذلك أيضًا بالدفاع عن تجربتهم بالمعرفة والمنطق لا بهدم وتسفيه من يرونه آخرًا.

علي بدر 

علي بدر: الفصحى لغة حضارة كاملة 

وكتب الكاتب الصحفي والروائي والأكاديمي العراقي علي بدر عبر صفحة التواصل الاجتماعي  “فيسبوك”: "أول دعوة مرموقة طرحها مثقف عربي لاستبدال الفصحى بالعامية هو فارس نمر في العام 1888، عندما أصدر المستشرق "فيلهم سبيتا" كتابًا عن العامية المصرية" "لهجات المصريين العامية" داعيًا إلى ترك الفصحى والكتابة باللاتينية، انخرط فارس نمر في الدفاع عن فكرة سبيتا بقوة، أيده يعقوب صروف، وهاجمهما رشيد رضا بمقالتين مشهورتين.

تابع علي بدر "في الاربعينيات انخرط عبد العزيز فهمي في نقاش مماثل في القاهرة أيده أنيس فريحة في لبنان، ونيقولا يوسف وحمدي ابراهيم الملا. بعدها جاءت الدعوة الفينيقية من مي غصن وسعيد عقل حينها كتب "يارا ويردلي".

أضاف بدر: "ثم برز نقاش حاد بين أعضاء مجلة شعر حيث تفرد يوسف الخال بالدعوة العملية للعامية وكتب بها مقالات نقدية، عارضها آدونيس وشوقي أبو شقرا، وانفرط عقد مجلة شعر لهذا السبب، وهم ما أطلقوا عليه حاجز اللغة.

ولفت علي بدر إلى أن "بعض هذه الدعوات دون شك أيديولوجية تخص مكانة الأقليات داخل الجماعة العربية المسلمة ولكن بعضها الآخر هي نقاشات عقلية ثقافية محضة، نقاشات امتدت لسنوات، المضحك كلها أديرت بالعربية الفصحى وليس بالعامية، ثمة دعوات تصل الى القرن السادس عشر، مدرسة باسيلوس للعامية في روما. دعوات أخرى طرحها مستشرقون مرموقون مثل سيمون جارجي، كارل بروكمان، ويليام ويكليكس "أقل مكانة" كارلو وندنبرك، جاك بريسينيه.

وأشار علي بدر إلى أن "جاك بيرك الذي كتب كتابه المهم اللغات العربية إيحاء بأن اللهجات العربية هي لغات، كل هذه الحركات والدعوات فشلت لا لأسباب قومية كما يدعي القوميون ولا لأسباب دينية كما يدعي الدينيون، انما لديناميكية وحيوية اللغة العربية الفصحى. المقاربة مع اللاتينية كلغة دينية وانحطاطها الى اللهجات الرومانية مثل الفرنسية والإسبانية والإيطالية مقاربة خاطئة، اللاتينية لغة دينية وتوقفت عند حدود الشرع في البحث في الكتب المقدسة.

وأكد علي بدر، على أن " اللغة العربية لغة حضارة كاملة لم ولن تكن لغة دينية وان نزل بها القرآن. كتب بها مسيحيون أناشيدهم الطقسية، كتب بها أحبار اليهود قصصهم الروحية. جمعت شعراء الخمرة والمتصوفة والزنادقة والملعونيين بنفس الحرف، وتركت لنا آلاف المخطوطات في الادب الايروتيكي كما عدها صلاح الدين المنجد، عاشت العامية إلى جوارها ولم تقهرها ولم تحل محلها، طوال تاريخها استخدمت العامية استخدامات عملية وعاطفية وأعانت الفصحى ودخلت عليها حتى في الآداب، لكنها لم تقهرها أو تحل محلها. 

مجدي محمود: مؤمن بأن العامية المصرية هي لغتنا القومية 

في تصريحات سابقة لـ"الدستور أكد المترجم مجدي عبدالهادي: “إن دوافعي لترجمة الرواية للعامية المصرية هي أني مؤمن بأن العامية المصرية هي لغتنا القومية كمصريين”، مشيرًا إلى أنه لابد أن نكتب بها ونفتخر أيضًا، لأنها لغة في منتهى الجمال.

وتابع “انظر إلى كم الشعر والأغاني المكتوبة بالمصرية، وهو من أجمل ما كُتب في العالم، من بيرم التونسي لصلاح جاهين لمرسي جميل عزيز وأحمد فؤاد نجم وغيرهم. هؤلاء عمالقة يجب تدريسهم في المدارس”.