رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المُحاربات.. كيف تواجه «الرائدات المجتمعيات» زواج القاصرات والختان والشائعات؟

المحاربات
المحاربات

تولى وزارة التضامن الاجتماعى أهمية قصوى لمحور الاستثمار فى الإنسان ضمن رؤية مصر ٢٠٣٠، تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية فى هذا الشأن، إيمانًا بأن صقل المهارات ورفع كفاءة العنصر البشرى لا يقل أهمية عن مشروعات البنية التحتية الضخمة، وهو الضمانة الأساسية لاستدامة التنمية والحفاظ على أصول الدولة وحسن استغلال الموارد.

وتعمد «التضامن» لنشر الوعى بجملة من القضايا الأساسية وتغيير السلوكيات السلبية فى القرى الأكثر احتياجًا ومناطق السكن البديل، بهدف التمكين الاقتصادى للفئات الأولى بالرعاية وصون حقوق الأطفال والأمهات ورفع الوعى بالطرق السليمة لإنشاء الأسر وتربية النشء، وشرح الخدمات المتاحة لكل فئة وآلية الحصول عليها، عبر الاستعانة بآلاف الرائدات المجتمعيات بعد إدراجهن فى تدريبات احترافية متخصصة.

خطة لرفع العدد إلى 20 ألفًا.. واستهداف 4 ملايين أسرة سنويًا 

قالت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، إن الوزارة توظف الرائدات فى نشر التوعية بالقضايا الأساسية مثل تنظيم الأسرة وختان الإناث، عبر الاستعانة بنحو ١٥ ألف رائدة، ومن المقرر زيادة عددهن إلى ٢٠ ألف رائدة، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية فى هذا الشأن.

وأضافت: «نولى أهمية للمناطق الريفية والنائية وسكان المناطق المطورة بديلة العشوائيات بهدف تصحيح وتصويب المفاهيم والأفكار الخاطئة، كما وجه الرئيس بمواصلة الجهود التى تبذلها الرائدات الريفيات لرصد وحل المشكلات المجتمعية الشائعة على أرض الواقع، وبلورة أفضل السبل لتنفيذ الحلول المناسبة لها، من خلال عدة محاور تختص بالخدمات والتوعية، إضافة إلى التنسيق مع الجمعيات الأهلية والقيادات المحلية لتيسير مهمتهن».

وذكرت أن الرائدات الاجتماعيات يركزن على الوصول إلى أصحاب الهمم، عبر حملات طرق الأبواب وحصر وتسجيل البيانات لشرح أهمية ومميزات بطاقة الخدمات المتكاملة، مشيرة إلى أن حملات التواصل المجتمعى تستهدف نحو ٤ ملايين أسرة سنويًا.

نماذج مُشرفة: نستعين بالشيوخ والقساوسة لإقناع الأهالى

كشفت وفاء سيد على، رائدة اجتماعية بإدارة شرق الإسكندرية، أنها بدأت فى العمل لخدمة المجتمع فى ٢٠٠٧، وكانت من أبرز مَن ساهمن فى البحث عن الأسر المستحقة للدعم النقدى المشروط «تكافل وكرامة» فى ٢٠١٥، وفى توجيه المستفيدين لباقى الخدمات التى توفرها الوزارة، ومنها رسائل برنامج «وعى» للتنمية المجتمعية.

وحسب خطة عمل الرائدات الاجتماعيات، فإن نصيب «وفاء» من الأسر الواجب متابعتها وزيارتها نحو ٢٠٠ أسرة، موضحة أنها أنشأت جروب واتس آب، وتواصلت من خلاله مع ١٣٧ أسرة حتى الآن، من إجمالى الأسر الـ٢٠٠ التى تتابعها.

وقالت: «أرد على أى سؤال ممكن أن يفيد السيدات، أما لو كان السؤال شخصيًا، يخص وسيلة تنظيم أسرة أو ضرب أحد الأبناء مثلًا، أطلب من صاحبة السؤال أن تتواصل معى فى محادثة خاصة، سواء كتابة أو رسالة صوتية، وأنا أرد أيضًا برسالة صوتية، وأحيانًا بيكون لازم أتكلم معها تليفونيًا».

