رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتب أشرف أيوب يتحدث عن طقوس المصريين فى "صوم العذراء" (حوار)

التراث الشعبى للعذراء
التراث الشعبى للعذراء مريم

يشتهر شهر أغسطس من كل عام باحتفالات الأقباط بصوم القديسة العذراء في تلك الأيام، الذي بدأ يوم 7 أغسطس، ويستمر لمدة 15 يوما حيث ينتهى فى 22 أغسطس.

ويذهب الكثير من المصريين إلى الكنائس والأديرة الموجودة بمصر على اسم السيدة العذراء مريم للتشفع بها، طالبين منها "المعونة"، إذ يقفون أمام أيقونتها طالبين البركة، وأن تسد عوزهم وتفرح قلوبهم وتُكثر خيرهم.

وتُعرف هذه الأيام من العام بطقوسها المصرية الشعبية الخاصة، وبهذه المناسبة حاور "الدستور" الكاتب أشرف أيوب، الباحث في التراث الشعبي، حول أبرز الطقوس الشعبية للمصريين أثناء صوم العذراء مريم.

ما الذي يذكره التاريخ عن صوم العذراء مريم؟

قال ابن العسال فى عام (1260م) فى كتابه “المجموع الصفوى”: صوم السيدة العذراء أكثر ما يصومه المتنسكون والراهبات وأوله أول مسرى، وعيد السيدة فصحه. 

أما بحلول القرن الرابع عشر الميلادي شاع هذا الصوم بين الناس كلهم، ومع إنه خمسة عشر يوما فإن البعض ينذر أسبوع صيام قبله ليكون 21 يومًا.

ماذا يأكل الأقباط في هذه الأثناء؟

يجوز في صوم "العذراء" أكل السمك لكن البعض يمتنع عنه، ويصومه البعض بالخبز والملح، ومعظم أقباط الصعيد يتناولون طبق "شلولو".

وما حكاية طبق "الشلولو" في الصعيد؟

هو عبارة عن ملوخية "ناشفة"، يضاف إليها القليل من الماء، والتوم، والملح، والليمون، وتقول بعض الروايات عن هذا الطبق إن العذراء أثناء رحلة العائلة المقدسة إلى مصر لم تجد ما تأكله، فأعطاها البعض قليلا من الملوخية "الناشفة"، فوضعت عليها ماء وتناولتها.

كما يتندر البعض بهذه الوجبة قائلين: إن "شلولو" طبيخ الست على الفرشة، لسهولة إعداده، أيضًا جرت العادة أن تهدي السيدات القبطيات هذا الطبق لجاراتهن المسلمات فى الأعياد والمناسبات مثل أطباق الكعك التي يهديها المسلمون للأقباط، والمدهش أن بعض المسلمات يحرصن على صيام العذراء تبركا وحبا لها. 

وماذا عن الاحتفالات الشعبية المرتبطة بـ"العدرا"؟

جرت العادات على أن يعلق الأقباط  صور العذراء على واجهات منازلهم وفى الشرفات، قديمًا، وكانوا يضعون أسفلها مصباحا مضيئا أو يثبتون حولها عقدا من النور كما يفعل المسلمون فى احتفالهم برمضان بتعليق الزينة والأنوار فى الشوارع.

وفى بعض النجوع والقرى التى غالبيتها مسيحيون فى الصعيد، يطوفون فى ليلة عيد العذراء بأيقونتها فى الشوارع والحوارى المحيطة بالكنيسة، ومع الألحان الكنسية يقولون "شلّاه يا عدرا"، وكانت تتدافع الجموع لنيل البركة بلمس الأيقونة وتقبيلها، وتزغرد النساء مع الطبل والزمر والتصفيق.

في سوهاج.. كيف يحرص شعبها على الاحتفال بالسيدة العذراء بشكل مختلف؟

نعم، ففى قرية "دير النغاميش"، يحتفل أهلها أثناء صوم العذراء بشكل مميز، حيث  يعلقون عقدا من العملات الورقية النقدية على الأيقونة التي تدخل كل بيوت القرية لتبارك أهلها. 

ويحتفظون بصورها في "حافظة نقودهم"، ويعلقونها فى سياراتهم، ويزينون بها منازلهم ويطلق المصريون أقباطا ومسلمين اسمها على بناتهم "مريم".

هل يرتبط مولد العذراء بحضارتنا المصرية القديمة؟

بالتأكيد، فيقام موالد العذاء في كل بلد به كنيسة أو دير باسم العذراء، كما أن صورة "العذراء مريم وهى تحمل ابنها يسوع تستدعى فى ذاكرة المصريين صورة "إيزيس وهى تحمل ابنها حورس" كاستمرارية للحضارة المصرية.

هناك بعض الأناشيد والترانيم المحفوظة بذاكرة المصريين.. حدثنا عنها

نعم، هناك مجموعة من الأناشيد والترانيم التي يتلوها الأقباط في احتفالات العذارء، نذكر منها، تلك التي تشير إلى ظهور العذراء على قباب كنائسها، وتحديدًا فى كنيستها بالزيتون عام 1968:

العدرا معانا في الزيتون جيانا 

فرحت قلوبنا بوجودها ويانا

 يا عدرا يا أم النور إملينا هنا وسرور

 يالا إظهري يالا طلي بنورك طلَّة

 

 كما أن هناك كثير من التراتيل لمدح العذراء منها:

رشوا الورد يا صبايا رشوا الورد مع الياسمين

 رشوا الورد وصلوا معايا العدرا زمانها جاية

 يا موالي ساعدوني في مدح مريم دعوني 

وأنشد الأوزان مغرم في البتول نور العيون

معروف أنه كلما زاد قهر الطبقات الشعبية ازداد تمسكها وتعلقها بالمعجزات والخوارق والغيبيات، حلمت بالبطل الشعبي الذى يُفرِّج كربها.

وفي زيارة الأديرة والكنائس القائمة باسم العذراء مريم ينشد الزائرون أغانيهم الشعبية فرحين بزيارة العذراء: 

على دير العدرا وديني       

زاد فرحي والرب داعيني

أمدح فيكِ بصوت رنان 

يا شفيعة يا أم الديان

تدعيني وأنا أجيكِ فرحان 

على دير العدرا وديني