وتابعت: «لاحظت أن هناك بعض المستفيدات من خارج الأسر التى يفترض أن أتابعها، يطلبن إضافتهن للجروب، للاستفادة».

وتوجه «وفاء» طلبات الحصول على مشروعات للتمكين الاقتصادى إلى بعض الجمعيات الموجودة فى نطاق عملها، وتوفر هذه الفرص للسيدات من الأسر الأولى بالرعاية، موضحة: «أتواصل مع جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية، وجمعية مدينة النور، التى تنظم بها بعض ندوات التوعية، وجرى عقد لقاءات لبرنامج (فرصة) التابع لوزارة التضامن الاجتماعى، لتوفير فرص عمل للأسر الأولى بالرعاية، والتى نظمت نحو ٤ لقاءات لـ(فرصة)، كل لقاء حضره أكثر من ٦٠ مستفيدًا، وكلهم ملأوا استمارات لطلب فرص توظيف».

وتستخدم «وفاء» جروب الـواتس آب لإبلاغ الأسر المستفيدة من «تكافل»، بآخر ما ترسله الوزارة من خدمات.

من جهتها، قالت هدى سميح، من محافظة الغربية، خريجة معهد فنى تجارى، رائدة اجتماعية بوزارة التضامن، إنها تعمل فى هذا المجال منذ عدة سنوات، مؤكدة أن هناك مؤشرات إيجابية كبيرة للنصح والإرشاد المقدم لهم خاصة بقضايا زواج الأطفال من ١٨ سنة وأيضًا ختان الإناث على الرغم من كونها عادات موروثة منذ مئات السنين.

وأضافت: «لاحظنا وجود معدلات استجابة عالية، وأحيانًا نضطر للاستعانة بالشيوخ والقساوسة لما لهم من كلمة مسموعة بين الأهالى، وأوقات تتم الاستعانة بقصص واقعية انتهت بشكل مأساوى».

وأكدت أن الرائدات يلعبن دورًا مهمًا فى كل الحملات التى تطلقها الوزارة وآخرها حملة «عشان أولادكم.. احسبوها صح» للتوعية بقضايا الأسرة والتنمية، والتى تستهدف القضايا المؤثرة على مؤشرات ومعدلات التنمية وخصائص الأسر الأولى بالرعاية، منها مكافحة عمل الأطفال والتسرب من التعليم وزواج الأطفال وتنظيم الأسرة، والتمكين الاقتصادى للأسر الأولى بالرعاية وصحة الأم والطفل. 

تدريبات متخصصة لصقل المهارات.. وتغطية تأمينية وعقود

أكدت الدكتورة جاكلين ممدوح، مدير الإدارة العامة لشئون المرأة بوزارة التضامن، أن الرائدات الاجتماعيات لهن دور مهم فى رفع الوعى المجتمعى وتغيير السلوكيات السلبية وتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة فى المجتمع وتعزيز القيم الإيجابية من خلال رسائل برنامج وعى للتنمية المجتمعية، التى تتضمن مناهضة زواج القاصرات، وتنظيم الأسرة، والتوعية بمخاطر جريمة ختان الإناث.

وشددت على أن وزارة التضامن تولى ملف الرائدات الاجتماعيات أهمية خاصة عبر صقل مهاراتهن من خلال إدراجهن فى برامج تدريبية متخصصة لبناء قدراتهن وتوفير الأدوات اللازمة التى تساعدهن على أداء جميع المهام الموكلة إليهن بكفاءة ويسر، مع شمولهن بتأمين اجتماعى وعقود عمل تطوعية تكفل لهن جميع الحقوق.

وقالت: «هناك أهمية أيضًا لدمج أصحاب الهمم وتحويل الإعاقة لطاقة، والاهتمام بصحة الأم والطفل، والتحذير من الإدمان، والتأكيد على أهمية النظافة الشخصية، ومكافحة التسرب من التعليم، والهجرة غير الشرعية، ودعم الطفولة المبكرة، والتأكيد على مفاهيم المواطنة واحترام الاختلاف وحسن التربية دون اللجوء إلى العنف والإهانة». وأشارت إلى أن الرائدات تشاركن فى مختلف برامج الوزارة، ويرتكز عملهن على تنفيذ أنشطة التواصل المباشر مع الأسر المستهدفة من خلال برنامج للزيارات المنزلية أو الندوات، ومسوح البيانات الديموجرافية، واستيفاء استمارة رصد سلوكيات الأسرة التى يجرى تحديثها كل ٤ أشهر للمساهمة فى تصميم مرصد للسلوكيات للعمل على تغيير السلوكيات السلبية. وواصلت: «شاركت الرائدات فى الآونة الأخيرة فى العديد من الحملات التوعوية التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى وأحدثها حملة (التربية مشاركة) التى استهدفت مليونًا و١٥٩ ألف مستفيد ومستفيدة من خلال الندوات، ونحو مليونين و١٥٤ ألف أسرة من خلال الزيارات المنزلية».

ولفتت إلى أن الرائدات شاركن أيضًا فى حملة «علشان أولادكم.. احسبوها صح» التى تضمنت قضايا عمالة الأطفال، وزواج القاصرات، والتسرب من التعليم، والتمكين الاقتصادى، وتنظيم الأسرة، واستهدفت مليونًا و٢٥٣ ألف رجل وسيدة من خلال الندوات، إضافة إلى مليونين و٢٦٦ ألف أسرة من خلال الزيارات المنزلية.

وأشارت إلى أن الرائدات حلقة الوصل بين المجتمع وخدمات وزارة التضامن الاجتماعى والوزارات والجهات الأخرى، حيث تطلعن بتعريف الأسر المستهدفة بجميع الخدمات وكيفية الحصول عليها وتتابع حصولها على الخدمات.

استخدام اللهجات المحلية والمطويات الورقية لشرح أبعاد كل قضية

فى سبيل تحقيق أهداف الحملات وخطط التوعية تستخدم الرائدات عدة أدوات وأساليب لشرح أبعاد كل قضية ومبادرة وخدمة، منها مقاطع الفيديو القصيرة وقصص النجاح، والزيارات المنزلية والمطويات الورقية المصورة التى تضم أسئلة وأجوبة أساسية.

ويصل متوسط عدد الزيارات المنزلية لكل رائدة إلى ١٠٠ زيارة شهريًا بواقع ٥ زيارات يوميًا، مع التركيز على شرح فلسفة مشروطية برنامجى «تكافل وكرامة»، كما يجرى اختيار الرائدة من القرية المستهدفة نفسها، لتتمكن من استخدام اللهجات الدارجة لضمان إيصال المعنى الدقيق لكل كلمة.

وتعمل الرائدة المجتمعية على توعية الأسر بقضايا برنامج «وعى» الذى يضم ١٢ قضية هى: صحة الأم والطفل، والتمكين الاقتصادى، والإدمان، ومناهضة ختان الإناث، و٢ كفاية، والحد من التسرب من التعليم، وتحويل الإعاقة لطاقة، والنظافة صحة وسلامة، والاتجار بالبشر. وتشارك الرائدات فى حملات مناهضة زواج القاصرات تحت شعار «جوازها قبل ١٨ يضيع حقوقها»، واستهدفت ١.٦ مليون أسرة من أسر «تكافل وكرامة»، التى لديها أبناء فى المرحلة العمرية بين ١٥ و١٨ سنة، المرحلة العمرية الأكثر عرضة لحدوث زواج أطفال.

كما تشاركن فى حملة مناهضة العنف ضد الفتيات والنساء من الفئات الأولى بالرعاية بعنوان «امسكوا طرف الخيط وشاركوا فى القرار»، واستهدفت مليونى أسرة بـ٢٧ محافظة، ومناهضة الممارسات الضارة واستهدفت ١.٢ مليون أسرة، وتنفيذ حملة «علشان ولادكم.. احسبوها صح» حول قضايا الأسرة والتنمية لدى الفئات الأولى بالرعاية، التى تؤثر على مؤشرات ضبط النمو السكانى وخصائص تلك الأسر أيضًا.